نشر موقع “الحياة” الإخباري تقريرًا اليوم الإثنين عن وجود انقسام في آراء المسلمين الروس حول تدخل بلادهم العسكري في سوريا، مشيرًا إلى وجود اختلافات بين فريق يؤيد كل ما يفعله الكرملين، وآخر ينتقد التوجُّه نحو دعم النظام السوري، لكنه لا يعترض على الحملة ضد “تنظيم الدولة”.
ولفت التقرير إلى وجود فريق ثالث يرفض انخراط روسيا في تحالف مع “المحور الشيعي”، ولا يخفي ميله إلى قوى الثورة في سوريا.
وأضاف التقرير أن هذه هي المرة الأولى التي يغدو فيها النقاش حول ملفٍّ في السياسة الخارجية حاضرًا بقوة في أوساط المسلمين الروس، ومصدرًا للخلاف بين تياراتهم.
وبين أطراف ترى أن روسيا “تدافع في سوريا عن الإسلام”، كما قال الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، أو تصف تدخُّلها بأنه “عملية مشروعة ونبيلة”، وفق رئيس الإدارة الدينية المركزية طلعت تاج الدين، وتعكس السجالات المحتدمة قلق كثيرين من مسلمي روسيا، حول دفاع روسيا عن الجانب الشيعي “أي بجانب النظام”، ضد الجانب السني المتمثل في المعارضة، وهو أمر حذّرت من تداعياته أطراف روسية في بداية الحملة العسكرية، ونصحت الكرملين بتنشيط السياسة الدعائية الموجهة لإفهام الروس أن موسكو لا تخوض في سوريا حربًا ضد فصيل من المسلمين بل ضد “إرهابيين”.
كان اهتمام السلطات منصبًا على تداعيات التدخُّل العسكري في سوريا، لدى أوساط المتشددين في القوقاز، أو حاضناتهم الاجتماعية، وهو ما برز في عبارة ممثل الرئيس الروسي في منطقة شمال القوقاز سيرغي ميليكوف قبل يومين، حين قال إن العملية العسكرية الروسية زادت أخطار تدهور الوضع في الإقليم الهش.
ولكن سرعان ما اتضح أن المخاوف لا تقتصر على الخشية من عودة مقاتلين مدرّبين من سورية، أو تجنيد أعداد جديدة من الشبان، فهذه أمور تنبّهت لها السلطات ولوّحت بأنها ستواجهها بكل حزم.
ما لم تحسب له السلطات حسابًا هو انقسام الرأي في أوساط المسلمين الذين يجمعهم النفور من الإرهاب والتطرّف، لكن بعضهم بات يتحدث علنًا عن خطأ كبير، ترتكبه القيادة الروسية بانزلاقها للمشاركة في العمليات الحربية مباشرة في سورية.
وفي مقابل مباركة التدخُّل في سورية من جانب الإدارات الدينية لمسلمي روسيا، وهي الهيئات الرسمية القريبة تقليديًا من مركز صنع القرار، لا يخفي كثيرون موقفًا متحفظًا، مثل المفتي نفيع الله عشيروف الذي شكك في أهداف الضربات الروسية، معربًا عن استياء لأنها “موجّهة ضد المعارضة التي اضطرت لحمل السلاح لمواجهة وحشية النظام السوري”.
أما المفكر أحمد يارليكابوف من مركز قضايا القوقاز والأمن الإقليمي التابع لمعهد العلاقات الدولية في موسكو فنبّه إلى أن موضوع العملية الروسية في سوريا” يناقَش على نطاق واسع في أوساط المسلمين، والمزاج العام متحفظ عمومًا”.
وأشار إلى مخاوف لدى الأوساط الإسلامية من أن تمتد مكافحة المتطرفين في سوريا إلى “حربٍ تقف روسيا فيها إلى جانب الشيعة ضد السنّة، وهذا بالطبع يقلق المسلمين الروس، ويجب إيلاء هذه المسألة في المستقبل اهتمامًا أكبر، للحيلولة دون صراعات طائفية”.
الناشط سلمان بولغارسكي، المعروف في أوساط مسلمي روسيا باسم إيرات فاخيتوف، ذهب أبعد من التحفّظ في إعلان معارضة صريحة للتدخل العسكري في سوريا، مشيرًا إلى أن “الخوف يمنع غالبية المسلمين في روسيا من التعبير عن مواقفهم الحقيقية، لذلك يفضّلون الصمت، واللجوء إلى أضعف الإيمان، عبر الدعاء لنصرة الثوار في سوريا”.
وكانت روسيا قد أعلنت في الثلاثين من سبتمبر من العام الجاري عن بدء عملياتها العسكرية في سوريا، بدعوى أنها لمحاربة “تنظيم الدولة”، وأعلن النظام السوري أن التدخل الروسي جاء بطلب من بشار الأسد.