شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تحليل بـ«أتلانتيك»: القوى الأجنبية تتقاسم سوريا.. من سيحكمها مستقبلًا؟

جانب من الحرب في قرية حسن الشامي السورية - أرشيفية

لم تكن الحرب السورية دولية أبدًا؛ بل هي «أهلية»، وما زالت حتى الآن كذلك، وكل طرف مشارك على أرضها حاليًا يتخذ جانبًا واحدا من اثنين: دعم نظام بشار الأسد أو المعارضة المسلحة. والتعقيد الذي طرأ على الوضع نتاج تطوّر في المشاركة، بدءًا من الدعم المالي ثم الدبلوماسي والعسكري المباشر؛ لتأمين المصالح والخطط الاستراتيجية على الأرض.

هكذا يحلل «يوري فريدمان» الوضع السوري، بصحيفة «ذي أتلانتيك» وترجمته «شبكة رصد»، ويرى أنّ هزيمة تنظيم الدولة كان يفترض أن تنهي الحرب السورية التي دامت سبع سنوات؛ وإذا حدث لك لم يكن ليسمع أحد عن إيران و«إسرائيل» وتركيا وروسيا. وبالنظر إلى الأحداث الماضية، تحديدًا في الثلاثة أسابيع الأخيرة، وقادت تركيا هجومًا على عفرين بموافقة روسية، كما قتلت الولايات المتحدة «مرتزقة» روسًا، كما اعترضت «إسرائيل» طائرة دون طيار اخترقت مجالها الجوي الإسرائيلي، ثم أسقطت مقاتلة لها بدفاعات سورية.

وبالتالي؛ تحوّلت الحرب إلى مواجهة بين كبرى القوى العسكرية في العالم: أميركا وروسيا، وأميركا وتركيا وإيران و«إسرائيل».

يقول «فيصل عيطاني»، الخبير في النزاع السوري، إنّ الحرب السورية لم تكن أبدا دولية، وصوّرت طيلة المدد الماضية على أنها تحوّلت إلى دولية، لكنها لم تكن كذلك أبدًا. وقال «أندرو تابلر»، المحلل في الشأن السوري بمعهد واشنطن، إننا ننتقل من عصر الحرب الأهلية السورية إلى الحرب السورية؛ تمامًا كما تحوّلت الحرب الأهلية في لبنان إلى تنافس دولي على الأراضي اللبنانية.

وأضاف «فيصل» أنّ الاضطرابات الدولية التي حدثت في سوريا كلها وقعت في سياق الحرب الأهلية هناك؛ مثل إسقاط طائرة حربية روسية بواسطة تركيا، أو قصف أميركا لقاعدة سورية بها أسلحة كيميائية، وغيرها؛ واتّخذ كل طرف في الصراع جانبًا محددًا، سواء مع النظام السوري أو المعارضة المسلحة، وتقف روسيا وإيران حاليًا بجانب الأسد؛ غير أنّ القوى الأجنبية الأخرى غير راضية عن هذا الوضع.

وذكر «كريستوفر فيليبس»، الباحث السياسي بجامعة الملكة ماري في لندن، أنّ الحرب السورية باتت تستعين بمصادر خارجية، وصنّاع القرار الآن ليسوا سوريين، واتخذ التدخل الأجنبي أشكالًا عدّة بين الدعم المالي أو الدبلوماسي أو المشاركة بطريقة مباشرة في الحرب؛ بدأت أولًا بالدعم المالي ثم الدبلوماسي وتطوّرت إلى المشاركة المباشرة.

تركيا -على سبيل المثال- ليست على استعداد لقبول ترسيخ مليشيا كردية تدعمها الولايات المتحدة في سوريا؛ بينما الولايات المتحدة عازمة على التمسك بالوضع الحالي بخصوص الأكراد، وتشاطر «إسرائيل» في مخاوفها المتعلقة بالوجود الإيراني. وغير ذلك، لم يشارك الأطراف الثلاثة في الحرب بطريقة مباشرة في بدايتها؛ لكنّ الوضع تطوّر في النهاية إلى مشاركة بالقوات على الأرض.

وبخصوص روسيا، فإنها عاقدة العزم على الحفاظ على وجود النظام السوري الحالي، في الوقت الذي تؤدي فيه دورها كقوّة عالمية مساوية لأميركا، وتطوّرت مشاركتها بعد رغبتها في إنشاء بنى تحتية عسكرية استراتيجية طويلة الأمد، وبناء مرافق لإنتاج الصواريخ وغيره.

وقال «كريستوفر» إنّ الحملة العسكرية التركية في الشمال الكردستاني أحد تطوّر أخير في هذه الحرب، وكانت تركيا ضمن أربع قوى تدخلت في الحرب السورية بنية تدمير «تنظيم الدولة» أو تحييده؛ لكنّ التدخل التركي في النهاية أدى إلى إضعاف الأكراد وتحالفهم مع الولايات المتحدة، معتقدًا أنّه السبب الذي شجّع المرتزقة الروس على مهاجمة القوات الأميركية.

وقال «تابلر» إنّ تركيا وروسيا لن تخوضا في نهاية المطاف حربًا ضد الولايات المتحدة، غير أنّ إدارة ترامب كانت دقيقة في تدخلها في سوريا من أجل مصالح وأغراض محددة. أما الصدامات الواقعة بين إيران و«إسرائيل» فليست شبيهة بتلك التي وقعت أثناء الحرب الأهلية اللبنانية. وكما تحدّث خبراء ومحللون، فالبيئة السورية مختلفة تمامًا عن البيئة اللبنانينة، وكذلك مختلفة في عدد الهجمات وطبيعتها من الجانبين.

في النهاية، الصراع السوري مختلف تمامًا عن الصراع اللبناني؛ فسوريا مقسّمة الآن بين قوى أجنبية، وكثير منهم أقوياء للغاية، ومنهم من يتشارك معها الحدود؛ فسوريا تتشارك الحدود مع خمسة من المتدخلين فيها، بينما لبنان تشارَك مع اثنتين فقط، وما يزيد من تحدي الصراع السوري أنّ أهداف القوى المتدخلة، خاصة الكبرى منها، متناقضة تمامًا؛ إيران و«إسرائيل» مثلًا، أو أميركا وروسيا.

وتوقع كريستوفر أنّ يكون هناك مزيد من الصراع في المستقبل، لكنّ علامات الاستفهام بشأن من يحكم سوريا مستقبلًا ما زالت في حاجة إلى إجابة، وستكون روسيا وإيران فاعلتين في المستقبل السوري؛ خاصة بعد الاستثمارات التي وعدتا بها هناك. وتوقع تابلر بدوره أن تستمر الحرب السورية لمدة طويلة للغاية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023