شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

سمية الغنوشي: التونسيون ينتظرون إصلاح أوضاعهم الاقتصادية ضمن خط ثورتهم

احتجاجات تونس - أرشيفية

قالت الكاتبة التونسية، سمية الغنوشي، إنه وبعد 7 سنوات على رحيل بن علي، من حق التونسيين أن يشعروا بتقدم ملموس في أوضاعهم الاقتصادية، كما هي الحال في الجانب السياسي، الذي تمخض عنه انتخابان تشريعيان وآخر رئاسي حظي بقابلية لدى فئات الشعب.

وأكدت، في مقالها بموقع «عربي21»، «أن من حق التونسيين تقييم مسار تجربتهم خلال السنوات الماضية، وتحديد مواطن الخلل والوهن من المكاسب والمنجزات، في ظل هذه المطلبية الاجتماعية التي تسلل من خلالها شبح الفوضى والفوضويين في الأيام الأخيرة».

وأشارت إلى أن «القاطرة التونسية تمكنت من التقدم، والحفاظ على توازنها، في ظل عواصف إقليمية عاتية عصفت بثورات الربيع العربي، فأعادت إليها شبح الحكم العسكري البائس، كما حصل في مصر، وتمكن التونسيون من سن دستور حظي بإجماع واسع بين مختلف قواهم وثبت المكاسب السياسية والحقوقية للثورة».

وأكدت «الغنوشي» أنهم نجحوا في ترسيخ مبدأ «التداول السلمي» على السلطة بإجراء انتخابين تشريعيين وآخر رئاسي توفرا على قدر كبير من الشفافية، فضلا عن النجاح في بناء مؤسسات دستورية منتخبة، مثل هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات، وأخرى للحقيقة والعدالة، ومجلس أعلى للقضاء وغيرها، ما يعني تفتيت مركز التسلط ووضع آليات لتوزيع السلطة، إلا أنها تبقى عديمة الجدوى إذا لم تستكمل بالحلقة المتعلقة بالجانب الاقتصادي والتنموي الذي يمس الحياة اليومية للمواطنين، على حد وصفها.

واستطردت: «أخذت الثورة التونسية عنوانا مزدوجا، وكان شعاراها الرئيسيان الحرية والكرامة، فقد انتفضت الفئات المفقرة، سواء في أعماق تونس أو في العاصمة والساحل، ضد التهميش والبطالة ومرارة الهوان، ولكنها اكتشفت في الطريق الترابط الوثيق بين المطلبية الاجتماعية والبعد السياسي: بالظلم والفساد والدكتاتورية، فتحول الشعار إلى الشعب يريد إسقاط النظام».

وقالت إن الوضع التونسي يمكن أن يتعقد؛ بسبب ارتفاع سقف الطموحات والتطلعات عند الجمهور، وخصوصا بين قطاعات الشباب، تناسبا مع اتساع التعليم، ثم ارتفاع منسوب التسيس العام بعد الثورة خصوصا.

ورغم أن الصعوبات التي تمر بها تونس تظل مفهومة بمنظار قوانين التحولات السياسية، إلا أن هذه التفسيرات تصلح للخبراء والجامعيين، ولكنها لا تسترعي اهتمام الشعب الذي تستغرقه مشاق الحياة اليومية وعسرة العيش أكثر مما تشغله نظريات وتفسيرات المثقفين.

وأضافت «لقد انغمست النخبة السياسية على امتداد السنوات الماضية في ورشات العمل السياسي، واستغرقت في صراعاتها داخل البرلمان وخارجه، وإن كان يحسب للطبقة السياسية التونسية عقلانيتها نسبيا وقدرتها على التخفيف من حدة الصراع السياسي والأيديولوجي، إلا أن هذا الوجه الإيجابي للنخبة التونسية ينبغي ألّا يحجب عنا جانبين اثنين؛ أولهما وجود مجموعات سياسية قليلة العدد كثيرة الجلبة، تحركها أحقاد أيديولوجية دفينة ونزعات استئصالية مريضة، وتخوض هذه المجموعات معركة صفرية ضد من تصر على اعتبارهم أعداء ألدّاء لها، وتحديدا النهضة، وتجعل هويتها ووجودها قرينيْ مصارعة النهضة وإخراجها من الساحة السياسية برمتها».

وتابعت: «أما الجانب الثاني، فيتعلق بالإسراف في إطلاق الوعود خلال الحملة الانتخابية سنة 2014 في مواجهة الترويكا الحاكمة وقتها، بعد الاستماتة في شيطنتها، والتبشير بحلول الخير العميم وتهاطل الاستثمارات والأموال، والتنعم برغد العيش، بمجرد خروج النهضة أو إخراجها وشركاءها من الحكم».

وأشارت ابنة راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة التونسية، إلى أن «بعض القوى معادية للثورات العربية أصلا، وبعضها ذهب للقتال جنبا إلى جنب مع قوات الأسد في سوريا، وهي ترى في انقلاب السيسي نموذجا ناجحا يتوجب الاقتداء به، هذه التيارات تحولت بالأمر الواقع إلى قوى يمينية من خلال انخراطها ضمن أجندات انقلابية إقليمية».

ورات الكاتبة أنه لا يمكن تفسير كل شيء بالمؤامرات والدسائس الخارجية، إلا أنه من السذاجة بمكان إنكار وجود إستراتيجية إقليمية تقودها بعض دول الخليج تعمل جاهدة على إطفاء جذوة التغيير التي انطلقت في تونس، مستدلة على ذلك بـ«كم الوثائق والتسريبات التي تبين وجود مثل هذا المخطط الذي يشتغل على الأرض بقوة المال والإعلام والتحريض والتخريب».

واختتمت مقالها: «الحقيقة أن الشعب التونسي، رغم ضيقه من الوضع، إلا أنه تمكن بحسه السياسي السليم من إحباط المكائد التي دبرت له، حلقة بعد أخرى، هو يحتج على الغلاء، ويطالب بالارتقاء بالوضع المعيشي، وتحسين ظروف الحياة، وتوفير الشغل، ولكنه لا يريد أن يفرط في مكتسب الحرية الذي انتزعه بمشقة بعد عقود من الاستبداد»، مشددة: «التونسيون يريدون إصلاح أوضاعهم ضمن خط ثورتهم، ولا يقبلون الانقلاب عليها، كما تخطط لذلك القوى الفوضوية اليسراوية المتحالفة مع بعض دول الإقليم».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023