شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«إن بي آر»: الحرب اليمنية من الداخل: مشردون بلا مأوى وبلا طعام

استقرت عزيزة سليم وطفليها في مخيم أوبوك للاجئين بعدما فرت من اليمن عقب وفاة زوجها العام الماضي وتصاعد القتال في بلدتها. أمنيتها الأولى أن تبقى بصحة جيدة من أجل طفليها

وصفت الأمم المتحدة الحرب اليمنية بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم، بعدما بدأت باقتتال داخلي بين الحوثيين وحكومتهم المركزية، والآن تحوّلت إلى ساحة منافسة أكثر دموية بين السعودية وإيران.

قضى فريق «إن بي آر» أسابيع داخل الأراضي اليمنية في محاولة لرسم صورة كاملة عن الحرب وما سببته للسكان؛ لكنه سافر إلى هناك مصحوبًا بالجيش السعودي، وأجرى مقابلات في مناطق يسيطر عليها الحوثيون أيضًا، ثم سافر إلى جيبوتي (وجهة اللاجئين اليمنيين المفضلة).

«سالم»، مواطن يمني لاجئ، لديه ابنة وزوجة، كان يعمل على دراجة بخارية لاكتساب عيشه، وفي العام الماضي كان يقود دراجته داخل العاصمة صنعاء عندما احتدمت أعمال العنف أثناء مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وتزامنًا مع الوقت الذي تقود فيه السعودية حملة قصف هوجاء على العاصمة.

تقول زوجته: «لم يتصل يومها ولم نعرف أخبارًا عنه؛ والتفسير الوحيد لدينا حينها أنه مات، رغم أننا لم نعثر على جثمانه بعد».

لم يكن سالم خسارة زوجته الوحيد؛ إذ فقدت ثلاثة من أبناء عمومتها في غارة جوية للتحالف السعودي أيضًا.

الشرق الأوسط

الحرب اليمنية لم تعد تحتل عناوين الأخبار، بالرغم من مرور ثلاث سنوات على اندلاعها؛ لماذا؟

في ديسمبر، أحضرت الزوجة ابنتها الوحيدة (12 عامًا) واستقلا قاربًا صغيرًا عبر بهما خليج عدن بصحبة سيدت أخريات، اتّشحن بالسواد، ووصلوا البلد الإفريقي «جيبوتي»، حيث قابلتهم هناك «إن بي آر».

جيبوتي تنقل لك إحساسًا أنك في بيتك في الوطن، وهي عبارة عن مستعمرة فرنسية سابقة تعمل ملجأ لليائسين من اللاجئين. ولم يكن هناك شيء درامي في رحلة زوجة سليم أثناء وصولها إلى جيبوتي، والآن تقيم في خيمة وسط رمال الصحراء، وعلى مرمى البصر، هناك على الشاطئ الآخر، قُتل زوجها وأبناء عمومتها، هناك يقبع الوطن حزينًا.

في وقت سابق من هذا الشهر، وبعد اشتداد القتال في مدينته «الحديدة»؛ حمّل «علي عبدالكريم» عائلته في قارب صيد صغير لرحلة مدتها تسع ساعات إلى جيبوتي وإلى مخيم اللاجئين في أوبوك.

على كلٍّ، لا نستطيع أن نلوم السعودية دون أن نلوم أميركا؛ فالحرب التي شردت أسرة سالم كانت حديث ولي العهد محمد ابن سلمان ودونالد ترامب في واشنطن هذا الأسبوع، واستعرض ترامب مفتخرًا صورًا للمعدت العسكرية الأميركية التي يمكن للسعودية أن تشتريها.

وساهمت أميركا في الحرب اليمنية بتوفير معلومات استخباراتية عن الأهداف الحوثية والمعدات العسكرية، وزودت طائرات التحالف بالوقود في الجو؛ لذلك تعرّضت إلى حملة انتقادات عنيفة، خاصة وأنّ مساعداتها تسببت في سقوط المدنيين، وقصف التحالف للمستشفيات والأسواق والجنازات والمنازل. وفي اليوم الذي وصل فيه ابن سلمان إلى واشنطن، أوقف مجلس الشيوخ الأميركي نقاشًا بشأن الدور الأميركي في الحرب اليمنية.

لكن، حتمًا ستناقش القضية مرة أخرى، خاصة وأنّ الحرب مستمرة والغارات مستمرة والقتل والتشريد مستمران. ويدفع السعوديون في حربهم هناك، بجنب الإمارات، بأنهم يواجهون فصيلًا خطيرًا تدعمه إيران؛ مؤكدين أن الحوثيين أطلقوا صواريخ تجاه العاصمة «الرياض» وأنها إيرانية الصنع.

وفي مواجهة الانتقادات الدولية المسمرة والعنيفة، بدأت السعودية في دعوة الصحفيين المختلفين لمشاهدة جزء صغير فقط؛ وصعد فريق «إن بي آر» على متن طائرة سعودية من طراز «سي 130» من صنع أميركا، وتوجهوا في رحلة إلى اليمن لتقييم المشاهد على الأرض.

بعد وصوله، قاد فريق من القوات السعودية فريق «إن بي آر» لنقطة مراقبة على ارتفاع 8000 قدم فوق مستوى سطح البحر، وفيها كان جنود يمنيون يتناوبون على مراقبة المناطق التي يطل عليها برج المراقبة، ومشاهدة العامة اليمنية صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون من على بعد.

برج المراقبة المطل على العاصمة صنعاء

وفي نقطة المراقبة، أخبر ضابط يمني الصحفيين بأنّ والديه يعيشان على الجانب الذي يسيطر عليه المتمردون، وينتظرون متى سيعود إليهم، وقال ضابط آخر إنّ واجبهم تحرير جميع الأراضي اليمنية.

وقال الموجودون في نقطة المراقبة إنّهم كانوا يحرسون البرج لعامين متتالين، لكن دون حركة.

وأنهى الجيش اليمني تقريبًا دون أن يطلق رصاصة واحدة، بعدما استولى الحوثيون على العاصمة في 2014، ولا يمتلك الجيش اليمني خبرات قتالية عالية، وتدريبه ضعيف للغاية، ويعتمد على الدعم العسكري السعودي منذ بدء الحرب، وتوفّر لهم طائرات التحالف غطاءً جويًا وضربات مدفعية، بينما أسلحة اليمنيين خفيفة للغاية.

وفي الشهر الماضي، اضطرت السعودية لإنفاق ملياري دولار بالبنك المركزي اليمني لمواجهة انهيار العملة؛ ولا يزال (الرئيس) عبدربه هادي منصور يعيش في السعودية.

مواجهة النقد الدولي

ولمواجهة النقد الدولي، وبجانب السماح للصحفيين بالاطلاع على أجزاء للمعارك الدائرة على الأرض؛ سمحت السعودية بوصول مساعدات إنسانية للأراضي اليمنية المحاصرة، بينما أكّد دبلوماسي أميركي لفريق «إن بي آر» أنّها غير كافية، حتى لم تكف «مأرب» وحدها.

وتعيش المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون من دون كهرباء للعام الثالث على التوالي، ولا يتوافر لديهم ما يكفي من الأغذية، ويعيشون في ظروف لا يمكن لإنسان أن يتحملها.

وقالت الدكتورة «نجلاء السنبولي»، طبيبة في مستشفى الأمهات بالعاصمة صنعاء، إنّ «الموظفين في المستشفيات لم يتلقوا رواتبهم منذ عام ونصف، ونعاني من نقص شديد في الأدوية؛ ومن المتوقع أن يتفاقم وباء الكوليرا في أجزاء إضافية؛ بسبب موجة الحر التي بدأت في اجتياح البلاد».

ووفقا للاجئين تحدّثت معهم الشبكة في جيبوتي، فإنّهم يلقون بمعظم اللوم على الحوثيين، بجانب لوم التحالف طائراته، ويقول خبراء حقوق الإنسان هناك إنّ طائرات التحالف قصفت مواقع مدنية كثير مكتظة بالمدنيين؛ سواء مستشفيات أو أسواق أو منازل أو جنازات، ولم تعترف السعودية إلا بالقليل منها.

اليمنيون الذين يصنعون رحلة ليلية إلى جيبوتي عن طريق القوارب غالبًا ما ينتهي بهم المطاف إلى هذا الشاطئ في بلدة أوبوك الصغيرة (حيث تدير الأمم المتحدة مخيمًا للاجئين)

وتحت الضغط في المدة الماضية، اضطر السعوديون للاتصال بالحوثيين، وبدء إجراءات ترتيب السلام؛ لكنهم في الوقت نفسه يشعرون بقلق عميق من انتشار النفوذ الإيراني.

في زيارة أخيرة للمنطقة، أبدى مدير وكالة الاستخبارات الأميركية «مايك بومبيو» اهتمامًا كبيرًا بالحرب اليمنية؛ ومن المرجح أن يتخذ مساعي بعد توليه الخارجية الأميركية في سبيل إنهاء الحرب.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023