شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«المجلس الأطلسي»: الحكومة المصرية تتحايل على الدستور لتمديد قانون الطوارئ

دار القضاء العالي - أرشيفية

قال «المجلس الأطلسي» إنّ الحكومة المصرية تتحايل على النص الدستوري الذي يجيز تمديد حالة الطوارئ مرة كل ثلاثة أشهر، على الرغم من أنّ الأصل فيها تجديدها مرة واحدة فقط وبموافقة ثلثي البرلمان، لكنّ ما يحدث عكس ذلك؛ إذ تُمدّد الحالة كل ثلاثة أشهر، وما يحدث عجز دستوري يجب تغييره من المشرّعين.

وأضاف، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ الحكومات منذ انقلاب يوليو 1952 تعمّدت العمل بحالة الطوارئ؛ لضمان السيطرة على الشعب المصري بكل أطيافه والقضاء على المعارضة، وصدر القرار الرئاسي في 10 أكتوبر 2017 بإعادة فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، وأثار نقاشًا على نطاق واسع، وهو المرسوم الثالث من نوعه في العام 2017 وحده. وتمتلك مصر تاريخًا طويلًا من القوانين الاستثنائية منذ حركة ضباط يوليو 52؛ أبرزها قانون الطوارئ.

ومنذ ذلك الحين، حكمت مصر أنظمة وقوانين استثنائية تعتبر انتهاكًا للقانون العام (هو كل التشريعات التي يصدرها البرلمان لتنظيم شؤون العامة على أساس احترام الحقوق والحريات).

وشهدت مصر تنفيذًا لقانون الطوارئ قبل ثور يناير 2011، وكان ساريًا حينها منذ عام 19821 ويجدده الرئيس كل عامين. والمرسوم الأخير الصادر عن مبارك بإعادة حالة الطوارئ: القرار رقم 126/2010؛ وبه انتهت حالة الطوارئ في 31 مايو 2012.

وبالرغم من اندلاع الثورة في يناير 2011، التي كان إلغاء الطوارئ أحد مطالبها الأساسية، بقي القانون ساري المفعول حتى مايو 2012، الذي انتهى فيه قانون الطوارئ بعد ثلاثين عامًا من تطبيقه، واعتقد كثيرون أنّ مصر لن تعيش في ظل حالة الطوارئ مرة أخرى.

لكنّ الواقع يؤكّد أنّ مصر عاشت دون طوارئ فقط منذ يونيو 2012 وحتى 14 أغسطس 2013؛ أيّ 13 شهرًا فقط، وشكّلت هذه المدة انفتاحًا اجتماعيًا وسياسيًا لم يسبق له مثيل، مع غياب قيود على حرية التعبير، وأمان أي نشاط سياسي من التعرض لإجراءات تعسفية من الحكومة.

ولشرح حالة الطوارئ، تجدر الإشارة إلى أنّ وجود قانون الطوارئ نفسه ليس مشكلة، ويمكن إنفاذه بإعلان حالة الطوارئ عند الحاجة؛ على سبيل المثال عندما يواجه بلد ما كارثة عامة أو اضطرابات أمنية كبرى. ففي فرنسا، على سبيل المثال، صدر قانون الطوارئ في عام 1955؛ غير أن حالة الطوارئ لم تعلن إلا لمدد محدودة، وكان آخر إعلان لحالة الطوارئ في فرنسا في نوفمبر 2015 بعد الهجمات الإرهابية التي وقعت في باريس وقتل فيها 130 شخصًا. وفي مصر، صدر قانون الطوارئ عام 1958، وأصبحت حالة الطوارئ سارية المفعول باستثناء مدد الاستراحة الصغيرة.

وشهد قانون الطوارئ رقم 162/1958 تعديلات؛ آخرها القانون 12/2017، وينظم قانون الطوارئ الإجراءات التي تتبع عند إعلان حالة الطوارئ، والسلطات التي يمنحها القانون للسلطة التنفيذية وأجهزتها الأمنية.

ومن أبرز هذه السلطات:

  1. يمنح منفذي القانون سلطات واسعة، سواء كانوا عسكريين أو شرطة، في ما يتعلق باحتجاز المشتبه فيهم أو اعتقالهم أو سجنهم لمدد طويلة.
  2. استنادًا إلى قانون الطوارئ، يمكن تشكيل محاكم أمن الدولة الطارئة في كل محكمة ابتدائية ومحكمة استئناف عبر مصر. وتتألف هذه المحاكم من قضاة، ويمكن للرئيس إضافة ضباط عسكريين إليهم؛ ولا يمكن الطعن في أحكامها. وللرئيس الحق في تعيين جميع قضاة محاكم أمن الدولة الطارئ، سواء كانوا قضاة مدنيين أو عسكريين.
  3. وفقًا لقانون الطوارئ، يتمتع رئيس الجمهورية بسلطات كبرى، ويمكنه أو من يفوضه إحالة أيّ من جرائم القانون العام إلى محاكم أمن الدولة، بما فيها الجرائم في القوانين العادية مثل القانون الجنائي وغيره من القوانين التي تشمل العقوبات الجنائية. كما يصدّق الرئيس على أحكام محاكم أمن الدولة الطارئة، التي تمنحه سلطة الموافقة على الحكم أو إنهائه أو تخفيض العقوبة أو نقل المحاكمة إلى محكمة أخرى.
  4. يمكن للرئيس أن يراقب جميع أنواع المطبوعات والصحف والصور وجميع أشكال التعبير، والإعلانات قبل نشرها، كما له الحق في السيطرة على الصحافة ومصادرتها أو إغلاقها.

وفي يونيو 2013، ألغت المحكمة الدستورية العليا واحدة من أهم السلطات الرئاسية المنصوص عليها في قانون الطوارئ؛ لكن يحق للرئيس إصدار أمر احتجاز شفهي أو كتابي، أو أمر تفتيش دون تقييده بأيّ من إجراءات القانون الجنائي وضماناته. وبموجب هذه القاعدة القانونية اعتقلت الأنظمة الحاكمة منذ عقود آلاف المواطنين، وكان التقليد أن يأذن الرئيس لوزير الداخلية بإصدار أوامر الاحتجاز هذه.

لكن، في 2 يونيو 2013، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة في القضية رقم 17 حكمها بأن هذه المادة من قانون الطوارئ غير دستورية. وهذه القضية الدستورية بدأت في أبريل 1993؛ ما يعني أنّ المحكمة الدستورية العليا استغرقت أكثر من عشرين عامًا للبت فيها، وهذا يعني أنّ جميع أوامر الاحتجاز والتفتيش والاعتقالات التي أجريت على مدى عقدين من الزمن كانت تستند إلى نص غير دستوري.

وفي 14 أغسطس 2013، مع فض اعتصامي رابعة والنهضة، أعلنت حالة الطوارئ للمرة الأولى منذ ثورة 25 يناير، لكنها انتهت بعد 90 يومًا. ومع ذلك، يتزايد معدل إصدار القوانين الاستثنائية منذ ذلك الحين؛ خاصة بعد الانتخابات الرئاسية في يونيو 2014 التي فاز فيها السيسي.

وشهد شهر أكتوبر 2014 إصدار قرارين رئاسيين:

  1. الأول: إعلان حالة الطوارئ في شمال سيناء في أعقاب هجوم إرهابي قتل فيه 33 فردًا من الشرطة والجيش المصريين، وظلت سارية حتى أبريل 2017 في جميع أنحاء البلد، بما في ذلك شمال سيناء.
  2. الآخر: القانون رقم 136، الصادر في 28 أكتوبر 2014، ويضع الجرائم المرتكبة ضد المنشآت والمرافق المدنية الخاضعة لسلطة القضاء العسكري؛ ما يعد توسيعًا لاختصاص المحاكم العسكرية التي لم ينص عليها الدستور في المادة 204 التي تنص على أنّ الاعتداءات على المنشآت العسكرية وحدها التي تقع تحت اختصاص المحاكم العسكرية.

ومن المقرر أن ينفذ القانون رقم 136/2014 لمدة عامين حتى أكتوبر 2016. ومع ذلك، أصدر البرلمان المصري القانون رقم 65 في عام 2016 لتمديد العمل بالقانون خمس سنوات أخرى حتى عام 2021؛ ما أثار انتقادات واسعة النطاق، بما في ذلك انتهاكه للدستور، ولأنه يسمح بمحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري على الجرائم غير العسكرية، ونُفّذ القانون رقم 136/2014 في مناسبات مختلفة أسفرت عن إحالة المدنيين إلى محاكم عسكرية، وهو ما يوازي إصدار قوانين استثنائية مثل قانون مكافحة الإرهاب (رقم 94/2015)، وقانون الكيانات الإرهابية والقوائم (رقم 8/2015).

في 10 أبريل 2017 أصدر الرئيس المرسوم رقم 157/2017، معلنًا حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد لمدة ثلاثة أشهر.

وفي يونيو صدر مرسوم رئاسي لتمديد حالة الطوارئ هذه ثلاثة أشهر أخرى حتى 9 أكتوبر. ثم في 10 أكتوبر 2017 أصدر الرئيس المرسوم الرئاسي رقم 510/2017 لإعادة فرض الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر أخرى تبدأ من 13 أكتوبر، وبالنظر في الإطار القانوني والدستوري لهذه المراسيم الرئاسية، والمادة 154 من الدستور المصري 2014؛ وجد أنّ حالة الطوارئ يجب أن تكون فقط لمدة محدودة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ويمكن أن تجدد مرة واحدة فقط لمدة مماثلة بموافقة ثلثي البرلمان.

ومن هنا يرى البعض أن مرسوم أكتوبر يعد تحايلًا على الدستور؛ وبالتالي نستنتج أن حالة الطوارئ لا ينبغي أن تمدد باستخدام هذا الإجراء. لكن، في الواقع، يمكن أن يُعزى هذا التحايل القانوني إلى عجز في النص الدستوري الذي يسمح بهذا التفسير. ويحظر الدستور تجديد حالة الطوارئ أكثر من مرة، وبالرغم من ذلك، بعد وقت قصير من انتهاء الستة أشهر (المدة الزمنية التي يسمح الدستور لإعلان حالة الطوارئ)؛ من الممكن إعادة إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر عبر مرسوم جديد تجدد لمرة واحدة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023