شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تحليل بـ«ناشيونال إنتريست»: خوفًا من «متلازمة العراق».. ترامب عاجز عن محاربة إيران

الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والإيراني حسن روحاني

تعجز أميركا عن إطلاق حرب أخرى ضد إيران كالتي قادتها ضد العراق في محاولة للإطاحة بصدام حسين، ومن المستحيل موافقة الكونجرس على تكرار هذه المأساة؛ خاصة وأنّها كلّفت أميركا كثيرًا من الأرواح والأموال. هذا ما يراه المحلل السياسي «ليون هدار» في تحليله بمجلة «ناشيونال إنتريست» الأميركية وترجمته «شبكة رصد»، وأسماه «متلازمة العراق».

التعلّم من دروس التاريخ أمر مفيد حتميًا، لكنّ هناك دروسًا عبارة عن فخ فكري لصانعي السياسات؛ بسبب سوء فهم أو ألعابهم السريعة والفضفاضة. ففي حقبة ما بعد 1945، عمل القادة الغربيون الذين طبقوا دروس الحرب العالمية الثانية على بناء سياسة استرضاء تجاه ألمانيا، لكن تراجعوا لأنها ذكّرتهم بالاتفاق الذي وقّع عليه القادة البريطانيون والفرنسيون مع أودلف هتلر في ميونيخ 1938 وأدّى في نهاية المطاف إلى اندلاع الحرب في جميع أنحاء أوروبا.

وكانت النتيجة أنْ عقدت أميركا وحلفاؤها الغربيون اجتماعًا توصّلوا فيه إلى حقيقة مفادها ضرورة تجنب مصير اتفاقات ميونيخ، حتى لو كانت التكلفة خوض نزاع عسكري مع زعماء كجمال عبدالناصر أو الفتنامي «هوشي مينه»؛ وهو ما يعني في النهاية اتخاذهم موقفًا دبلوماسيًا وعسكريًا صعبًا ولا هوادة فيه.

والدليل على ذلك أنّ الحملة العسكرية «الكارثية» التي قادتها بريطانيا ضد مصر في عام 1956 بعد تأميم عبدالناصر قناة السويس، والتدخل العسكري الأميركي المكلّف في جنوب شرق آسيا، كانا مدفوعين جزئيًا بـ«شبح ميونيخ». وبجانب ذلك، انتهى المستنقع العسكري الأميركي الطويل والمكلف في فيتنام بكارثة؛ أنتجت ما يسمى أيضًا «درس فيتنام».

وأصبح هاجس واشنطن المتواصل أنّ التدخلات العسكرية الأميركية في الخارج يحتمل أن تنتج «فيتنام ثانية»؛ حتى إنّهم تخوّفوا أيضًا من نشر وحدة عسكرية صغرى في منطقة نزاع ما، خشية من الانزلاق في فوضى عسكرية كارثية أخرى. لكن، تمكّنت واشنطن من التخلّص من هاجس «متلازمة فيتنام» بعد حرب الخليج الأولى عام 1991، التي فازت فيها الولايات المتحدة وأجبرت صدام حسين في النهاية على الانسحاب من الكويت.

تخوّف مرتفع

وأظهرت هذه الحرب قدرة الأميركيين من جديد على أن بإمكانهم الانتصار في أي حرب على أهداف استراتيجية واضحة، مع الحفاظ على تكاليف الأرواح والموارد للدولة؛ لكنّ هذا التخوّف ارتفع مرة أخرى في أعقاب الغزو الأميركي للعراق في 2003، الذي أعطى أميركا درسًا تاريخيًا هامًا، وهو «ألا تحاول احتلال دولة اخرى في الشرق الأوسط؛ لتجنب عراق آخر».

وسيكون لـ«متلازمة العراق الجديدة» تأثير كبير على قرارات واشنطن في السياسة الخارجية، وهو ما يفسّر رفض أوباما التدخلات العسكرية في الحرب الأهلية السورية؛ وهو النهج الذي سيتبعه ترامب أيضًا في ما يتعلّق بالحرب مع إيران، بالرغم من انتقاده المتكرر للاتفاق النووي الإيراني، إلى جانب الخطاب العدائي لطهران الذي يستخدمه أيضًا كبار المسؤولين في إدارته.

وفي مقال نشر مؤخرًا بصحيفة «نيويورك تايمز» بعنوان «الطريق المألوف للحرب»، حذّر العقيد المتقاعد «لورانس ويلكرسون»، الذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان لوزير الخارجية كولن باول، من أنّ إدارة ترامب تواصل حملة مضللة ضد إيران؛ جزءًا من محاولة «خلق انطباع خاطئ بأنّ الحرب هي السبيل الوحيد للتصدي للتهديد الذي تشكّله إيران» على غرار ما فعله بوش فيما يتعلق بالعراق.

ويذكر ويلكرسون أنّ الحرب العراقية جاءت مستندة على استنتاج وكالة الاستخبارات المركزية المعيب بأنّ العراق يمتلك أسلحة دمار شامل، وقارن هذه الادّعاءات بادعاءات إدارة ترامب بخصوص إيران، وخلق سرد يعتمد على أن الحرب هي السبيل الوحيد لإنهاء هذه المشكلة.

سياسة فاشلة

وأثناء المناقشات بين كبار صُنّاع القرار في السياسة الخارجية في إدارة بوش، اعترض «باول» في البداية على استخدام القوة في الإطاحة بصدام واقترح استمرار سياسة الاحتواء، التي قد تجبر بغداد على السماح للمفتشين الدوليين بالتفتيش بشكل كامل للتحقيق؛ سواء اكتسبت أسلحة الدمار الشامل أم لا.

والتزم «باول» في النهاية بتصميم إدارة بوش على إقالة صدام، معربًا عن اعتقاده أنه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر الإرهابية سيسمح الكونجرس والشعب الأميركي لا محالة للقائد العام باستخدام القوة العسكرية الأميركية من أجل تجنب 11/11 جديدة. لكن، بعد ذلك، استغرقت الحرب وقتًا أطوّل مما خُصّص لها، وتكاليف أكبر من المخصصة، وفشلت في جلب الحرية للشعب العراقي؛ وأثبتت عجز واشنطن على تغيير أيّ نظام بالفاعلية التي تعتقدها.

ولذلك؛ من الصعب على ترامب أو أيّ رئيس آخر كسب تأييد الكونجرس للتورّط في حرب ثانية مع إيران. ومن هذا المنظور، من المستبعد تفكير ترامب وإدارته في تغيير النظام في طهران أو محاولة إعادة تشكيله في دولة ديمقراطية ليبرالية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023