شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ميدل إيست مونيتور»: حملة سودانية على الفساد لإسكات الرأي العام

الرئيس السوداني عمر البشير - أرشيفية

أكدت صحيفة «ميدل إيست مونيتور» أن الحملة الأخيرة في السودان التي ألقي فيها القبض على 16 من المسؤولين الفاسدين، ربما تكون خطة من الحكومة؛ لإسكات الرأي العام، بعد أن وصلت مستويات الفساد إلى حد لا يمكن احتماله، مضيفة في مقال لـ«خليل تشارلز»، الكاتب السوداني، أنها ربما تكون أيضا خطوة جادة نحو القضاء على الفساد الذي امتص موارد الدولة، إلا أنه وبسبب سوابق الحكومة السودانية في حماية الفاسدين فيها، فإن هذا الاحتمال يبدو بعيدا.

وأضاف الكاتب، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أن خبر القبض على 16 من رجال الأعمال البارزين بتهمة الفساد، احتل عناوين الصحف الرئيسية في السودان، غير أنه وبموجب قانون الثروة غير القانونية السوداني، فلا توجد ضمانات بأن أيا منهم سيُدان في محكمة قانونية، أو حتى قضاء بعض الوقت في السجن.

ورغم أن قانون العقوبات السوداني، لعام 2008، حظر بصراحة الرشوة أو الاختلاس أو أي نشاط مالي غير شرعي، إلا أنه يحتوي على مواد تخص الالتماس أو التصالح، حيث يقوم رجل الأعمال برد المبالغ التي اختلسها مقابل إسقاط القضية، وفي معظم الأحيان، تعود الشركات ورجال الأعمال إلى عملهم دون أي مشاكل.

وكان الرئيس السوداني عمر البشير تعهد الشهر الماضي، في خطابه أمام الجمعية الوطنية، بتطبيق قانون الثروة غير المشروعة، على الجميع دون استثناء؛ في محاولة لوقف عمليات غسل الأموال المشبوهة في السودان، ووضع حد لتعريب الذهب، حتى يتسنى الوقت للاقتصاد كي يسترد عافيته من جديد، مضيفا: راجعنا النظام المصرفي واتخذنا إجراءات عقابية ضد البنوك والشركات المتورطة في فساد مالي، وسنستمر في مراجعة وتفقد وتقييم نظم البنوك الخاصة والعامة، خاصة بنك السودان المركزي، والذي سنجري فيه إصلاحات هيكلية.

وأشار الكاتب إلى أن البشير ألقى باللوم جزئيا على الحكومة؛ بسبب عدم ترابطها، مضيفا أن عصابات الجريمة عرقلت الاقتصاد الوطني السوداني، وسرقت الأموال العامة، إلا أنه وفقا للكاتب، الخبراء يؤكدون أن معالجة الفساد لا يجب ألا تكون بمسألة إنفاذ القانون فقط، مطالبين بتغيير المناخ العام في السودان، وإيجاد بيئة تنافسية ورقابة صارمة بجانب الشفافية، ومضيفا: يجب أن يحمي القانون هؤلاء الذين يبلغون عن حالات الفساد، أو إساءة استخدام السلطة أو إساءة استخدام الموارد، من رد الفعل الانتقامي.

وأوضح الكاتب: أولئك الذين يُبلغون عن المخالفات التي ترتكب، يمكن استغلالهم بشكل أو بآخر، بشرط توفير الحماية القانونية لهم، مؤكداً أن جزءاً من المشاكل التي تواجهها حكومة البشير في القضاء على الفساد، هي عدم تحديد القانون السوداني ما يجب وما لا يجب على الوزراء في الحكومة والموظفين العموميين، كما لا توجد أي لوائح تجبرهم على الإفصاح عن أموالهم وثرواتهم، ولا يوجد قانون يتيح حرية تداول المعلومات، أو الوصول إلى البيانات التي تحتفظ بها الحكومة، ويعتقد، بحسب الكاتب، أن هناك نحو 200 شركة في أيدي وزراء الحكومة السودانية، الذين يعقدون صفقات فاسدة ومربحة لهم ولأسرهم.

وتابع الكاتب: أذهلت الاعتقالات الأخيرة المواطنين السودانيين، وربما تكون محاولة من الحكومة لإظهار عزمها على مكافحة الفساد المتفشي أمام الرأي العام، خاصة وأنه لم يتم الإعلان عن أي تفاصيل إضافية، سواء حجم الفساد أو المبالغ المنهوبة، وأفادت تقارير أن المشتبه فيهم عبارة عن رجال أعمال ومديري شركات بترول حكومية وثلاث ضباط.

وفي وقت سابق من هذا العام، رفضت الحكومة التوقيع على مشروع قانون لمكافحة الفساد، بحجة أن أحد البنود كان قاسيا للغاية، وترك الباب مفتوحا أمام تعريض الأمن القومي للخطر، موضحة أن عملية احتجاز الأشخاص تتطلب الحكم على المتهم بالتعويض وتسديد ما سرق دون رفع قضية جنائية ضد الجاني على الفور، وبالنسبة للمشرعين المعارضين، أثار القرار تساؤلات حول جدية الحكومة في رغبتها في القضاء على الفساد.

وما زاد الطين بلة أن مثل تلك الحوادث، حوادث الاختلاس، باتت تتم عيانا جهارا أمام الجميع، خاصة وأن المعظم يعرف أن هناك العديد من المسؤولين الحكوميين الذين يديرون شركات خاصة بسبب اختلاسهم أموالاً ضخمة من الإيرادات الحكومية، بالإضافة إلى وجود الكثير من الضباط ذوي الرتب المتدنية، يملكون كما هائلا من العقارات، بالإضافة إلى التقارير عن الأموال المهربة إلى دول كماليزيا على سبيل المثال.

وأشار الكاتب إلى أن العزم الحكومي الأخير لمكافحة الفساد، قد تكوّن بسبب المشاكل الاقتصادية التي فاقت حد الاحتمال، أو اتباع نهج جديد يحافظ على الاختلاس، لكن بمبالغ أقل من السابق، مضيفا: رغم الضغط الشعبي للقضاء على الممارسات الفاسدة التي يعتقد أنها في ازدياد، إلا أن الجميع بات متأكدا من صدق احتلال السودان للمرتبة العاشرة في الدول التي تشهد أكثر عمليات غسل أموال في العالم، وفقا لتقرير «معهد بازل» بشأن مكافحة غسيل الأموال في 2017.

وعلاوة على ذلك، يواصل السودان التعاون مع صندوق النقد الدولي، لتطوير نظام مكافحة غسل الأموال، إلا أن هذا التعاون وفقا للكاتب، كان جزءاً من السبب المباشر الذي أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

وفي حديثه إلى البرلمان، قال رئيس الوزراء السوداني حسن بكر صالح، إن كل ما هو ممكن من أجل استقرار الاقتصاد وتنفيذ برنامج للإصلاحات الاقتصادية، يتم اتخاذه.

Can Sudan’s President win his war on corruption?



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023