شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تحليل بـ«جيروزاليم بوست»: ثلاثة احتمالات لنشوب حرب بين «إسرائيل» وإيران بعد فشل «سوتشي»

قوات عسكرية روسية - أرشيفية

نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية مقالًا لمحلل شؤون الشرق الأوسط والمختص بالشأن السوري «جوناثان سباير» عن محادثات سوتشي، وكيف فهمت «إسرائيل» منها أنه لا يمكن التعويل على روسيا لضمان أمنها ضد النفوذ الإيراني المتزايد في سوريا، موضحًا أنّ موسكو فشلت حتى في جمع الأطراف الرئيسة على طاولة المفاوضات؛ حتى بدت كمفاوضات للنظام السوري مع نفسه، كما إنّ «إسرائيل» ليست من أولويات روسيا، بعكس ما تعتقد «إسرائيل».

وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الفشل الواضح في سوتشي أيضًا ألقى الضوء على فشل السياسات الدبلوماسية التي تتبعها موسكو منذ تدخلها في الحرب السورية، وبما أنّ الجهود الدبلوماسية الإسرائيلية لاحتواء تقدم إيران ووكلائها في سوريا تعتمد إلى حد كبير على قوة روسيا وفعاليتها في هذا المجال؛ يتعيّن على صُنّاع القرار الإسرائيليين البحث عن خيارات أخرى بديلة.

الخطأ في محادثات سوتشي

في المقام الأول، فشل الروس في جلب الأطراف الرئيسة إلى طاولة المفاوضات؛ فلم يحضر فصيل المعارضة المعترف به من الأمم المتحدة، الذي تمثله «لجنة التفاوض الروسية»، كما وصف أحد أعضائها المحادثات بأنها «لقاء بين النظام والنظام، ونشر موقع المعارضة على الإنترنت صورة لبشار الأسد وهو يصافح يده؛ كممثل في اجتماع سوتشي.

وبالرغم من أنّ المعارضة فقدت أراضي وأوضاعًا لصالح النظام السوري، فإنها ما زالت تسيطر على محافظة إدلب ودرعا والقنيطرة، ومناطق أخرى.

وغير المعارضة، لم تحضر أيضًا الولايات المتحدة أو فرنسا أو بريطانيا؛ لأنهم يعتبرون المفاوضات محاولة روسية للتحايل على ما ترعاه الأمم المتحدة، في سبيل تحقيق انتصار لبشار الأسد.

كما لم يحضر أيّ ممثل عن الاتحاد الكردستاني لشمال سوريا، وبالرغم من سعي القيادة الكردية السورية إلى الحفاظ على علاقات عمل مع موسكو؛ فالتعاون الكردي مع الولايات المتحدة كان له أثر. وبجانب ذلك، مثّلت موافقة موسكو على إطلاق تركيا هجومًا عسكريًا في عفرين عائقًا أمام حضورهم مفاوضات «سوتشي»، وهو ما أغضب الأكراد السوريين من موسكو وأنقرة.

وفي بداية الاجتماع كان الحضور 1600 شخص فقط، معظمهم من مؤيدي النظام؛ باستثناء فصيل صغير من المعارضة المسلحة أقنعته تركيا بحضور المفاوضات. لكن، بمجرد وصولهم إلى المطار رفضوا مغادرته سوتشي؛ احتجاجًا على عرض أعلام النظام في المؤتمر ومن ثم عادوا إلى تركيا مرة أخرى.

وفي مشهد غير اعتيادي، قطع ناقدون للقصف الروسي الجوي على إدلب وزير الخارجية الروسي «سيرجي لافروف» أثناء حديثه في المؤتمر، وهم مناهضون للقصف الروسي الجوي.

اختتم المؤتمر بقرارات؛ أبرزها «تشكيل لجنة جديدة تضم 150 عضوًا لمناقشة الدستور الجديد لسوريا»، وهو ما رفضته المعارضة السورية على الفور؛ وبذلك تنضم محادثات سوتشي إلى قائمة طويلة من المحادثات التي فشلت في إنهاء مأزق سوريا.

وبالرغم من أنّ التدخل العسكري الروسي في سوريا كان ناجحًا، وترك بصمات متعددة وأهدافه كانت محددة؛ فموسكو لم تنتصر انتصارًا ساحقًا حتى الآن للنظام السوري، كما لم تستطع السيطرة على نفوذ الدول الأخرى المتدخلة في سوريا، بما فيها السعودية وتركيا والأردن و«إسرائيل» والولايات المتحدة.

لكنّ فشل «سوتشي» يحوي بين طياته درسًا قيّما لروسيا؛ فالحروب يمكن كسبها بطريقة غير مكلفة، خاصة إذا كانت أهدافها مُصمّمة وفقًا للموارد المتاحة، كما لا يمكن التوصّل إلى تسويات دبلوماسية للصراعات بطرق مختصرة؛ إلا إذا كانت قادرة على تقديم حوافز مرتفعة للأطراف المعنية بالمحادثات، كضمان هزيمة طرف معين أو منع هزيمة آخر.

وهذه «الحقيقة المؤلمة» كانت واضحة جليًا منذ بدء الصراع السوري، غير أن روسيا لم تنتبه إليها.

قلق إسرائيلي

في الوقت الحاضر، الحليف الرئيس والمهم لبشار الأسد ليس روسيا؛ بل إيران. روسيا لا تمتلك بصمة كبرى على الأرض، بعكس إيران التي يوجد لها عشرات الآلاف من المليشيات الشيعية، التي تعد مصدر قلق أساسيًا لـ«إسرائيل»، التي تشعر على وجه التحديد بالقلق من امتلاك إيران خطوط مراقبة وأفرادًا تابعين لها في جميع أنحاء العراق وسوريا واقترابها من مرتفعات الجولان، حيث تواجد القوات الإسرائيلية.

ويمثّل وجود إيران في هذه المناطق، وكذلك بناء خطوط دفاعية واستخدام الآلاف من القوات الشيعية، مصدر خطر على «إسرائيل» إذا تجددت الأعمال العدائية بين الجانبين، وستكون أيضًا بمثابة درس إلى الغرب عن قوة إيران الحالية إذا اندلعت حرب مع «إسرائيل».

وعبّر المسؤولون الإسرائيليون، بمن فيهم بنيامين نتنياهو ورئيس أركان جيش الدفاع، بأنّ «إسرائيل» لن تسمح بذلك مطلقًا. وتتخوف «إسرائيل» بعد إعلان وقف إطلاق النار الرابع في سوريا، الذي شمل مناطق حدودية مجاورة لها؛ وقالت حينها إنه لن يمنع إيران من مواصلة تقدمها خارج جنوب غرب سوريا، وتأكّدت وجهة النظر الإسرائيلية حينها باستمرار تدفق المقاتلين الإيرانيين إلى تلك المناطق بالرغم من وقف إطلاق النار فيها.

وحينها اتهمت «إسرائيل» روسيا بأنها عاجزة أو رافضة الضغط على إيران للحفاظ على مقاتليها في شرق سوريا فقط. وعنيت اتفاقية التصعيد حينها أنّ موسكو لن تتدخل مع الأعمال العدائية لـ«إسرائيل» ضد القوات والمرافق المرتبطة بإيران في جنوب غرب سوريا.

وبالرغم من أنّ هذه النقطة مهمة، فالتدخل الروسي في سبتمبر 2015 أكّد قدرة موسكو على منع تدمير نظام الأسد، لكنّ التحركات الأخيرة لموسكو في محادثات سوتشي أثبتت أنّها أيضًا لا تستطيع فرض أجندتها على القوات الأخرى؛ بالرغم من قربها من موضع المهيمن في سوريا.

وهو ما يعني أنّ الأمل الإسرائيلي في وجود ضغط روسي لإبقاء أيران بعيدة أمر عبثي، ويترك وراءه احتمالات:

  1. قبول «إسرائيل» أنشطة إيران ومليشياتها في المناطق الحدودية القريبة منها؛ وهو أر مستبعد حاليًا.
  2. التهديدات والتصريحات الإسرائيلية والأنشطة السرية لها من الممكن أن تردع إيران -ولو مؤقتًا- عن أنشطة اسفزازية، وهو احتمال بعيد؛ لكنه ممكن.
  3. لن يكون لهذه التهديدات أيّ أثر، وحينها سيتعين على صناع القرار الإسرائيليين الاختيار بين الاحتمال الأول أو قيادة حرب شاملة ضد إيران.

ولا يمكن التنبؤ بهذه الاحتمالات، لكنّ محادثات سوتشي أكّدت لـ«إسرائيل» أنّ وجود روسيا في سوريا لن يشكّل رادعًا لإيران؛ وبناءً عليه سيتعين عليها وحدها أن تقرر ماذا ستفعل.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023