شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«لوب لوج»: ابن سلمان يتعامل بمنطق الطفل المدلل.. وخريفه سيأتي مسرعا

محمد بن سلمان

نشرت صحيفة «لوب لوج» مقالًا للدكتورة شيرين هنتر، الأستاذة بجامعة جورج تاون بواشنطن، سلّطت فيه الضوء على سياسات ابن سلمان وكيف ستعجّل من سقوطه، واصفة إياه بالابن المدلل لوالده، ويتصرف على المنطق نفسه: يأخذ ما يريد، ولن تدوم علاقته مع «إسرائيل» لو هزمت إيران، وفقًا لمنطق توازن القوى.

قالت الكاتبة، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، إنّ السياسات الخارجية والداخلية للمملكة العربية السعودية اتّسمت بحذرٍ كبير وباحترام التقاليد الراسخة قبل أشهرٍ قليلة؛ أبرزها احترام التراتبية والأسبقية في مسألة الخلافة داخل الأسرة الحاكمة. وحتى وقت قريب، كان الجميع داخلها وخارجها واثقين تمامًا من أنه بمجرد وفاة الملك الحاكم أو في حال عجزه يتولى من يليه.

هذه الطريقة كانت ذات فعالية بين أبناء «آل سعود». وبدلًا من ذلك، قرّر «الملك سلمان» فجأة تجاوز الترتيب؛ فاستبدل بولي العهد الأمير محمد بن نايف نجله «محمد بن سلمان»، الذي بدأ تعزيز سلطته، وفي جزء منها حملته الأخيرة على الأمراء البارزين والأفراد المؤثّرين؛ ولا شك أنّ المملكة، وجميع دول الشرق الأوسط، في حاجة إلى الإصلاح والقضاء على الفساد المتفشي؛ لكنّ «ابن سلمان» اتخذه ذريعة للإطاحة بمن يهدد حكمه، موضحة أنه «في سعي إلى حكمٍ مطلق وليس الإصلاح».

ورطة كبرى

لكنّ نتيجةً لتركيز السلطة جميعها في يده أنه سيكون مسؤولًا عن أي خطأ بعد، ولن يتحمله أحد غيره، كما أن خططه الاقتصادية الطموحة ومغامراته الأجنبية لن تجدي مع غضب المواطنين الذي سينفجر، وسياسته الخارجية ورّطت المملكة في حرب إقليمية؛ لكنّ هذه المرة مع إيران، مع استمرار الصراع اليمني؛ ما يكبّد المملكة خسائر اقتصادية كبرى من شأنها تفاقم الانفجار المحلي.

كما أنّ هذه الظروف مواتية لأن يتّحد الأمراء المعارضون لموقفه، وقد تساعدهم حكومة أجنبية عانت من غطرسة «ابن سلمان»، إضافة إلى أنّ المملكة السعودية ليست محبوبة بين الجماهير العربية؛ بالرغم من أنها اشترت بعضًا منها «مثل مصر السيسي».

لماذا أقدم ابن سلمان على هذا المشروع المحفوف بالمخاطر؟

إنّ شخصيته وتربيته عاملان مهمان؛ فهو الابن المفضّل لوالده، ومدلل، ويستطيع أن يحصل على كل ما يريده. كما إنّ الخلل الذي أصاب توازن القوى في العالم العربي بسبب السعودية نتيجة تدمير العراق وسوريا وترويض مصر لم يترك أيّ دولة عربية أخرى تقف أمام السعودية؛ وهكذا يعتقد الأمير الشاب أنه قادر أن يزيح أي شيء يقف في طريقه، سواء من قطر أو لبنان أو الحوثيين.

لكنّ البلد الوحيد في المنطقة الذي استطاع مواجهة السعودية «إيران»؛ وبالتالي العداء بينها وابن سلمان خاص، ويريد السيطرة عليها.

كابوس

في خضمّ هذه المدة الانتقالية الحساسة للغاية من تاريخ المملكة يدخل «جاريد كوشنر»، وهو شاب آخر يفضّل ابن سلمان. وباعتباره مبعوثًا لإدارة ترامب، يرى أنّ ولي العهد إذا تعاون مع «إسرائيل» للمساعدة في حلّ المشكلة الفلسطينية فالسعودية والاحتلال يمكنهما تحقيق كل شيء آخر معا، بما في ذلك التخلص من إيران نهائيًا. ومع إزاحة إيران من الطريق، يمكن لـ«إسرائيل» الجمع بين نفوذها الدولي ودرايتها التكنولوجية مع ثروة هائلة من السعوديين؛ حتى يتمكن البلدان من إقامة سيادة مشتركة في الشرق الأوسط.

لكنّ الأحلام لديها الوسيلة التي تجعلها كابوسًا، و«أتذكّر حالة الانتشاء والتفاؤل في مؤتمر عام 1993 في إسرائيل عن آفاق التعاون العربي الإسرائيلي، بما في ذلك إنشاء سوق مشتركة، وتحوّل هذا الحلم إلى كابوس عندما اغتيل إسحق رابين وتوقفت اتفاقية أوسلو واندلعت الحروب في المنطقة».

منطق توازن القوى

غير ذلك، هناك أسباب أخرى تجعل من سعي «ابن سلمان» إلى التحالف مع «إسرائيل» لجني فوائد أمرًا ساذجًا. فالاحتلال، بعد إيران، لن يسمح للسعودية بأن تهيمن على المنطقة. وفقًا لمنطق توازن القوى، ينهار التحالف ضد العدو المشترك بمجرد القضاء على العدو؛ فالسعودية لن تشعر بحاجتها نفسها إلى «إسرائيل» بمجرد اختفاء إيران؛ بل قد تستأنف الخطة العربية لتحرير فلسطين، والأسوأ من ذلك أنّ الحرب قد تمتد إلى الأراضي السعودية ذاتها؛ مما يعرّض النظام السياسي الحالي إلى الخطر، والقائم على أساس سيادة الحراك العسكري المتعدد الجنسية.

وتاريخيًا، لم تتمكن أي دولة في المنطقة من فرض هيمنتها على دولة أخرى، وواجه قادة، منذ جمال عبدالناصر إلى صدام حسين ومعمر القذافي، وكذلك إيران في السنوات الأولى من الثورة، مشاكل عميقة أثناء محاولتهم فرض هذه الهيمنة؛ حتى القوى العظمى لم تكن قادرة على تهدئة المنطقة الخاضعة لرعايتها.

كما أنه لا يمكن تحقيق الاستقرار الإقليمي إلا بالاعتراف بحقوق الجميع ومتطلبات الأمن، وهو ما يشمل أيضًا الفلسطينيين؛ وأي صفقة يجبرون على قبولها ولا يعتبرونها عادلة حتى وإن كانت مدعومة من السعودية فلن تستمر طويلًا. وفي النهاية، «إذا أراد ابن سلمان أن ينجح فإنه يحتاج إلى كثير من الواقعية والتواضع وقلة الغطرسة. وإلا؛ فعندما يعلق مشروعه الإصلاحي فسيأتي خريفه مسرعًا».



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023