كيف يُحكم السيسي سيطرته على الجيش ومؤسسات الدولة؟

تغيب عن عملية صناعة القرار في عهد السيسي الطابع المؤسسي وذلك بقدر اعتماده الواضح على دائرة من الأشخاص المتمتعين بثقته الشخصية، وهي مجموعة من الأفراد عددهم قليل، تدور في فلكهم كافة المؤسسات السيادية، وتوكل إليهم كافة الملفات الحساسة، استراتيجية السيسي التي يعتمد عليها في تعيين القيادات مبنية على أساس الولاء وليس على أساس الكفاءة

ويأتي على رأس هؤلاء الأشخاص أبناء السيسي وشقيقه والذين يتمتعون بصلاحيات نافذة في مؤسسات الدولة المختلفة

ومع توالي سنوات حكم السيسي، يظهر بوضوح سيطرة عائلة السيسي في جهات حكومية مهمة، خاصة أدوار نجله الأكبر محمود في المخابرات العامة وسيطرته على الأجهزة الأمنية، وبالتالي سيطرته على الحياة السياسية في مصر التي تدار عبر تلك الأجهزة

محمود ليس وحده، فهناك شقيق السيسي المستشار أحمد السيسي الذي يعبر بشكل جلي عن استنساخ السيسي لتجربة تصعيد نجله محمود في المخابرات ونجله مصطفى في الرقابة الإدارية، حيث يطبقها أيضا في القضاء

الأدوار الأولى لشقيق السيسي بدأت في الاتضاح عام 2016 عندما تدخل لدى رئيس مجلس القضاء الأعلى حينذاك المستشار أحمد جمال الدين عبد اللطيف، لإجهاض أي تحركات من جانب نادي القضاة بقيادة القائم بالأعمال حينها المستشار عبد الله فتحي، لمنع إقالة وزير العدل الأسبق أحمد الزند

وتوالت هيمنة شقيق السيسي على المشهد القضائي خلال أزمة التعديلات التي أدخلت على قانون السلطة القضائية، وجرد بموجبه مجلس القضاء الأعلى من حقه في اختيار رئيسه ورئيس محكمة النقض بالأقدمية المطلقة، وحولها إلى تفويض السيسي في اختيار واحد من أقدم سبعة نواب لمحكمة النقض رئيسا للمحكمة، وبالتالي رئيسا لمجلس القضاء الأعلى

في هذا الملف نتناول بالتفصيل، مهام لوبي السيسي وجنرالاته الذين يتحكم بهم لفرض سيطرته وتمديد فترات حكمه

أولًا: نفوذ العائلة

محمود السيسي

محمود عبد الفتاح السيسي، هو نجل عبد الفتاح السيسي وأحد أهم قيادات ضباط جهاز المخابرات العامة المصرية حاليًا، ويُعد أحد الأفرادة المؤثرة التي يعتمد عليها السيسي في إدارة البلاد

حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية دفعة 97 حربية في عام 2003، وحصل على زمالة كلية الحرب العليا من أكاديمية ناصر العسكرية العليا. التحق بسلاح المشاة ميكانيكا بالجيش الثاني الميداني، وتحديدًا تأمين الخط الملاحي لقناة السويس. وفي عام 2010 التحق بجهاز المخابرات الحربية

قام السيسي بعد تعيين عباس كامل مديرًا لجهاز المخابرات العامة المصرية بنقله في يناير من عام 2018  للعمل في مكتب رئيس جهاز المخابرات العامة.

حسن السيسي

يعتبر حسن الضلع الثالث في جهاز المخابرات العامة، ويُعد كذلك من الأضلاع الهامة التي تدير الدولة تحت حكم السيسي

بعد تعيين عباس كامل مديرًا لجهاز المخابرات العامة تم نقله للعمل بجهاز المخابرات العامة بجوار أخيه محمود السيسي، لإدارة ملفات الانتخابات برمتها سواء الرئاسية أو البرلمانية أو النقابية والطلابية

حسن السيسي متزوج من داليا محمود حجازي نجلة رئيس أركان الجيش الأسبق الفريق محمود حجازي

مصطفى السيسي

الابن الأكبر للسيسي وتخرج في الكلية الحربية، وخدم لفترة في جهاز المخابرات الحربية "هيئة الإستخبارات الحربية حاليًا" أثناء إدارة السيسي لذلك الجهاز، ثم التحق بهيئة الرقابة الادارية عام 2014 بعد وصول السيسي إلى كرسي الحكم

تم تعزير دور مصطفى في هيئة الرقابة الإدارية وكان يتحكم فيها بشكل فعلي بالرغم أنه لم يرأسها

وعزز السيسي دور مصطفى في هيئة الرقابة الإدارية، وحجم من دور الأجهزة الرقابية الأخرى مثل الجهاز المركزي للمحاسبات وسيطر مصطفى على وزارات بالكامل كوزارة التموين، حيث عمل على القضاء على الدولة العميقة لنظام مبارك داخل الوزارات وأجهزة الدولة لتعزيز سيطرة والده

يعتبر مصطفى حلقة الارتباط بين هيئة الرقابة الإدارية وجهاز المخابرات الحربية والمخابرات العامة، فهو من ينسق الأعمال بين تلك الأجهزة، ويُعد أحد أهم العناصر التي تدير الدولة مع السيسي، وله أدوار بارزة في ملفات عديدة

المستشار أحمد السيسي

يعد الشخصية الأهم في أوساط محكمة النقض عقب توليه منصب نائب رئيس المحكمة، كما يرأس وحدة مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، التي تنصب أعمالها خلال فترة حكم السيسي على تتبع أموال المعارضة وتجميدها، خاصة جماعة الإخوان المسلمين

وبرزت هيمنة شقيق السيسي على المشهد القضائي خلال أزمات متعددة، كان أبرزها اختيار النائب العام وكذلك اختيار رئيس مجلس القضاء الأعلى

عباس كامل

يُعد أحد أهم العناصر التي يعتمد عليها السيسي في نظامه، وهو ظل السيسي الذي شغل منصب مدير مكتب مدير جهاز المخابرات الحربية في يناير 2010، وكان من أبناء الجهاز على عكس السيسي الذي جاء من قيادة المنطقة الشمالية لإدارة الجهاز بتوصية من المشير طنطاوي،  وكان من المفترض أن يسلم الملفات للسيسي بعد تعيينه مديرا للمخابرات الحربية خلفًا للواء مراد موافي في يناير 2010 ويعود إلى منصبه كرئيس لفرع الملحقين العسكريين ، ولكن أبقى عليه السيسي مديرًا لمكتبه ومن ذلك التاريخ نشأت علاقة وطيدة بين السيسي وعباس كامل

بعد وصول السيسي لمنصب وزير الدفاع بقرار من الرئيس الراحل محمد مرسي عام 2012 اصطحبه السيسي معه وعينه مديرًا لمكتبه، ثم تم تعيينه مديراً لمكتب السيسي عام 2014، بعد وصول السيسي للسلطة عقب الانقلاب العسكري، وفي عام 2018 عينه السيسي رئيساً لجهاز المخابرات العامة، خلفًا للواء خالد فوزي

ثانيا: جنرالات السيسي

ثالثا: جنرالات تحت السيطرة

وليد حسين أبو المجد

تولى أبو المجد رئاسة هيئة الإمداد والتموين خلفًا للواء صلاح الدين حلمي ، ومكث في منصبة لعام 2021، وبعد خروجه من منصبه عينه السيسي مديرًا لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية التابع للجيش المصري

مصطفى الشريف

مقرب للسيسي تم تعيينه رئيسًا لديوان رئيس الجمهورية عام 2015، وكان رئيسًا لهيئة شئون الضباط أثناء انقلاب يوليو 2013

ظل الشريف يتقاضى راتبًا كبيرًا طيلة مكوثه في منصب رئيس الديوان بخلاف الإمتيازات التي كان يتحصل عليها من المؤسسة العسكرية، وبعد خروجه من منصب رئيس الديوان عينه السيسي مستشارًا له

اكتسب عداوات كبيرة من الأطراف المناوئة التي ضغطت على السيسي للتراجع عن هيمنته على المؤسسة العسكرية، وإخراج بعض رجاله من مناصبهم وكان على رأس تلك المجموعة اللواء الشريف

كامل الوزير

مكث اللواء كامـــل الوزير في منصب رئيس الهيئــــة الهندسيــة أهم ذراع اقتصادي للمؤسسـة العسكريـة في الـفترة من ديسمبــــر 2015 إلى مارس2019، بعد خروجه من منصبه عينه السيسي وزيرًا للنقل وهو مستمر في ذلك المنصب إلى الآن

أحمد نعيم البدراوي

رئيس الهيئة الهندسية سابقًا وهو عضو مجلس عسكري على قائمة الاستدعاء ولديه شركة كبرى تعمل في مجال المقاولات يديرها هو ونجليه محمود و محمد " وتحصل الشركة على أعمال تقوم بتنفيذها من قبل الهيئة الهندسية 

كان يدير في فترة شركة العريش وهي أحد الشركات التابعة لجهاز الخدمة الوطنية، ثم عين بعد ذلك رئيس مجلس إدارة شركة الصعيد للمقاولات،والذي صدر قرار تعيينه فيها في 23 يونيو2014


استراتيجية السيسي

في الحكم عمِلت على تحويل منظومة الحكم من حكم المؤسسة العسكرية ككل إلى حكم الفرد العسكري “الحاكم الديكتاتور ومعه دائرة قليلة جداً” المهيمن والمسيطر على كافة المؤسسات والأجهزة، وذلك خوفاً من مصير مبارك الذي انقلب عليه الجيش في يناير 2011، بسبب ملف التوريث الذي كان يعمل عليه الرئيس الراحل حسني مبارك لنجله جمال، والذي اعتبرته قيادات الجيش خروجا على قواعد الحكم العسكري الذي أسسه جمال عبد الناصر عام 1954، ولكن لم يجرؤ الجيش على أن يأخذ هذه الخطوة إلا لوجود وزير دفاع متحكم فعلياً في الجيش، حيث مكث طنطاوي وزيراً للدفاع من عام 1991، وهي أطول فترة لوزير دفاع مصري من بعد عام 1952، وبالفعل كانت هناك مؤسسة عسكرية يتحكم فيها طنطاوي بشكل فعلي، ومؤسسة للرئاسة يتحكم فيها مبارك ونجله، وعند الاختلاف بينهما حسمت القوات المسلحة المالكة للقوة موضوع إخراج مبارك 

ويعلم السيسي الذي تولى إدارة المخابرات الحربية في عهد مبارك تلك الثغرات ويعمل بشكل جاد حتى لا يقع نظامه في نفس أخطاء سلفه مبارك

ولذلك يحرص السيسي على عدم تثبيت القيادات العسكرية في أماكنها لمدة طويلة، ودائماً ما تتضمن الحركات والنشرات التي اعتمدها السيسي من 2013 إلى وقتنا هذا، تحريك القيادات ونقلهم من مناصب إلى مناصب أو يقوم بإحالة بعض القيادات الأخرى للتقاعد وتسكينهم في وظائف مدنية  وإعطائهم إمتيازات مالية كبرى

سياسة العصا والجزرة مع القيادات

لدى السيسي استراتيجية يتبعها مع قادة الجيش المصري وهي شراء الولاء بعد التقاعد حتى لا يكتسب عداوتهم ولذلك يقوم بتعيين قادة الجيش في وظائف مدنية بعد إحالتهم للتقاعد وذلك ما سنقوم بتناوله وكشفه بالمعلومات والدلائل في الملف القادم