شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ذي أتلانتيك»: مفاجأة المصالحة الفلسطينية: حماس وفتح ضعيفتان و«عباس» منبطح للاحتلال

د

بدا المشهد مألوفًا للغاية: جمع من الفلسطينيين التابعين للمتناحرتين «حماس» و«فتح»، وممثل لدولة عربية شقيقة يرعى المصالحة؛ كلهم ​​على منصة صغرى يتبادلون المصافحات أمام أعين لا حصر لها من الصحفيين وكاميراتهم. وُقِّع الاتفاق بين الطرفين الخميس الماضي ليبدو كما لو أنّ الانقسام الطويل الأمد ولّى عهده وبدأ عهد جديد من الوحدة في السياسة الفلسطينية؛ لكنّ المشهد الفلسطيني شهد مصالحات مثله أيضًا وفشلت فيما بعد، وفقًا لما نشرته صحيفة «ذي أتلانتيك».

وأضافت، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ الساحة الفلسطينية شهدت على الصعيد السياسي اتفاقيات مصالحة إبّان العقد الماضي بين الفصيلين المتناحرين بسبب الخلاف الذي نشب عقب وصول حماس إلى السطلة في قطاع غزة وفوزها بانتخابات عام 2006.

فيلم مكرر

هذه المرة، الرجال الأكبر سنًا وقيادات حماس تغيروا، وتولّى كبار قادة جناحها المسلح القيادة؛ لكنّ هذا فيلم شاهده الفلسطينيون مرات عدة؛ إذ توقّع اتفاقات المصالحة ولا تُنفّذ على أرض الواقع. وحتى مع حكومة الوحدة التكنوقراطية 2014، المعينة من فتح وحماس والمؤلفة من أعضاء غير منتسبين سياسيًا، لم يكن لدى الفصائل الإرادة في التخلي عن السلطة؛ ونتيجة لذلك احتل الوزراء مناصب شرفية إلى حد كبير.

وحتى اللحظة، كان ميثاق الوحدة رمزيًا وصوريًا في جوهره، ولا يزال يجب حل قضايا معلّقة. وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إنه لن يوافق على «نموذج حزب الله» آخر في الأراضي الفلسطينية؛ وهذا يعني أن كتائب القسام -الجناح العسكري لحماس- يجب أن تتجرد من أسلحتها وتسمح للسلطات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية بالسيطرة على غزة والمعابر الحدودية.

رفض حماس

أعرب عباس مرارًا وتكرارًا عن دعمه المستمر للتنسيق الأمني ​​بين السلطة الفلسطينية وجيش الاحتلال؛ وهو ما لن تقبله حماس. كما يدرك عباس أنّ الحكم الذاتي المحدود للسلطة الفلسطينية يقوم على حسن النوايا لدى «إسرائيل» وعلى الدعم المالي من المجتمع الدولي، الذي يعتبر بدوره حماس جماعة إرهابية.

وبالنظر إلى التجسيد الحالي لحماس، يُصبح من الصعب رؤية آلية تضمن تمويل أميركا والاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية في حال احتوائها حماس؛ ما لم تتخذ الجماعة الإسلامية تدابير صارمة، مثل فصل جناحها المسلح رسميًا عن الحزب السياسي.

كما أنّ تفاعل «إسرائيل» الحذر مع اتفاق الوحدة يجلب العوائق؛ إذ أوضح رئيس وزراء الاحتلال «نتنياهو» أنّه في ظل أيّ اتفاق للمصالحة ينتظر أن تعترف حماس بـ«إسرائيل» وتنزع السلاح، وهي شروط أكّدتها اللجنة الرباعية للوسطاء في الشرق الأوسط «روسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة».

ومن المرجّح أن تنظر حماس إلى هذه الشروط المسبقة باعتبارها حكمًا بالإعدام، والتخلي عن وسائل الدفاع الوحيدة، ومواصلة تعديل ميثاقها من شأنهما بكل بساطة إضعاف سلطتها وشرعيتها أكثر مما ينبغي، إضافة إلى المخاطرة بالانقسامات الداخلية.

وبالنظر إلى كثير من التعقيدات في المشهد، والصرامة العامة للسياسة بين الفلسطينيين؛ فالسرعة التي وُقّع بها على الاتفاق التمهيدي للمصالحة أمرٌ مثير للدهشة والاستغراب.

واُتُّهمت السلطة الفلسطينية حماس في مارس بإقامة «حكومة ظل»، بعد أن شكّلت «اللجنة الادارية» التي تحكم قطاع غزة، وخفّض عباس رواتب الموظفين المدنيين العاملين في غزة العاملين لدى السلطة الفلسطينية قبل تولي حماس السلطة.

كذلك خفّض عباس مدفوعات «إسرائيل» لحصول القطاع على الكهرباء، وسحب تمويل الرواتب؛ فأصبحت غزة غارقة في الظلام، ويعيش الناس يوميًا على ساعتين فقط من الطاقة الكهربائية، وتُلقى مياه الصرف الصحي من دون معالجتها في البحر؛ وحذّرت الأمم المتحدة من أنه إذا استمر تدهور الظروف فيمكن أن تعجز غزة عن التغيير في غضون سنوات قليلة فقط.

وفي الوقت نفسه، بدأت الشائعات تروّج أن حماس تعمل على صفقة مع رئيس الأمن السابق في غزة والمقرب من عباس «محمد دحلان». ووقّع اتفاق في يونيو الماضي بين حماس ودحلان، الذي وعد بإنهاء حصار مصر على غزة عبر فتح معبر رفح، وتقديم المساعدات من الإمارات، حيث يعيش دحلان في منفاه.

وبعد شهرين أعلنت حماس تأييدها لإجراء الانتخابات وحلّ الجنة الإدراية؛ ما يفتح الطريق أمام السلطة الفلسطينية لتولي مهامها في غزة. وفي هذا الأسبوع، ترأّس رئيس الوزراء الفلسطيني «رامي الحمد الله» أوّل اجتماع لمجلس الوزراء في غزة؛ كل هذه السرعة تلفت إلى عامل رئيس يسهم في اعتماد المصالحة المفاجئ، ألا وهو يأس حماس وضعف فتح.

وتركت ثلاث حروب وحصار فرضته «إسرائيل» ومصر على قطاع غزة أزمات اقتصادية وإنسانية وخيمة، ولم يتبق من حلفاء حماس سوى عدد قليل إقليميًا؛ بعد أن اضطرت قطر إلى خفض الدعم المالي لحماس وطرد أعضاء لها من الدوحة في أعقاب تعرّضها إلى ضغوط من جيرانها.

قمع الفلسطينين والانبطاح لـ «إسرائيل»

لم يسفر التزام الرئيس عباس بالسلام، الذي يشمل حل الدولتين، عن نتائج ملموسة هامة سوى انتصارات قليلة في مختلف الهيئات الدولية؛ وعلى الأخص صعود فلسطين إلى مراقب غير عضو في الأمم المتحدة. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، عندما وقّع اتفاق أوسلو مع «إسرائيل»، انتشرت المستوطنات في الضفة الغربية؛ وتحوّلت السلطة الفلسطينية إلى شبكة محسوبية بيروقراطية متضخمة يعتمد عليها قطاع كبير من السكان الفلسطينيين لقضاء سبل معيشتهم.

إضافة إلى ذلك، يواجه عباس أزمة المساءلة والشرعية؛ لأنه لا زال على رأس السلطة الفلسطينية، بينما انتهت ولايته منذ ستة أعوام، ويقول قرابة ثلثي الفلسطينيين إنهم راغبون في تنحيته؛ إذ توسّع القمع في الضفة الغربية وشمل الصحفيين والمعارضين السياسيين، وحتى أولئك الذين أعربوا عن انتقادهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

قرابة نصف الفلسطينين يريدون حلّ السلطة الفلسطينية نفسها؛ لأنّ ما صوّر على أنه وسيلة شرعية لإقامة دولة فلسطينية بات كيانًا مختلًا، يعتمد كليًا على المساعدات الخارجية، وينبطح لإرادة الاحتلال الإسرائيلي.

والواقع أنّ الاحتلال الإسرائيلي أمر لا يزال يعاني منه الفلسطينيون العاديون في جميع جوانب الحياة. على سبيل المثال، قدرتهم على التحرك بحرية داخل أراضيهم. فالقيادة الفلسطينية، وإن كانت معزولة إلى حد كبير عن الإهانات اليومية من الاحتلال، أدركت أنها بحاجة إلى الفوز لتعزيز الدعم الشعبي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023