شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أخطأنا ولا نكابر !

أخطأنا ولا نكابر !
هل تعتقد أن من يملك ضميرا حيا وبعض العقل يمكنه أن يتنصل من مسئوليته السياسية تجاه ما حدث فى مصر قبل أربع سنوات فى 30 يونيو الذى تمنيناه إصلاحا للمسار ونصرة للثورة فتحول الى كابوس وثورة مضادة رسمت مسارات للدم والكراهية والشقا

هل تعتقد أن من يملك ضميرا حيا وبعض العقل يمكنه أن يتنصل من مسئوليته السياسية تجاه ما حدث فى مصر قبل أربع سنوات فى 30 يونيو الذى تمنيناه إصلاحا للمسار ونصرة للثورة فتحول الى كابوس وثورة مضادة  رسمت مسارات للدم والكراهية والشقاق بين المصريين لم تتوقف حتى الآن؟

كل منصف لن يكابر فى تحمل المسئولية عما آلت إليه ثورة يناير ، لم يبدأ الخطأ في 30 يونيو 2013 فقط بل كان الخطأ من 11 فبراير 2011 حين جاءت لحظة التنحى ولم نكن نملك تصورا واضحا نتجمع عليه لإدارة الفترة الانتقالية وضمان تحقيق أهداف الثورة، رسموا لنا المسارات المشوهة وسلكناها بكل بلاهة ، تنازع الكبار على الكرسى ولم يتفقوا على مرشح واحد فتفتت الأصوات وجاءت النتائج ليست فى صالح الثورة ، فشلنا فى إقامة تنظيمات حزبية قوية تمارس العمل الجماعى وتقدم النموذج لإنكار الذات وتغليب المصالح الشخصية فتحولت الكيانات الجديدة لنماذج مشوهة من الصراعات الشخصية والأنانية والفشل الذى أضعف كل هذه الكيانات وجعلها كالعدم فى مواجهة ارتداد الثورة المضادة ، اختلقنا معارك تافهة حول الهوية والدستور قبل أن نرسى قواعد صارمة تضمن إقامة حياة ديموقراطية وتضمن عدم الردة للخلف ، جعلنا من بعضنا أعداء بعض ، دون أن نلتفت للخصم الحقيقى الذى كان سعيدا بخلافاتنا وتنازعنا ، انشغلنا عن الأفاعى التى انطلقت تعمل تحت الأرض  بدأب وجد لتشويه ثورتنا وتبغيض الناس فيها إلى أن خلقوا خصاما وقطيعة بين الناس والثورة وحملوا الثورة كل أسباب الفشل رغم براءتها من كل هذا ، جعلوا الناس يعاودها الحنين لمن سرقوهم وجلدوهم وأفسدوا حياتهم. 

تاهت عنا الأولويات فصار الانتصار للتيار الذى ننتمى اليه أو للرمز الذى نحبه أهم لدينا من أى إعمال للعقل وتوقّ للعواقب والمآلات ، عاندنا بعضهم فبادلناهم العناد ، تغابوا فتغابينا ، قذفونا بالصخر فقذفناهم بالحجارة، تركنا عقولنا لكبار – حسبناهم للأسف كبار – ووثقنا فى ما يقولون لكن كانت الفاجعة أن حديثهم وتصوراتهم كانت مجرد هراء لم يكن ينبغى علينا احتراما لعقولنا وأنفسنا أن نقتنع به أو نصدقه، كنا نقول لمن يحذروننا أن عقارب الساعة لن تعود للوراء وأن الاستبداد محال أن يعود لكن الحقيقة أن عقارب الساعة ارتطمت بميناءها وتهشمت تحت وطأة الاستبداد الذى عاد أكثر مما كان ، لم نجد الميدان الذى كنا نطنطن ونقول : الميدان موجود ، فقد أغلقت الدبابات الميدان وتم نزع حق التظاهر عن الجميع، استخدموا التظاهر واستغلوه حتى تحققت مخططاتهم وبعدها فطنوا إلى أن هذا السلاح يجب تدميره وتجريمه بقانون مشوه ومن تجرأ وخالف القانون المشوه منعه الرصاص الحى من الوصول لميدانه ! 

كيف أصابنا كل هذا الغرور؟ وكيف تحلينا بهذه الثقة المفرطة ولم ننتبه أن هذه الحشود سيتم غسل أدمغتها لتطالب بالاستبداد وبعودة الماضى بكل قبحه بحثا عن أمان زائف واستقرار ظاهرى ووعود معسولة أثبتت الأيام خواءها؟

لانجلد أنفسنا لكننا نتحمل قدرا كبيرا من المسئولية تمليه علينا ثقة الناس الذين صدقونا وسلكوا دربنا ، شئنا أم أبينا لم يكن المسار حتميا لهذا الضياع وهذه النكسة، وليس مبررا لأنفسنا أن نقول الآن أننا كنا مجرد رد فعل لسلطة غبية وجماعة حمقاء أجبرتنا على اللعب بالنار التى حرقتنا جميعا ، كان علينا أن نكون أكثر حكمة ووعيا بعواقب الأمور. 

عزاؤنا أننا استفقنا سريعا ولم نفوض بقتل ولم نرض ولم نسكت عن قطرة دم سالت من مظلوم ووصفنا المذبحة بأنها مذبحة دون تملق وخوف، رفضنا هذا المسار الجديد بدستوره وسلطته وشخوصه ودفعنا ثمن ذلك، لكننا للأسف لم نستطع وقف قاطرة الجنون التى قادت الوطن للتشظى والكراهية والضياع. 

نحن نعتذر بلا مواربة ولا كناية ونقول بكل صراحة لقد أخطأنا ولن يكفر خطأنا سوى العمل لإصلاح ما فسد حتى يخرج كل معتقل مظلوم وحتى تبرد نار أم كل شهيد وحتى يأمن كل مُطارد بلا جرم ويعود لوطنه. 

لن ننجر للمنابذات ولن نشارك فى اللطميات والمراثي ولا المعارك التافهة التى لن يستفيد منها سوى الاستبداد في اثارة الكراهية وتوسيع الفجوة النفسية بين المصريين، المطرقة الان تهوى على كل الرؤوس وواجب الوقت أن نبعد هذه المطرقة حتى لاتحصد مزيدا من الأرواح. 

ليس معقولا أن يوضع السيف على رقابنا فنترك السيف ونتشاجر ونتبادل الاتهامات حول من أتى بالسيف ومكنه من رقابنا ، من يقول أنه بلا خطأ فهو أحمق لا أمل يرتجى منه، أخطأ الجميع بلا استثناء – مهما كان التفاوت فى حجم الأخطاء وكارثيتها – لكن الوقت هو وقت تصحيح الأخطاء ومراجعة الذات وليس الانتصار فى معارك كلامية وعقد نفسية متبادلة. 

هناك راية للعدل والكرامة والانسانية يجب أن ترتفع ويستظل بها كل مخلص مجرد من الهوى، وهؤلاء كثيرون حتى ان لم يستطيعوا التجمع فى كيان أو التعبير عن أنفسهم كما ينبغي، نحن نحب هذا الوطن ولا نرضى هدمه ولا هدم مؤسساته مهما لقينا منها من عنت وجور ، لا نريد للوطن سوى كل خير ، هذا ما نزلنا لأجله فى يناير وسنظل نعمل من أجله مهما قُيدت حركتنا وأوصدت الأبواب فى وجوهنا ، قد لا نملك الأن سوى كلمة حق نكتبها وننشرها للناس ،سنظل نرددها وسنظل نُبشر بالأمل حتى لا تقبل النفوس الانكسار وترضى بالهزيمة ، يقيننا أن كل ظلام يعقبه ضياء وأن الأيام يداولها الله بين الناس ،فلن يخلد ظلم ولن ييأس مظلوم ولن تتغير سنن الله فى الكون ، غدا أفضل بنفوس تترك التنابذ واللوم وتنظر للمستقبل بعد أن تتعلم من أخطاء الماضى ودروسه ومآسيه ، هدانا الله جميعا لذلك وغفر لنا ما مضى ..



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023