شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بعد تغيير اسم شارع سليم الأول.. «ميدل إيست آي»: المصريون يحتالون على التاريخ لأغراض سياسية

A picture taken on June 17, 2015, at Cairo's Salaheddine Citadel shows a statue of Ottoman Empire's governor of Egypt, Ibrahim Pasha. AFP PHOTO / MOHAMED EL-SHAHED / AFP PHOTO / MOHAMED EL-SHAHED

ما حدث في الآونة الأخيرة من تغيير اسم شارع سليم الأول في مصر، أمرًا  ساذجًا وبربريًا، ولن يغير من الماضي، ويتشابه ذلك الفعل مع ما قام به وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد، مؤخرًا بإهانة ذكرى فخري باشا، حامي المدينة المنورة، خلال الحرب العالمية الأولى.

وعلى نفس المنوال قررت السلطات المصرية تغيير اسم شارع سليم الأول في حي الزيتون بالقاهرة.
وكان تغيير الشارعين في مصر والإمارات، ذا دوافع سياسية معادية للتركيا، رغم أن وزير خارجية الإمارات بخبرته، لا يعرف التاريخ العثماني أو تاريخ الحرب العالمية الأولى، كما لا يعرف المسؤولين المصريين ذكرى الفتح العثماني لمصر في القرن السادس عشر والذي أثر بشكل كبير على الهوية الوطنية المصرية.
كما اشتركا المسؤولين في مصر والإمارات، في انعدام النقاش، حول القرارين، ففي حادثة تغيير الإسم في الإمارات، أعاد وزير الخارجية الإماراتي نشر تغريدة غاضبة ومهينة نشرت من قبل شخص مجهول يشتبه في أن تكون له صلات بدولة الإمارات أصلا، وهي التدوينة التي برر بها تغيير الإسم، أما تغيير الإسم في القاهرة، لم يعلم عنه أحد شيئا، إلى أن أعلن عنه أستاذ جامعي.
ووفقاً للسلطات المصرية، وفي رده على تقرير لمحمد صبري الدالي، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة حلوان، أشار محافظ القاهرة، إلى أن السلطان سليم الأول كان أول مستعمر لمصر؛ وأول من جردها من استقلالها وحولها لمجرد مقاطعة تابعة للدولة العثمانية؛ وهو الذي أعدم السلطان المملوكي الأخير، خليج تومان، وحل الجيش المصري.
على هذا النحو بررت مصر، أن السلطان العثماني، لم يستحق أن يكون له شارع في القاهرة يحمل اسمه، أو أي مدينة مصرية أخرى.

ولإظهار نفسه بمظهر الديمقراطي، أكد محافظ القاهرة أنه سيجتمع مع سكان الشارع للتشاور معهم حول الإسم الجديد الذي سيختاره، والملاحظ أن إعلانه هذا أتى بعد أربعة أسابيع من اتخاذ قراره، وعقب معرفة الناس بتغييره.
وبالنظر إلى ما تمر به مصر في الوقت الراهن ، يمكن للمرء أن يفهم عدم اهتمام المصريين بهذا الأمر، حيث يحكمهم جنرال عسكري انقلابي مستبد، أمر باحتجاز عشرات الآلاف من الأشخاص بمحاكمة أو بدونها، وأطلق العنان لأجهزة الأمن؛ كي تغتال أو تختطف المعارضين، كما يعيش مواطنيها في ظروف اقتصادية كابوسية، فاقدين للأمل في المستقبل، وهو ما يجعل من الصعب للغاية أن يهتم أي مواطن مصري بتغيير اسم شارع.
إلا أن التاريخ يستخدم الآن لأهداف سياسية، وهو ما يجعل من الضروري أن يحوز الموضوع اهتمامهم، إنهم يحاولون إظهار أن الدولة العثمانية كانت بؤرة استيطانية نابعة من أيدولوجية جهادية، كانت تستهدف الدول الغير إسلامية بشكل خاص كالإمبراطورية البيزنطية والممالك الغير إسلامية في البلقان.
وبقدوم سليم الأول إلى مصر، أجبر على مواجهة التهديد الصفوي من إيران، والذي لم يهدد حكمه في مصر فقط، بل هدد الدولة العثمانية بأكملها، لذا تعامل معهم أولا قبل أن يخوض حربه مع المماليك لتواطئهم الواضح مع الصفويين.
وأثناء ذلك لم يتمكن المماليك من الوقوف أمام العثمانيين بتكتيكياتهم وتقنياتهم التي كانت متقدمة بالنسبة إليهم،سواء في دابق بسوريا أو على بوابة القاهرة.
ومع ذلك، حتى بعد دخول سليم الأول وقواته إلى القاهرة، واصل خليج تومان، آخر سلاطين المماليك، مهاجمة القوات العثمانية، معتمدا على حرب العصابات، وهو ما جعل الفتح العثماني لمصر دمويا أكثر من فتح سوريا، حيث رحب العملاء والنخب السورية بالاستيلاء العثماني.
وفي تلك الأثناء، لم يكن يُنظر إلى الأمور من منظور قومي أو هوية وطنية، فخلال القرن السادس عشر، كان النظام العالمي يتألف من إمبراطوريات وسلطانيات متعددة، تحوي كل منها أعراق متعددة وطوائف مختلفة، وكانت النخب الحكام تتألف من مهنيين وخبراء كما كان الحال مع العثمانيين والصفويين، بعكس الآن.
وعلى كل لم يكن الغزو العثماني لمصر، في جوهره، حربًا بين السلطان العثماني والشعب المصري، بل كان بين جيش مهني ومحترف يقوده العثمانيون وجيش معدوم الخبرة يقوده المماليك، وعلى عكس الشائع، لم تكن غالبية القوات العثمانية من الأتراك تماماً، كما لم يكن المماليك مصريين، لا بالمعنى القومي القديم أو الحديث.
ولم يلعب المصريون دورا فعالا خلال الحرب، وأولئك الذين قُتلوا في الأيام الأولى من الغزو، كانوا مجرد ضحايا للمعارك التي وقعت داخل القاهرة أو مصريين موالين للماليك أكثر من ولائهم لوطنهم، فطوال فترة تواجدهم في مصر، لم يهتم المماليك بمصر أو باستقلالها، ولم يدافعوا عن هويتهم وسيادتهم، وبالنسبة إليهم كانت مصر مجرد حيازة، يتمتعون فيها بامتيازات، لم يدافع المماليك عن مصر واستقلالها ، ولم يدافعوا عن هويتهم الوطنية وسيادتهم.
بالنسبة للمماليك، كانت مصر عملية استحواذ ليس أكثر، وحالما صادقت السلطات الجديدة على امتيازاتهم، استأنفوا دورهم السابق واستمروا في حكم مصر باسم السلطنة العثمانية.

http://www.middleeasteye.net/columns/how-egyptian-despots-are-defiling-history-754577036



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023