شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ذا نيشن»: تصاعد العنف والعنصرية في أميركا نتيجة لحروبها في الشرق الأوسط

بعد أحداث العنف التي تشهدها الولايات المتحدة في الفترات الأخيرة وتصاعد الأعمال الإرهابية من مواطنين محليين، سواء في أميركا أو أوروبا، ولأغراض محلية عنصرية أو قومية؛ هل تصبح أميركا شرقًا أوسط جديدًا؟

تقول مجلة «ذا نيشن» الأميركية إنّ الأميركيين تشابكوا طوال العقود الماضية مع أحداث الشرق الأوسط، حتى إنهم بدؤوا في تشكيل مصطلحاتهم الخاصة بناءً على ما يحدث هناك، وظهرت أسئلة من قبيل: «هل يحتاج قيادة سيارة وسط المتظاهرين إلى تكتيك معين؟ هل تدمير تماثيل الولايات الكونفيدرالية مساوٍ لتدمير الآثار الآشورية القديمة؟ هل بشار الأسد قاتل أم حصن منيع ضد جحافل الأصولية؟».

بالعودة إلى الأحداث التي شهدتها «شارلوتسفيل»، تقول الصحفية «جويس كرم» إن القوميين البيض الذين نظّموا التظاهرة في «شارلوتسفيل» محبون لبشار الأسد، وزار زعيمهم رئيس حركة «كو كلوكس كلان» العنصرية دمشق من قبل وأبدى إعجابه الشديد ببشار، وكان يجذبهم دائمًا خطاب حزب البعث المعادي للسامية و«إسرائيل».

كما أنهم معجبون أيضًا بالاتحاد الروسي معقلًا للبيض، إضافة إلى أن فلاديمير بوتين وضع القوات الجوية لبلاده في خدمة بشار، ويرى اليمينيون الأميركيون وبوتين أنّ بشار حصن منيع ضد الإرهاب الإسلامي.

في الربيع الماضي، ضرب الرئيس دونالد ترامب سوريا بصواريخ كروز، بعد مزاعم باستخدام نظام بشار غاز سارين السام لضرب المدنيين. وقالت شبكة «بريتبارت» التي تعبر عن صوت اليمينيين، أثناء رئاسة ستيف بانون مساعد ترامب السابق لها، إنّ «إيفانكا ترامب» صاحبة هذا الاقتراح.

وقالت المجلة إنّ هتافات العصابات اليمينية المتطرفة في «شارلوتسفيل» نهاية الأسبوع الماضي، التي جاء فيها: «لن تستبدلونا، لن يحل اليهود محلنا»، عكست شعورهم بنظريات المؤامرة تجاه العولمة، التي تتعامل مع المصالح التجارية اليهودية؛ وأدّت -بحسب رؤيتهم- إلى تصدير الوظائف الأميركية إلى الخارج واستيراد العمالة الرخيصة. وقالت الصحيفة إنّ هذه افتراءات لها تاريخ طويل يعود إلى أبيهم الروحي «تشارلز كافلين» في ثلاثينيات القرن الماضي، لكن ربطها بـ«إسرائيل» والشرق الأوسط في الوقت الحالي هو الجديد.

ووصفت «الدايلي بست» ووسائل الإعلام الأميركية اقتحام المسيرة في شارلوتسفيل بسيارة وأدى إلى مقتل متظاهرة وإصابة 19 آخرين بأنه هجوم إرهابي على غرار هجمات تنظيم الدولة، وهو تكتيك يستخدمه «الذئاب المنفردة» لإطلاق هجماتهم؛ كما حدث في هجوم نيس بفرنسا والهجوم الإرهابي على جسر لندن وغيرها.

ولم يتوان اليمينيون المتطرفون عن استخدام هذا التكتيك في ثأر واضح؛ فقاد بريطاني شاحنة ودعس مصلين في لندن بعد أدائهم صلاة التراويح في يونيو الماضي، وهو الهجوم الذي أسفر عن مقتل شخص وإصابة 11.

ومن المفارقات، بحسب الصحيفة، أنّ منفذ الهجوم في شارلوتسفيل «جيمس فيلدز» يشبه أفراد تنظيم الدولة في أوروبا؛ يؤيد النازية الألمانية، وحاول الانضمام إلى الجيش لكن سُرّح بعد التدريب الأساسي؛ لأنه لا يفي بالمتطلبات الأساسية، واشتكت والدته قبل ذلك من محاولته تهديدها بسكين، إضافة إلى أنه كان يعاني من نوبات غضب؛ وهو ما كان يعاني منه أيضًا منفذ هجوم نيس محمد بوهلال.

والجدل الذي يمكن التنبؤ به، بحسب المجلة، هو ما إذا كان من الممكن وصف منفذ هجوم شارلوتسفيل بالإرهابي بدلًا من وصفه بالمتهور الذي وصل إلى حالة من الغضب دفعته إلى القتل. فبينما يرى البعض أن استخدام مصطلح إرهابي قد يفضي إلى توسيع القوانين المحلية المناهضة للحريات، يرى آخرون أنه إذا كان «فيلدز» مسلمًا فلن يكون هناك بشأن التسمية.

هذا النقاش مطروح شبيهه في منطقة الشرق الأوسط حاليًا؛ إذ الجدل بشأن تسمية المعارضين في سوريا، فهناك من يغضب لإلصاقهم بالقاعدة أو تنظيم الدولة، وهناك من يرى أنهم أرادوا التخلص من طغيان حزب البعث فقط.

وفي لبنان، ترى النخبة السياسية أنّ جماعة حزب الله ليسو إرهابيين، بينما الولايات المتحدة و«إسرائيل» تريانهم كذلك؛ وأدى هذه الطابع المضطرب لتعريف الجماعات الإرهابية إلى افتراض ترامب بأن الحكومة اللبنانية حليف له ضد حزب الله، الذي كان جزءًا من الحكومة اللبنانية لسنوات عدة.

في أعقاب أحداث شارلوتسفيل، نظّم اليساريون تظاهرات احتجاجًا على مطالب القوميين البيض، وأزالوا تمثالًا كونفدراليًا في مدينة دورهام بولاية نورث كارولينا، وشُبّه بهجمات تنظيم الدولة ضد المواقع الأثرية التاريخية، التي يعتبرونها من معالم الوثنية ومن أعمال الشيطان.

لكن، بحسب الصحيفة، هذه التماثيل التي أقيمت معظمها أوائل القرن الماضي أو في منتصفه تلفت إلى الحركة القومية البيضاء التي نشأت في ولايات الجنوب ورفضت الحقوق المدنية للسود عبر قوانين «جيم كرو» التي اعترفت بالفصل العنصري بين البيض والسود، وهي ثقافة العبيد.

وتاريخيًا، عبّر الجناح اليمني الأميركي عن فرحته عندما هدم الروس والسوفييت تماثيل ستالين، وفي عام 2003 دبرت إدارة بوش هدم تمثال صدام حسين في العراق، وتقول المجلة إنه لا يمكن معالجة أمر التماثيل الكونفيدرالية إلا إذا وضعت في سياقها التاريخي. هم يريدون الحفاظ على تاريخهم، لكن في الوقت نفسه يؤيدون تدمير تاريخ الآخرين.

وقالت إن الأحداث الداخلية الدائرة الآن في أميركا ليست من قبيل الصدفة؛ إذ ساهمت فيها الحروب الإمبريالية الأميركية التوسعية التي انتهجتها ضد الشرق الوسط في العقود الماضية، وغيّرت من شكل المنطقة وتكوينها؛ إذ دعم «ريجان» حرب العصابات ضد الاتحاد السوفييتي في أفغانستان في فترة الثمانينيات، وهو ما ساهم في ظهور تنظيم القاعدة ومن ثم تنظيم الدولة، وحديثًا بحث بوش عن المبررات لقيادة هجمات عسكرية ضد الشرق الأوسط بعد هجمات 11 سبتمبر؛ وهي كلها عوامل ساهمت في تشكيل ما يحدث داخليًا في أميركا.

وفي نهاية مقالها، وصفت المجلة ما تفعله وسائل الإعلام الأميركية، من تسليطها الضوء على التهديدات الإرهابية الأجنبية وتجاهل ما يفعله القوميون البيض في الداخل، بالأمر الخطير؛ مؤكدة أن حروب أميركا في الخارج هي التي ساهمت في تدهور السياسة الداخلية وتصاعد نبرات العنف والعنصرية.

المصدر



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023