شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«الدمية المطيعة».. بشار الأسد ربح الحرب بتخليه عن إدارة بلده لروسيا وإيران

بشار الأسد

نشرت «شبكة الجزيرة» مقالًا للباحثة في شؤون الشرق الأوسط «ملك شابكون» سلّطت فيه الضوء على التدخلات الإيرانية والروسية في سوريا، وتشكيلها مستقبل بشار الأسد، ليس كحاكم رابح؛ بل كدمية مطيعة في أيديهما، موضحة أنه لا يسيطر على مقاتلي الجيش أو الاقتصاد أو حتى النسيج المجتمعي؛ بينما تؤدي روسيا وإيران هذه المهمة.

بدأت «ملك» مقالها، بحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، بالإشارة إلى مقولة تشارلز جلاس في حديثه لـ«ستراتفور» أثناء مقارنته الديكتاتور السوري مع رئيس بلدية شيكاغو الفائز بإعادة انتخابه بعد القضاء على الاحتجاجات المناهضة للحرب في الستينيات، بأنّ «بشار ربح الحرب»، فمحاولة تشارلز لرسم صورة واضحة سقطت منه نقطة مهمة؛ فـ«العمدة ريتشارد دالي لم تسانده قوات أجنبية لمساعدته في الحفاظ على نظامه القاتل ضد رغبات سكان شيكاغو».

بشار لا يمتلك قوة احتلال واحدة فقط إلى جانبه، بل اثنتين: «إيران وروسيا»، وبينما يكافحان من أجله في الشرق والجنوب؛ فإنه قادر على تقديم عرض للاستقرار المزعوم في دمشق، حيث الملاهي الليلية ذات الحوائط الزجاجية تفتح أبوابها.

وعندما ينتهي هذا كله، على عكس العمدة ريتشارد؛ لن تكون لبشار الأسد شعبية تؤهّله إلى الاستمرار في الحكم، فهو في نظرنا «طاغية تسانده قوات احتلال أجنبي».

كيف فاز بشار بالحرب؟

في عام 2012 وأوائل عام 2013، فَقَدَ نظام بشار سيطرته على المناطق الريفية في جميع أنحاء البلاد، وارتفعت معدلات الهروب من جيشه، سواء من الضباط النظاميين أو الجنود، ورفض كثيرون إطلاق الرصاص على المتظاهرين الأبرياء. وفي ذلك الوقت بدا أنّ ميزان القوى على الأرض يميل لصالح الجيش السوري الحر ومجموعات إسلامية مختلفة، تدعمها دول غربية وخليجية.

كانت هذه بداية قدوم الإيرانيين إلى سوريا، وتحدّثت تقارير في عام 2013 عن وجود قوات إيرانية تقاتل بجانب بشار؛ لكن هذه المعلومات تأكّدت في عام 2015، ووضح أنّ الإيرانيين يقاتلون بجانب بشار، لكنهم لم يفعلوا ذلك بشكل جيد؛ ففي يوليو أرسل الجنرال الإيراني قاسم سليماني إلى موسكو كاسرًا حظر السفر إلى هناك.

الجنرال الإيراني قاسم سليماني رفقة جنود في سوريا لدعم بشار الأسد

وبعد شهرين بدأت روسيا تدخلها العسكري «الجوي فقط» في سوريا لمكافحة الإرهاب؛ بقصف مواقع للجيش السوري الحر. وعندما زعمت المعارضة في أواخر 2015 أنها أسرت جنديًا روسيًا وقتلوه، شكك المحلون السياسيون في هذه الادعاءات، وقالوا إن روسيا لن تخاطر بوضع جنودها على الأرض في سوريا.

وبعد ذلك، اعترفت الحكومتان الروسية والإيرانية بأن لديهما مقاتلين في ساحة المعركة السورية، ولم يعد بإمكان المراقبين أو وسائل الإعلام إنكار وجود الاحتلال على الأراضي السورية. وتقول التقديرات إنّ عدد مقاتلي النظام في 2015 بلغ 80 ألفًا، وفي 2016 قُدّر عدد المقاتلين الإيرانيين بـ70 ألفًا، وتراوح الجنود الروس ما بين أربعة آلاف وعشرة آلاف، بجانب الأقاويل بأن روسيا تدعم مليشيات متحالفة مع النظام والوحدات العسكرية أيضًا.

هذه الأرقام مدعاة للقلق، لكنّ هناك اتجاهين أكثر إثارة للقلق فيما يتعلق بالروس والإيرانيين في سوريا؛ الأول: توظيف المجموعات المهمشة في بلادهم للقتال من أجلهم في سوريا، مثل «الفاطميون» الذين أرسلتهم إيران لسوريا، وتقدر أعدادهم بـ20 ألف أفغاني، بعضهم أجبر على الخدمة أو مواجهة السجن، والقوة الروسية التي أرسلت 1200 من الشيشان المتطوعين للقتال في سوريا.

والاتجاه الآخر له تأثير مباشر وطويل الأمد على النسيج الاجتماعي السوري، ويساهم في تعميق الشك بين السوريين وتهديد الرباط السوري الهش أصلًا؛ إذ قالت ورقة عممتها المعارضة في أبريل 2017 إنّ هناك أكثر من 90 ألف جندي أجنبي يقاتلون في سوريا وتديرهم إيران بشكل مباشر، تتألف من مسلمين شيعة وسوريين مدنيين ومنشقين وهاربين من الجيش.

وقدّمت الورقة توصيات إلى بشار الأسد بشأن معاملة أفراد هذه المليشيات وكيفية اقتراب قياداتهم من جيش النظام نفسه. لكن، يبدو أنّ هذه التوصيات غير مجدية؛ لأنّ ولاء هذه المليشيات لإيران فقط، التي تدفع رواتبهم. باختصار: «بشار مسؤول بالكاد عما يحدث عسكريًا على أرض سوريا».

بشار الأسد رفقة جنود في سوريا

الاستثماران الإيراني والروسي في سوريا

تقول إيران إنّ تدخلها في سوريا يأتي في إطار مقاومة «إسرائيل» وحماية السيادة السورية والحفاظ على وجودها، وتقول روسيا إنها تتدخل في سوريا للوقوف ضد الإمبريالية الغربية ومحاربة الإرهاب؛ لكنّ الواقع أن تدخلاتهما من أجل الاستفادة سياسيًا واقتصايًا من الأوضاع في سوريا.

وبعد أن دمّرت الجهات الثلاث «روسيا وإيرانو النظام» حلب في أواخر 2016، منحت شركة «مابنا الإيرانية» عقودًا بملايين الدولارات من نظام بشار لاستعادة البنية التحتية للكهرباء في المدينة. وفي عامي 2014 و2015، بدأت تقارير تتحدث عن ظهور أعداد من التجار الإيرانيين لشراء المحلات التجارية والشركات في دمشق وحمص، وكذلك شراء الأراضي الزراعية والمناطق المحيطة في المواقع الدينية.

وبينما تعد المكاسب السياسية والعسكرية مهمة لروسيا، فهناك اتفاق موقّع مع نظام بشار يمنح روسيا السيطرة على مينائها البحري الوحيد بالبحر الأبيض المتوسط «قاعدة طرطوس البحرية»، وكذلك قاعدة حميم الجوية، لمدة نصف قرن قادم.

كما وقّعت روسيا في 2016 صفقات خاصة بإعادة تأسيس البنى التحتية في سوريا، بقيمة مليار دولار، كما وعد نظام بشار روسيا بمنحها الأولوية في الصفقات من هذا النوع. وقالت شبكة «فونتانكا الروسية» أيضًا إنّ شركة روسية واحدة حصلت على عقود تمنحها حصة نسبتها 25% من الأرباح من آبار بترول ساعدت في تحريرها وتأمينها.

لكن، ليس هذا كل ما في الأمر؛ فروسيا تعدّ الآن نقطة اتصال بجميع الأمور المتعلقة بسوريا، حتى الدول التي وقفت ضد بشار الأسد تتابع الآن إشارات روسيا بخصوص الخطوات المقبلة في سوريا.

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والسوري بشار الأسد

ببساطة، لم يفقد بشار سيطرته على الجيش فقط؛ بل على الاقتصاد أيضًا. ولا يجب عليه أن يرحلفقط؛ بل يجب أن ترحل إيران وروسيا أيضًا.

تتذرع إيران بأنّ ما تفعله في سوريا بسبب «إسرائيل»، وهي حجة غير منطقية؛ فبشار يفعل في السوريين أسوأ مما يفعله الإسرائليون في الفلسطينيين، وليس أكثر من تسببه في جعل إيران وروسيا تتدخلان في الشأن السوري.

وأوضحت أنّ بشار لا يزال في الوقت الحالي يُستخدم من الإيرانيين والروس، وحتى الآن لم يخيب آمالهم، وهو مثال واقعي للمثل العربي الشعبي: «يمين يمين، شمال شمال»، وما دام بشر استمرّ طاغية مطيعًا موفرًا العقود لهم وسمح لهم بالسيطرة على مقاتليه؛ فيمكن للدولتين أن تنفّذا جداول أعمالهما في سوريا.

وإذا لم يعد بإمكان بشار أن يقدّم لهما في وقتٍ ما تريدانه، فستطيحان به.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023