ربما فهم عبد الفتاح السيسي خطأ أن ألمانيا هي حركة “بيغيدا”، أو أن الحركة المتطرفة في عنصريتها وكراهيتها للوجود العربي الإسلامي في أوروبا هي المسيطرة على الشارع الألماني، ولها فروعها في العواصم الأوروبية.
لا تفسير لاصطحاب السيسي في زيارته ألمانيا كل هذا العدد من الوجوه المتسربة من ملفات النازية والفاشية، والذين يمثلون صقور ما يمكن تسميته “اليمين الانقلابي المتطرف”، إلا أن النظام المصري يتصور أن ألمانيا أنجيلا ميركل ستسعد بهذه الهدايا “النازية مصرية الصنع”.
يذهب الجنرال، ولسان حاله يقول”كن نازيا لو زرت ألمانيا، وفاشياً لو حللت في إيطاليا، وبلشفيا لو كنت في روسيا، ومكارثيا لو نزلت إلى أميركا”. ولذا يصطحب معه توليفة من عتاة العنصريين من الفنانين المصريين، والسياسيين، من أهل دراما الإقصاء والإبادة والمكارثية، مدفوعا بوهم أن الاستثمار في “الإسلاموفوبيا” لا يزال يحقق عوائد وأرباحا جيدة في أوروبا.
يصطحب السيسي إلهام شاهين، عكاشة الفن المصري، وصاحبة الصولات والجولات الشهيرة في تعليم المصريين المسلمين أصول دينهم، والتي تعبر بصدق شديد عن “الإسلام السيساوي الجديد”، مرددة طوال الوقت ما يلوكه الزعيم عن تجديد الخطاب الديني، مثابراً، ومهابراً، في توجيه الانتقادات المهينة للمؤسسات الدينية التي يتهمها، طوال الوقت، بالتقصير والتخلف.
ويوفر بيزنس ترويج الإسلام السيساوي، المتشدد في جهله وعبثيته، مساحات أكبر لإلهام شاهين وغيرها من فنانات وفنانين وأزواج فنانات، لكي يدلوا بدلوهم في شؤون الفقه والفتوى، بينما تحكم دولته بالإعدام على عالم وفقيه، بحجم العلامة، الدكتور يوسف القرضاوي، ويصبح شيخ الأزهر، أحمد الطيب، هدفاً سهلا للسخرية والاستهزاء من شخص بحجم طليق فنانة الإغراء، غادة عبد الرازق، حيث يكتب مستبقا زيارة السيسي إلى ألمانيا “لقد نفد رصيد شيخ الأزهر”، لأنه غير متفاعل بالشكل الكافي لتجديد الخطاب الديني على المذهب السيسي.
ولمن لا يعرف صاحب الهجمة الكاسحة على الأزهر، فقد كان حتى شهور مضت زوجا للفنانة غادة عبد الرازق، بعد عودته إلى الضوء، قادما من غياهب السجون في واحدة من أشهر قضايا الفساد، والذي تقول عنه جريدة “روز اليوسف” الحكومية “محمد فودة الإعلامي المدلل الذي ظهر مرة أخرى، بعد خروجه من السجن، في قضية المشاهير الكبرى مع محافظ الجيزة الأسبق، ماهر الجندي، وهي القضية التي هزت الرأي العام عام 1997 وسجن فيها فودة والجندي، بعد اتهامهما بالكسب غير المشروع، وتسهيل الاستيلاء على أراضي الدولة التابعة لهيئة الآثار، عندما كان فودة يعمل سكرتيرا صحافيا لفاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق.. وخرج من السجن واختفى، لكنه عاد للظهور مرة أخرى بعد الثورة وأيام المجلس العسكري”.
لا أعرف إن كان النجم العائد من كبرى ملاحم دراما فساد التسعينيات، ضمن الوفد المشارك في زفة عريس الفاشية المصرية إلى ألمانيا، رفقة يسرا وإلهام شاهين وعلايلي “أبوك السقا مات” أم لا، لكن ما أعلمه يقيناً أن السيسي لم يترك إجراءً يدل على نازيته وفاشيته ومكارثيته، إلا وقام به.. وفي هذا كانت تراجيديا تجريد محمد سلطان من مصريته، ثمناً لحياته وحريته، كافية أنموذجاً صارخاً، على الإيمان العميق لدى السيسي ونظامه بكل موروثات القمع في التاريخ الحديث والمعاصر.
وإمعانا في إظهار الولاء لكل هذا العار التاريخي، كان أن قرر أن ينفذ حملة اعتقالات واسعة قبل السفر، طالت مجموعات من حركة “6 أبريل”، تزامنا مع ورود رأي مفتي الديار السيسية بشأن أحكام الإعدام الجماعية، بحق الرئيس المنتخب محمد مرسي، وعشرات آخرين، ناهيك عن التصاعد المخيف في دعاوى الإبادة، والتي وصلت إلى أن محامي الانقلاب المكلف بملاحقة المعارضين في الخارج والداخل، بدعاوى إسقاط الجنسية والخيانة العظمى، يطالب، عبر التلفزيون الرسمي، بتغليظ عقوبة الإعدام، لتشمل حرق جثة المعارض بعد شنقه، أو رميه بالرصاص.
تلك هي عدة السيسي، وهؤلاء هم عداده، وهو يشد الرحال إلى ألمانيا، متشحا برداء النازية. وبالتالي، لن نفاجأ بصورة تلفزيونية عن قيادة السيسي وفناناته مسيرة لحركة “بيغيدا” المتطرفة في عنصريتها ضد العرب والمسلمين، بشوارع برلين، وإعلانه زعيماً لتجديد الخطاب النازي، ولن يكون صادماً لأحد أن يقرأ خبراً عن تدشين “مقر بيغيدا في القاهرة”.