شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ميدل إيست مونيتور: ثلاثة أسئلة مهمة لفهم زيارة الوفد البحريني «إسرائيل»

غزة تظاهرات ضد وفد البحرين في القدس

قالت صحيفة «ميدل إيست مونيتور» إن زيارة وفد بحريني «إسرائيل» عقب قرار ترامب مباشرة جاءت ضمن المساعي الأميركية والإسرائيلية لاحتواء الغضب العربي والإسلامي بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل» وتواصل ترامب مع قادة عرب للتوصّل إلى تفهمات بشأن قراره.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الزيارة كانت أيضًا محاولة لتفكيك أيّ عزلة محتملة ضد «إسرائيل» وأميركا بعد القرار، ولأنّ وجود الأنظمة العربية مرتبط ارتباطًا وثيقًا بالشؤون الأميركية والإسرائيلية؛ فلذلك ضحّت بالقضية الفلسطينية لضمان بقائها.

وفي الوقت الذي ثار فيه العالم ضد إعلان دونالد ترامب القدس عاصمة لـ«إسرائيل»، ووسط دعوات لمقاطعتها وأميركا؛ فاجأ الوفد البحريني الجميع بزيارتها، وهو ما يتعارض مع إرادة جميع الدول العربية والإسلامية.

ترامب عقب توقيع نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس

وما يحدث خلف الأبواب المغلقة لم يعد الآن خفيًا على أحد، وأصبح يمارس في العلن، ولا يوجد ما يخجل منه الوفد البحريني أو غيره من الأنظمة العربية في توقيت أكثر أهمية لتاريخ الأمة العربية والإسلامية.

ولم يترك القرار الأميركي للفلسطينيين أي اختيار، سواء على المستوى الشعبي أو تحرّك القيادات؛ وبه دقّ ترامب آخر مسمار في ما يسمى «نعش السلام».

وأثارت زيارة الوفد البحريني إلى «إسرائيل» أسئلة وانتقادات: لماذا الآن؟ وما الغرض منها؟ وهل بادرت البحرين بهذه الخظوة بإرادتها الحرة؟

أولا: لماذا الآن تحديدا؟

رأت الصحيفة أنّ الزيارة جاءت في هذا التوقيت تأكيدًا للبيانات والتصريحات التي أدلى بها وزير الاستخبارات الإسرائيلي «يسرائيل كاتس» بأنّ إدارة ترامب توصّلت إلى تفهّمات مع قادة عرب لاحتواء رد الفعل الفلسطيني، وهو ما اتسق أيضا مع ما أدلى به مسؤول أميركي بأن بلده راضية عن رد الفعل العربي المقيد، وزيارة الوفد البحريني دليل قاطع على أنّ الحكومات العربية دعمت هذا الاتجاه «اعتراف ترامب».

وفد بحريني يتجول في شوارع البلدة القديمة من القدس

وجاءت الزيارة البحرينية ردًا سريعًا متعمّدًا أمام الانتفاضة الإسلامية والعربية ضد قرار ترامب، وخدمت الغرض من تمرير القرار وإثبات فكرة «ضبط النفس» العربي؛ خاصة وأنّ قرار ترامب طعنة في قلب شعبية الانتفاضة، وتأكيد البحرين ومؤيديها الخليجيين على دعم «إسرائيل» إشارة أيضًا على خروج الأمة عن ثوابتها ومقدساتها فيما يتعلق بالقدس.

ثانيًا: الهدف الحقيقي من الزيارة

بالرغم من أنّ البحرين ليست دولة ذات نفوذ في الخليج أو في محيطها العربي، وتعيش على المساعدات الخارجية، تحديدًا من المملكة العربية السعودية، مؤيدتها الرئيسة والتاريخية، إضافة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة؛ فهي ليست مؤثرة على المستوى الدولي.

وهذه الزيارة العلنية من وفدها في هذا الوقت بالذات، الذي أحيت فيه القضية الفلسطينية قلوب الجماهير الإسلامية والعربية؛ مثّلت محاولة وقائية لتفكيك أيّ عزلة محتملة فرضها الشعب على الاحتلال.

ثالثًا: هل اتخذت البحرين هذه الخطوة بمحض إرادتها؟

استنادًا إلى كل ما سبق، هناك نقطة هامة ينبغي التأكيد عليها: البحرين لا تستطيع إرسال وفد هذه الزيارة بإرادتها المطلقة؛ بل بدأتها بدعم السعودية والإمارات؛ لتأكيد انفتاحها على «إسرائيل» وأنّ الحكومات العرية ماضية قدمًا على طريق تطبيع علاقاتها وتحالفها الكامل معها والاعتراف بها، حتى لو على حساب الثوابت الاستراتيجية والتاريخية والدينية.

العاهل البحريني حمد بن عيسى يتوسط نظيره السعودي سلمان بن عبدالعزيز وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد

وما فعلته البحرين والدول العربية دليلٌ على قِصَر النظر الذي أصابهم، وخطأ استراتيجي خطير، وستدفع الدول العربية والإسلامية ثمنه غاليًا؛ فإذا لم تلتزم الحكومات بثوابتها واستراتيجياتها وتصحيح أخطائها لا يُعوّل عليها.

وحال الدول العربية والإسلامية حاليًا مشابه لما قاله «هنري كيسنجر» في حديثه مع مجلة «ذي إيكونوميست» في نوفمبر 1982 بلندن، عندما قال إنّ اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية والدول العربية بـ«دولة إسرائيل» بداية عملية لتصحيح الوضع الإقليمي القائم وفقًا لإرادة «إسرائيل» فقط، وأضاف بغطرسة أنّ «الخطر الحقيقي في المنطقة سيكمن في رفض إرادة إسرائيل».

وقبل إقامة «إسرائيل»، كانت للحركة الصهيونية علاقات مع دول عربية؛ حتى إنّ «جولدا مائير» زارت بعضًا منها قبل أن تصبح رئيسة لوزراء الاحتلال. إضافة إلى ذلك، يشدّد «نتنياهو» باستمرار على وجود تنسيق أمني بين «إسرائيل» ودول عربية كبرى لسنوات.

وغير ذلك، تتجاوز العلاقة بين دول عربية و«إسرائيل» حدّ التنسيق الأمني، وتصل إلى مستوى ضمان وجودها؛ فبقاء حكومات وأنظمة عربية ووجودها المستمر مرتبط بالشؤون الأمنية الأميركية والإسرائيلية. لذلك؛ إذا وضعت «قضايا العالم العربي والإسلامي في كفة واستمرار الحكومات والأنظمة العربية في كفة أخرى فستختار هذه الحكومات -بلا شك- مصالحها على مصالح الدول العربية والإسلامية».

وما من شك في أنّ زيارة الوفد البحريني إلى «إسرائيل» والقدس في هذا التوقيت بالذات حاءت دون إدراك منها للمخاطر والآثار المترتبة على قرار ترامب، وحدث هذا مع جهل تام بالمواقف المطلوب اتخاذها ردًا على هذا القرار، والأهمّ من ذلك أنّها أهملت ثوابت الأمة وحُرْمتها؛ مما يدلّ على حالة الغيبوبة الاستراتيجية التي تعيشها حكومات عربية في توقيت أكثر حساسية في الدول.

لذلك؛ الاعتماد على حكومات مثل هذه «رهان خاسر». ومع ذلك، يجب على الدول أن تستمر في اتخاذ زمام المبادرة، وينبغي للفلسطينيين الاعتماد فقط على الله ثم أنفسهم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023