شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بالرغم من الصراعات والانقسامات والقتل.. ليبيون: لا نندم على رحيل القذافي

القذافي

بعد ستة أعوام من الإطاحة بالقذافي، وبالرغم من الفوضى التي تعج بها ليبيا؛ يقول الثوار إنّ الثورة لا تزال تستحق بذل كثير من الجهد. وشهدت السنوات الست الماضية، منذ انتفاضة الشعب الليبي الناجحة لإنهاء حكم معمر القذافي، تقسيم البلاد بين الحكومات المتنافسة وجماعات مسلحة ومليشيات عرقية وشعب ممزق؛ ما جعل المشهد الليبي ضبابيًا بامتياز، حسبما نشرت «الجزيرة».

وأضافت، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ جبهة المعارضين الموحدة انقسمت إلى فصائل مسلحة لا حصر لها موالية لمدنها أو أيديولوجياتها السياسية أو الدينية أو داعميها الأجانب؛ وأدى النزاع المسلح إلى مقتل آلاف المقاتلين والمدنيين على حد سواء؛ ما أنتج تباطؤ التنمية الاقتصادية للبلاد، وأعطى مساحة للجماعات المسلحة، مثل تنظيم الدولة، لإشعال صراع في البلاد.

بينما أصبحت القوى الإقليمية، مثل مصر والإمارات، مشاركة بقوة في الصراع المعقد القائم في البلاد؛ عبر دعم الجنرال خليفة حفتر، وتنفيذ غارات جوية ضد خصومه. وأدى تدهور البلاد الكبير من الداخل والخارج إلى التساؤل عما إذا كان أفضل حالًا أثناء حكم القذافي الذي دام 42 عامًا!

حلم العودة

ليس هناك ما يدعو إلى الأسف لوفاة زعيم راحل، ولم يترك القذافي، الذي دعى نفسه «القائد»، سوى مجال ضئيل للتعبير السياسي المعارض، وأولئك الذين تجرؤوا على الانضمام إلى الحركات السياسية المعارضة معرضون لخطر السجن أو الموت.

وبفضل أجواء القمع، فرّ آلاف الليبيين من البلاد بحثًا عن منازل جديدة في دول عربية أخرى أو حتى أبعد من ذلك في أوروبا أو الولايات المتحدة، وكان من بينهم أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين والملكيين واليساريين، وقضى معظمهم عقودًا في المنفى، ولم يتوقعوا أبدًا رؤية وطنهم مرة أخرى حتى ثورة2011؛ إذ عاد الآلاف إلى بلادهم للانضمام إلى قضية الثوار.

ويقول بلال بالعلي، المقيم في بريطانيا ومن أصل ليبي، عن ثورة 2011: «الحمد لله، لقد أتيحت لي الفرصة للذهاب لوطني وها أنا أشارك في ما يحدث». هرب بلال وعائلته من البلاد بعد أن وُضع والده على قائمة المطلوبين من الحكومة الليبية، وقضى 32 عامًا في المنفى؛ حيث يعيشون بين أسكتلندا والمدينة الإنجليزية الوسطى في «برمنجهام».

ولمدة طويلة من زمن المنفى، لم يعتقد بلال أنّ حكم النظام السابق بقيادة معمر القذافي سينتهي؛ إلا في حالة واحدة فقط، وهي الموت الطبيعي، وأضاف: «حلمنا بالعودة إلى ليبيا، ودائمًا  ما كان هذا حلمًا بعيد المنال في آمالنا. ولكن، أعتقد أنّ نهاية القذافي لم تكن متوقعة على الإطلاق».

وأضاف: «مع معرفة ما حدث في تونس ومصر، تجلّى أمل واضح في ليبيا؛ ولكنّ الحقيقة أنه بسبب وحشيته المعروفة، وسحقه المعارضة في الماضي؛ لم أكن أعتقد أن موته ونهايته سيتحققان نهائيًا أو أنني سأتمكن من العودة إلى موطني».

ولكن، تحقق هذا الحلم بفضل حملة جوية قادتها منظمة حلف شمال الأطلسي «الناتو» ضد قوات القذافي، التي قادت حملة عسكرية شهدتها العاصمة طرابلس وقتل ثوار بعد ستة أشهر من بدء الانتفاضة. وفرّ القذافي إلى معقله في سرت؛ لكنّ الثوار الذين حاصروه وصادروا طائرات الناتو أفشلوا محاولة خروجه من المدينة، وكانت النتيجة فادحة للزعيم.

ثم أعقب مقتله شعور بالتفاؤل لبلال؛ لكن إعادة بناء ليبيا انهارت بعد سنوات من مقتل القذافي، مدعومة بتوفير كميات كبرى من الأسلحة والشبان دون إمكانية الحصول على وظيفة؛ بسبب اقتصاد البلاد الذي مزقته الحرب، وأضاف: «شعرت بالارتياح بأن مقتله سيكون نهاية الحرب وأنه لن يكون هناك مزيد من إراقة الدماء وسيكون الأمل والأمل فقط للمستقبل».

وقال باحثٌ في الأربعينيات من عمره إنّ وفاة القذافي لم تكن السبب المباشر لتقسيم البلاد كما هو الحال اليوم، والمشكلة ليست في ليبيا؛ بل يجب إلقاء اللوم على طموحات الجنرال خليفة حفتر، وقال إنّ «الانقسام والفوضى لم يأتيا مباشرة بعد وفاة القذافي أو نجاح الثورة؛ فلمدة سنتين ونصف كان هناك الأمن النسبي بالنظر إلى البنادق المنتشرة في الشارع. وعمومًا، كان الناس سعداء».

وأضاف الباحث: «عندما كان خليفة حفتر يقوم بانقلابه الفاشل في طرابلس، فذلك بمثابة الضوء الأخضر لبدء المعارك في بنغازي؛ وبدأ الوضع في ليبيا بالتدهور السريع».

حب الوطن

تمتلئ مجتمعات المهاجرين الليبية بقصص ومشاعر مماثلة؛ ففرت عائلة محمد مختار من ليبيا في عام 1999 أثناء موجة من الاعتقال لنظام القذافي، واستقرت في مدينة «مانشستر» الشمالية الإنجليزية. وبسبب ما وصفه محمد بأنه شعور بالوطنية وشوق إلى عودة ولده إلى وطنه الحر؛ انضم إلى قضية الثوار بعد وقت قصير من بدء الانتفاضة.

وقال: «لأنني نشأت في منزل كان معارضًا بشدة للقذافي، كنا نذهب دائمًا إلى الاحتجاجات في لندن ضد النظام. اعتقدتُّ حقًا أنّ النظام يجب أن يذهب عاجلًا أو آجلًا، سواء كنت في عمر 20 سنة أو 50، أردت حقًا أن أكون جزءًا من ذلك».

ويضيف: «ليبيا هي وطني الأبدي، لقد تحركت البلاد ضيقًا من الاضطهاد الشعبي، أردت تحقيق أهداف عظيمة؛ وليس هناك شيء أكبر من تحرير الشعوب» ومثل بلال، ألقى محمد مختار باللوم على الطموحات «الجشعة» للسياسيين والتدخل الأجنبي بعد الثورة لتدمير الانتقال إلى الديمقراطية. ومع ذلك، أصر على أن الذين يدّعون أن ليبيا كانت أفضل في ظل القذافي ليس لديهم تقدير حقيقي لحجم القمع في ظل حكمه.

وقال محمد: «أودّ أن أقول لأولئك الذين يعتقدون أنه كان من الأفضل أن يبقى القذافي: إذا كانت لديكم تجربة مع تذوق العذاب في المعتقلات لمدة شهر واحد، كما كان يحدث في ظل نظام القذافي، أنا متأكد تمامًا أنهم سيعرضون عن هذا الادعاء وسيأخذون جانب الثورة».

ويقترح أنّ «الحل للأزمة الحالية ليس إعادة القذافي إلى الحكم؛ بل أنّ نتذكر لماذا كانت لدينا ثورة في المقام الأول». ويرى بلال أنه على الرغم من ألم رؤية المذبحة القائمة حاليًا في بلاده؛ فالمشاكل التي تعاني منها ليبيا لا تلغي ضرورة إسقاط القذافي، ولا يزال مؤمنًا قويًا بالثورة.

يقول بلال: «أعتقد أنّ الثورة كانت ناجحة. ومع ذلك، التخلّص من الأسنان الفاسدة يكون دائمًا مؤلمً؛ لكن لا يزال يتعين التخلص منها وإنهاء كل أشكال حكم القذافي».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023