تمهل عزيزي القارئ.. لا تغضب.. لا تسارع إلى اعتبار الكلام جارحًا أو مسيئًا.. أنا أيضًا ابن بلد مفكك يدفعه سياسيوه إلى الهاوية.. اسمح لي بأسئلة بسيطة.. هل هناك شعب عراقي واحد أم أننا أمام شعوب عراقية حشرتها خرائط سايكس- بيكو في سجن عائم على النفط؟ هل هناك شعب سوري واحد أم أننا أمام شعوب سورية؟ هل هناك شعب لبناني واحد أم أننا أمام شعوب لبنانية؟
كنا نتوهم أن ما يرتكبه تنظيم «داعش» الإرهابي على أرض العراق سيدفع القوى السياسية والحزبية والمليشياوية في بغداد إلى شيء من التعقل. حصل العكس تمامًا. أغلب الظن أن أبو بكر البغدادي شديد الاغتباط بالمشهد الحالي في بغداد. وربما وجد في الفشل الصارخ الذي تؤكده أحداث العاصمة العراقية، عزاء بعد الضربات الموجعة التي تلقاها تنظيمه على يد التحالف الدولي والجيش العراقي.
منذ 2002 أتابع الوضع العراقي من بغداد وأربيل محاولًا جمع الروايات وفهم ما يجري. سأشركك عزيزي القارئ في بعض ما يمكن أن يسمعه الصحفي من سياسيين منخرطين في اللعبة العراقية حين يضمنون عدم ذكر أسمائهم.
أضاف «صدقني أن عملية النهب التي يتعرض لها العراق أكبر بكثير مما تعرضت له روسيا غداة سقوط الاتحاد السوفياتي. تسطو المليشيات العراقية على الدولة كأنها تسطو على قافلة غريبة. شراهة فظيعة. وسياسات متعصبة من كل الجهات. سأقول لك كلامًا قد لا تصدقه. أنا أمضيت عمري أعارض صدام حسين وأطارده. يجب أن أقول. كان صدام يأخذ موارد العراق ليوظفها في مشروعه الاستبدادي المجنون. ينهبون العراق الآن من أجل تضخيم حساباتهم وحسابات أولادهم. هل تصدق أن مسؤولين في الدولة يتحدثون عن بلايين الدولارات الضائعة من الموازنة، وكأن الأمر حادث عادي أو عابر. فساد أبناء بعض المسؤولين الحاليين والسابقين يشبه فساد عدي ابن صدام».