شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

كاتب لـ«ميدل إيست آي»: السعودية تحاول العودة للمشهد السياسي في لبنان.. الفشل مكتوب

تعرّضت العلاقات الطويلة الأمد بين السعودية ولبنان إلى ضربة قاصمة عقب استقالة رئيس الوزراء «سعد الحريري» وهو في المملكة نوفمبر الماضي ثم فرض قيود على تحركاته داخلها، والجروح التي أحدثها هذا الأمر لم تلتئم بعد؛ لا سيما بين مجموعات لبنانية سنية معينة.

ومنذ حينها ارتكبت السعودية أخطاء في لبنان؛ فبعد أيام قليلة من إطلاق سراح الحريري، بعد تدخل فرنسي بمبادرة من إيمانويل ماكرون، أرسلت السعودية «وليد اليعقوب» سفيرًا إلى لبنان، مقدّمًا أوراق اعتماده مباشرة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون في 3 يناير. لكن، بعد أسابيع، اختفى تمامًا من المشهد وحلّ محله القائم بأعماله «وليد البخاري».

وبعدها، ذهب «ثامر السبهان»، وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، إلى لبنان، وهو شخصية مرفوضة هناك؛ باعتباره سيئ السمعة بسبب رسائله التهديدية والتحذيرية لحزب الله والسياسيين اللبنانيين، وكان قائدًا للشرطة السعودية رقّاه ابن سلمان إلى مرتبة وزير.

ولأنّه الواقف وراء استقالة الحريري المفاجئة، كان «ثامر» المسؤول الأول عن الإخفاقين السياسي والدبلوماسي للسعودية. وعلى أيّ حال، أقصي عن الشؤون اللبنانية بسبب فشله المتكرر.

ثامر السبهان وسعد الحريري

هذا ما رصده الصحفي اللبناني «بول خليفة» في مقاله بصحيفة «ميدل إيست آي» وترجمته «شبكة رصد»، مضيفًا أنّه بعد حادث استقالة الحريري، خفّضت السعودية درجة اهتمامها بلبنان، وتوقّف ذكره في الصحف السعودية، وفي الوقت نفسه توقّفت وسائل الإعلام السعودية عن الصراخ ضد «ميشال عون» وحزب الله وجبران باسيل وزير الخارجية وغيرهم؛ بعدما اعتادت مهاجمتهم بمناسبة أو دون مناسبة.

وقال «سركيس أبو زيد»، رئيس تحرير مجلة «تحوّلات»، إنّ العلاقة بين السعودية ولبنان لم تعد واضحة المعالم؛ بسبب التغيّرات الطارئة التي أحدثها «ابن سلمان» ودائرته داخل المملكة.

أجندة السعودية

لكن، قبل الانتخابات اللبنانية في 6 مايو، بدأ لبنان يظهر مرة أخرى على جدول الأعمال السعودي؛ فوصل المبعوث الملكي «نزار العوا» إلى بيروت في فبراير الماضي، وبدأ في تنظيم جولات وزيارات لشخصيات وأحزاب سياسية.

انتخابات لبنان البرلمانية

وقال سياسي مقرّب من «حزب الله» إنّ السعودية حاولت دون جدوى إعادة إحياء تحالف «14 مارس» المناهض لسوريا والمعارض لإيران؛ لكنّه قوبل برفض شديد من شخصيات بارزة، أبرزهم الزعيم الدرزي «وليد جنبلاط» ورئيس الوزراء «سعد الحريري»، وفي النهاية خاب أمل المبعوث الملكي.

وبعد استقبال الملك السعودي سلمان رئيسَ الحكومة اللبنانية في 28 فبراير الماضي. لم يعرف أحد على وجه اليقين ما دار أو حقيقة الإذلال الذي تعرّض له؛ ما أثار تكهنات في الدوائر السياسية بلبنان.

لكن، من ناحية أخرى، جاءت هذه الزيارات بنتائج مغايرة تمامًا؛ فلم ينضم سعد الحريري إلى حركة «جبران باسيل» الوطنية كما كان مخططًا في البداية. وقال «سركيس» إنّ السعوديين ضغطوا على «الحريري» كثيرًا؛ لكن دون جدوى، وحاولوا مضاعفة حجم الكتلة البرلمانية المسيحية الموالية للسعودية؛ لكن دون جدوى أيضًا.

وتزعم مصادر -رفضت ذكر أسمائها- أنّ السعودية قدّمت دعمًا ماليًا كبيرًا للحريري مقابل تعديل تحالفاته الانتخابية؛ لكنّ المملكة تنفي تدخلها في الانتخابات اللبنانية، كما أعلنت أنها لن تعلق على نتائجها.

تدخل غير مسبوق

لكنّ كلمات السعودية وتصريحات مسؤوليها لم تقنع حزب الله؛ فاتّهم «نبيل قاووق»، عضو الهيئة المركزية للحزب،  المملكة بالتدخل في التشريع؛ عبر دعم مرشحين بعينهم ودعم قوائم بعينها وشراء أصوات وغيرها من المخالفات، وأضاف أنّ التدخل السعودي في الشؤون اللبنانية وصل إلى مستويات غير مسبوقة، والمملكة تعمل حاليًا على تشكيل تحالف لمواجهة حزب الله.

وأكّد «سركيس» أنّ التدخل السعودي جاء في شكل ضغوط اقتصادية وتهديد وتلويح بالعقوبات. وفي 16 مايو، أضاف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، التابع لوزارة الخزانة الأميركية بالتعاون مع السعودية ودول خليجية، حسن نصر الله وتسعة قياديين بحزب الله إلى قائمة العقوبات الأميركية.

وكان التدخل السعودي الأكثر وضوحًا «الاستقالة المفاجئة لمدير مكتب سعد الحريري وابن عمه نادر الحريري»، وهو مهندس التقارب بين رئيس الوزراء والرئيس اللبناني، وساهم كثيرًا في انتخاب «ميشال» رئيسًا للجمهورية اللبنانية.

كما رفض رئيس الوزراء من قبل تعيين شخصيات لا تتمتع بنعمة السعودية ومباركتها؛ مثل وزير الداخلية «نهاد مشنوق»، وختم «سركيس» حديثه قائلًا إنّ الحريري استسلم للضغوط السعودية؛ بإبعاد أعضاء دائرته الداخلية الذين لم ترغب فيهم.

توترات إقليمية

وجاءت إشارة أخرى مقلقة لأولئك الذين يخشون عودة السعودية إلى المشهد اللبناني؛ إذ مثّلت زيارة الحريري للمملكة بعد ثلاثة أيام فقط من انتخابه رئيسًا للحكومة تدخلًا سعوديًا بمباركة الحريري نفسه، واستغرقت الزيارة السرية خمسة أيام.

ويهدف السعوديون إلى إقناع الحريري بعدم إشراك حزب الله في حكومته، وقال عضو اللجنة المركزية للحزب إنّ النظام السعودي ضعيف للغاية؛ لمحاولته منعنا من أن يكون لنا ممثل في الحكومة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023