قتل 30 جنديًّا من الجيشين الأرميني والأذربيجاني السبت 2 أبريل2016 في أعنف جولة قتال بين الجانبين يشهدها إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه، منذ انتهاء الحرب الانفصالية الدامية عام 1994، إثر هدنة لم تنجح بحسم النزاع.
وقال الرئيس الأرميني سيرجي ساركسيان إن 18 قتلوا، بينما أُصيب 35 آخرون، جراء اشتباكات وقعت في وقت سابق اليوم، على خط الجبهة مع أذربيجان في إقليم “قره باغ”.
وأضاف ساركسيان “لا يزال من غير الواضح ما ستؤول إليه الأحداث، كما يشهد الشمال والجنوب توترات، وهناك مساعٍ للسيطرة على الوضع”.
وفي تعليق على الأحداث، أوضح الرئيس الأذري حيدر إلهام علييف، في وقت سابق مساء أمس السبت، أن “الجيش الأرميني قام بأعمال استفزازية على خط الجبهة، وشن هجمات على مواقع لنا، لكنه تلقى الرد المناسب جرّاء ما اقترف”.
كما أعلن الجيش الأذري صباح أمس السبت ، في بيان له، استعادته لبعض المواقع الاستراتيجية الواقعة تحت الاحتلال الأرميني، عقب تجدد الاشتباكات، بين الطرفين، والتي أسفرت عن مقتل 12 من عناصره، ووقوع أكثر من 100 جندي أرميني، ما بين قتيل وجريح.
وتابع البيان “ردًا على تلك الاعتداءات، شنّت عناصر جيشنا، هجومًا على مواقع القوات الأرمينية، واستعادت بعض التلال والمناطق السكينة التي تحظى بأهمية استراتيجية، ما أسفر عن مقتل 12 جنديًّا، إضافة إلى خسائر في المعدات شملت دبابة، ومروحية من طراز MI-24“.
دعم تركيا لأذربيجان
وفي غضون ذلك، رجح دافيد بابايان المتحدث باسم “ناجورنو كاراباخ” أمس السبت أن تكون تركيا متورطة في تصعيد النزاع بين أذربيجان وأرمينيا.
وصرح دافيد بابايان المتحدث الصحفي باسم رئاسة جمهورية قره باغ بأن تركيا قد تكون متورطة في تصعيد النزاع في المنطقة.
وتتعاون أذربيجان مع تركيا خاصة في المجال العسكري، وتبادل الوفود العسكرية رفيعة المستوى أمر معتاد، حيث تستهل الوفود التركية زياراتها بوضع الزهور على ضريح “حيدر علييف” في باكو، ثم على ضريح الشهداء الأتراك والأذربيجانيين.
وفي منتصف الشهر الماضي، أكد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره التركي أن تركيا دعمت أذربيجان، ولفت إلى شرائه من تركيا أنواعا مختلفة من المعدات العسكرية والأسلحة، قائلا: “قوة تركيا تعني قوة أذربيجان”.
تجدر الإشارة إلى أن أرمينيا تحتل إقليم “قره باغ” “غربي أذربيجان”، منذ عام 1992، ونشأت أزمة بين البلدين عقب انتهاء الحقبة السوفييتية، حيث سيطر انفصاليون على الإقليم الجبلي، في حرب دامية راح ضحيتها نحو (30) ألف شخص.
ورغم استمرار التفاوض بين البلدين منذ وقف إطلاق النار عام 1994، إلا أن المناوشات المسلحة على الحدود بين الفينة والأخرى، والتهديدات باندلاع حرب أخرى، ما تزال مستمرة، في ظل عدم توقيع الطرفين معاهدة سلام دائم بينهما.
كما أعلنت الصحافة الأذربيجانية أن زيارة الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف إلى تركيا كانت “من دون شك” أهم أحداث ذلك الشهر.
وحسب موقع “1 نيوز” الأذربيجاني الشهير، فإن “هذه الزيارة نفثت حياة جديدة في شعار الزعيم الأذربيجاني إلهام علييف عن الأمة الواحدة والدولتين”.
وتسعى تركيا لتحريك هذا النزاع المجمد منذ نحو 30 عاما بين أذربيجان وأرمينيا، عندما أعلن إقليم ناغورني قره باغ عن انفصاله عن أذربيجان.
جدير بالذكر، أن الوفود التركية كانت تتوافد في الأشهر الأخيرة على باكو. بل إن أردوغان كان ينوي المجيء إلى أذربيجان لولا العمليات الإرهابية المتوالية في المدن التركية.
أما أذربيجان، فكانت في الفترة الأخيرة، تشتري الأسلحة من جيرانها ومن إسرائيل وتراكمها بانتظار ساعة الصفر.
موقف روسيا وإيران من النزاع
وعلى صعيده، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى “وقف فوري لإطلاق النار”. وقال ديمتري بيسكوف الناطق باسم بوتين لوكالات الأنباء الروسية إن الرئيس “دعا الجانبين إلى وقف فوري لإطلاق النار وضبط النفس تجنبا لسقوط مزيد من الضحايا”.
وأجرى وزيرا الخارجية سيرغي لافروف والدفاع سيرغي شويغو الروسيان اتصالات بنظيريهما في البلدين للدعوة إلى وقف التصعيد.
وفي يريفان دعا رئيس الوزراء هوفيك ابراهميان إلى اجتماع عاجل للحكومة في مواجهة “هذه الأعمال العدائية غير المقبولة في مداها من قبل العدو”، مؤكدا استعداده “لاتخاذ الإجراءات لإحلال الاستقرار”.
ويعد تأجيج النزاع بين أذربيجان وأرمينيا، ضربة موجعة توجه إلى إيران التي طالما أقامت علاقات جيدة مع مسيحيي أرمينيا. ضد أذربيجان المسلمة.
وقالت مصادر سياسية إن “تطور الصراع والتحالفات في 2016 وأهمية أرمينيا لتركيا والأمريكان، تتمثل في قطع التواصل الروسي والإيران، وإبعاد أرمينيا عن حلف أيران وروسيا، وهي بطبيعة الحال مصلحة تركية لإضعاف إيران بالتنسيق مع الحليف أذربيجان، ومصلحة أمريكية لإضعاف أوراق الروس في المنطقة”.
وأضافت المصادر أن “تفجر القتال بين أرمينيا وأذربيجان ينبئ بتحسن احتمال تصدير نفط أذربيجان عبر تركيا ثم لأوروبا، وطوق يلف إيران”.
وأنهى حديثه قائلاً إن “تفجر القتال بين أرمينيا وأذربيجان يمثل اختباراً أمريكياً تركياً لمقدرة روسيا وإيران على دعم استقرار حلفائهم في أرمينيا، بعد مؤشرات ضعفهم إقليميا”.