ما بين الحين والآخر وبصورة متكرر، تبرز على الساحة المصرية قضية مثيرة للجدل أو خبر غريب أو تصريح يخالف كل القيم والأعراف، وهو ما يمثل خطة متعمدة لإلهاء المصريين عن الأزمات التي تعيشها بلادهم خاصة منذ انقلاب 3 يوليو 2013، فأهداف استراتيجية الإلهاء المتبعة لم تتغير منذ آلاف السنيين وهي المحافظة على الحكم، وإذا قامت معارضة نُعتت بصفات عدة من تخوين وعمالة وعلى نهج ما أبداه فرعون مصر من تخوفه من دعوة نبي الله موسى عليه السلام “إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ”، قَالَ أيضا “مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَاد”
فهذه السياسة التي تمارسها السلطة لتخفي فشلها الفادح عبر تصدير الأخبار اللافتة والغريبة والمثيرة للجدل مثل أسر قائد الأسطول السادس الأمريكي، أو فتوى للشيخ علي جمعة تقول بأنه “قد مات شهيدا، من مات فداء للمحبوب”، أو الحكم بالسجن 5 سنوات على أطفال أقباط بتهمة ازدراء الأديان، وأخيرا وليس بأخر ضرب عكاشه بهلول السلطة الأول من أحد بهاليل البرلمان بالحذاء
المهم أن يتم تحويل أنتباه الرأي العام عن القضايا الهامة عبر إغراق النّاس بوابل متواصل من المعلومات التافهة, وتشتيت اهتماماتهم بعيدا عن المشاكل الاجتماعية الحقيقية، بجعل الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية، بل أن الأمر يتعدى إلى ابتكار مشكلة أو موقف لإثارة ردّة فعل معيّنة من قبل الشعب، بحيث يندفع الجمهور طالبا لحلّ يرضيه، كالسّماح بانتشار العنف في بعض المناطق ، أو تنظيم هجمات إرهابية قد تكون دموية، حتى تصبح قوانين الأمن العام مطلوبة ولو على حساب الحرية. أو خلق أزمة اقتصادية يصبح الخروج منها مشروطا بقبول الحدّ من الحقوق الاجتماعية أو قبول بقرار لن يتقبله الناس أبدا إلا تحت ضغط الحاجة الملحة لهم, ومن ثمّ قبولها على أنّها شرّ لا بدّ منه
فلو تناولنا أخر حدثين على الساحة المصرية وهما:
أولا: الحكم على أطفال أقباط بعقوبة مشدده بتهمة ازدراء الأديان فبرغم أن الأطفال أخطأوا ويجب عقابهم أنما هل تلك العقول الصغيرة هي المجرم الأساسي بالقضية أم يجب قبل عقابهم عقاب من ملئ رؤوسهم بتلك الأفكار و العنصرية. نعم أخطأوا ولكن ممن تعلموا ؟ هذا هو الأهم حتى لا يظهر أطفال يتناولون نفس الموضوع وربما كانوا بأكثر عنصرية وعدوانية
لو تتبعنا من أين يستقي أطفال الأقباط ثقافتهم لوجدنا أن لهم مصادر محددة منها:
- مدارس الأحد وسماع القداس و العظة الأسبوعية
- تواضروس الذى أعلن بكل صراحة أن فترة حكم الدكتور مرسي كانت خطر على مصر لأنه كان يريد أن يكون الحكم إسلامي
- الامبا بشوي الذي وصف المسلمين بأنهم ضيوف على مصر وأنهم يجب أن يخضعوا إلى أصحاب البلاد الأصلين وهم الأقباط والا فليرحلوا غير مأسوف عليهم
- أعلام مرئي ومقروء طوال الوقت يزدري الدين الإسلامي والمسلمين من أناس محسوبين خطأ على الإسلام منهم أبراهيم عيسى الذي يهاجم الرسول ويطعن بالسيدة عائشة وإهانة الصحابة على صفحات جريدته وعلى شاشة برنامجه
- فريدة وشريف الشوباشي الذين جندوا أنفسهم لمهاجمة الحجاب والمطالبة بخلعه و وصفه بأنه يمثل حرب على الهوية المصرية
- حلمي النمم وزير الثقافة الذى أعلن أن مصر دولة علمانية بالفطرة وليست دولة متدينة بالفطرة كما يقولون
- إسلام البحيري الذي ظل يضرب بثوابت الإسلام ولم يسلم من لسانه أحد عوقب بسنه واحده فقط
- والاهم من كل هؤلاء رأس دولتهم رئيسهم عبقري أخر الزمان وموحد الأديان من وصف المسلمين بالعالم أنهم إرهابيين يودون القضاء على العالم كي يعيشوا هم
كل هؤلاء وغيرهم اشتركوا في تشكيل وجدان المجتمع المصري وجعلوه مجتمع عنصري ضد الإسلام والمسلمين ، لم يعلموا هؤلاء الأطفال المتهمين وحدهم أن يزدروا الإسلام ويسخروا من شعائره ولكن علموا كثير من المسلمين أنفسهم أن يزدروا دينهم ويخجلوا منه، فإذا فكرنا في العقاب يجب أن نعاقب المحرض على الجريمة قبل المنفذ لها.
ثانيا: بهاليل البرلمان
من يوم أن أبتلانا الله بما يسمى برلمان الانقلاب ومنذ جلسته الأولى وسياسة الإلهاء في أنشط حالتها، كل يوم بفضيحة مختلفة أو فيلم كوميدي مسف ممن يفترض أنهم صفوة مجتمع السياسة في (أم التونيا) حتى وصلنا إلى ضرب البهاليل بعضهم بعض بالأحذية تحت قبة البرلمان بحجة واهية ، فمن قام بالضرب يدعي غيرته على (مااااااااسر) من تصرفات البهلول الأكبر توفيق عكاشه الذى أستضاف السفير الإسرائيلي بمنزله
هنا وبكل صراحة لست أدري ما غرابه الموقف أن يدعو عكاشه إلى منزله السفير الإسرائيلي ونحن في بلد ديمقراطي كما يدعون، بلد يحترم الحريات كما يزعمون، بلد يحترم الملكيات الخاصة كما ينص دستورهم المشئوم .
مازلنا نترك رأس الحية ونضرب ذيلها، عكاشه من يوم أن صار له تواجد على الفضائيات وهو يمجد إسرائيل ويسبح بحمدها ليل نهار والكل يعلم ، هنا تتكرر نفس أحداث القضية الأولى بصورة مختلفة فالقضية الأولى تتحدث عن ازدراء الدين أما هذه فتتحدث عن ازدراء الوطن، فمن علمنا ازدراء الوطن؟؟
هنا لابد أيضا أن نبحث عن من يملئ الوجدان المصري بتلك الأفكار مع اختلاف أن المتهم في هذه القضية أحد مشكلي الوجدان أي أنه فاعل وليس مفعول به، من أيضا غير البهلول عكاشه يرتمي بأحضان إسرائيل؟
- تواضروس بعد سنين عده من رفض الكنيسة المصرية التطبيع مع إسرائيل ودخول بيت المقدس يكسر تلك القاعدة ويزور القدس عن طريق تل أبيب
- علي جمعة مفتي الدم في القدس بحماية جنود إسرائيليين
- تطبيع رياضي بين إسرائيل ونادي الزمالك برئاسة مرتضى منصور البرلماني أيضا
- ثم حدث ولا حرج عن رأس الأفعى التي تترأس مصر وما ألت اليه مصر تحت حكمه الميمون (مصر تمنح صوتها لإسرائيل لأول مرة في الأمم المتحدة- مصر تتنازل عن الغاز الموجود بالمتوسط لإسرائيل- مصر تغرق أنفاق غزه بماء البحر بناء على طلب إسرائيل- السيسي عرض سيناء كأرض تقام عليها دولة فلسطينية حسب ما نشرته أحد صحف الكيان الإسرائيلي في سبتمبر 2014- صحف الكيان الإسرائيلي وسياسيه يتغنون بالسيسي الكنز الاستراتيجي الذي يحقق لهم أحلامهم على أرض مصر.
فالي متى سنظل مفعول بنا لا نقوى أن ننتفض على سياساتهم التي يعاملوننا بها على أننا مجموعة قصّر وأطفال صغار(أسمعوا كلامي أنا) والأخطر التوجّه إلى مخاطبة العواطف وهو أسلوب كلاسيكي لتجاوز التحليل العقلاني(لو ينفع أبيع نفسي علشان مصر)، بالتالي يتعطل الحسّ النقدي للأشخاص كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة (يا ريتني كنت أنا) يسمح بالمرور إلى اللاوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار الشعب وإيثار الرّغبات أو المخاوف والانفعالات وكذلك محاولة إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة ليسهل التحكّم به واستعباده. وأخيرا تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة وان ينظر بعين الرضا إلى كونه غبيّا ومبتذلا وغير متعلّم فمن دام على شيء ألفه.