ولم أرَ ظلمًا مثل ظلم ينالنا .. يساء إلينا ثم نؤمر بالشكر
يموت الإنسان شيئًا فشيئًا في هذا العالم، فيما الحضارة المزيفة المسماة بالغربية لا يهمها سوى أن تبقى حاكمة للعالم بماديتها المزيفة، وسلعها الاستهلاكية التي إن برقت وأوهمت أنها تحفظ الجسد أماتت الروح.
يموت الإنسان فيما الولايات المتحدة الأمريكية يهمها ان تصنع السلاح وتصدره، هي وكثير من الدول الاوربية، مع “مخازن” عملاقة من أدوات قمع الشعوب، ولا مانع لديها من “مباركة” قمع الحريات، واستنزاف الشرفاء من البشر حتى آخر قطرة دم وحرية، طالما أن الامر يخص دولاً تراها من العالم الثالث، واسم “الثالث” هنا لا لإن الذين يعيشون في هذه “الغابات” المُسماة بلاداً ظلماً للبلاد، إذ يعيث الحكام الظلمة فيها فساداً وقتلاً وتنكيلاً، ويأتي إلى الحكم على ظهر الدبابة، وفوق أشلاء الشهداء، بعدما يطيح بما يسميه الغرب “ديمقراطية” و”صندوق انتخابات”، والغرب، نفسه، يتغنى آناء الليل وأطراف النهار أنه يدعم الحكم بهما، كما كان يفعل إنسان الغاب قليلاً قبل أن يهتدي إذ يصنع صنم عجوة فلما يجوه يلتهمه، ليصير “إلهه” في بطنه!
يُجمّعُ بعض العالمين بالإنسان في الغرب على حقيقته أنه “ذلك” الذي رباه حكامه على ألا تهمه سوى متعه، ويعتبر غيره من البشر ليسوا آدميين من الاساس، أفلم يكن الامريكي يعرف ما يفعله “أوباما” بالعرب والمشرق والمسلمين وأعاد انتخابه لفترة رئاسة ثانية، وربما لو كانت هناك ثالثة لأعطاها له؟
أو لم يكن الفرنسيون يعرفون أن قائد الانقلاب العسكري المصري “عبد الفتاح السيسي” آفاق شره للكذب لما قال لرئيسهم “فرانسوا أولاند” في القاهرة منذ أسابيع قليلة: إن شعوب المنطقة العربية كلها غير متحضرة لا ينبغي ان تتم معاملتها بمقاييس حقوق الإنسان الغربية؟
أو لم يكن البريطانيون يعرفون تماماً أن رئيس وزرائهم “ديفيد كاميرون” بالغ الكذب وهو يقول منذ اسابيع إن بريطانيا دولة مسيحية تواجه الارهاب الإسلامي؟
(1)
يجلس مذيع مصري صدع أدمغتنا بالليبرالية وحرية التعبير والرأي إبان حكم الرئيس محمد مرسي أمام “سفاح” ارتضاه الغرب والخونة من الليبراليين والعلمانيين واليساريين ومصاصي الدماء، والذين لفوا لفهم وداروا دورانهم في العالم لا مصر فقط..ليقول “الخائن الجبان” بمنتهى الصفاقة:
ـ 90% من المسجونين في مصر ليسوا مساجين سياسيين أو معتقلين بل هم متهمون في قضايا جنائية، سرقوا او ما شابه!
فلما “يرتج” على واحد من البشر انعدمت الآدمية فيه، وما من مصري إلا ويعرف إن المسجونين الذين تضاعفوا عقب الانقلاب العسكري أغلبهم مسجونو رأي، وهل الدكتور “حسن أبو شيشع” الحائز على الدكتوراة عام 2002م، وجائزة الدولة التشجيعية عام 2010 في الطب متهم جنائي، وهل الرئيس محمد مرسي متهم بالفعل في اقتحام السجون.. ووزير الداخلية السابق، الشريك في الانقلاب، أنكر هذا بوضوح أيام حكمه!
فلما يرتج على شبيه الإنسان يقول له “السيسي” كما يتم “استنطاق” الأطفال:
ـ كلهم مسجونون إيه؟ جنائيون .. خلي بالك؟!
إنه “يتأله” على الله تعالى بالقول إنه نظر في 10% منهم، وقد قال عنهم إنهم مساجين رأي .. يضيف نظرتُ فيهم ثلاثة مرات وسأنظر الرابعة!
كان هذا الحوار السبت 5 من يونيو/حزيران الجاري، ويال دوران الأيام!
أو ننكر الحقائق التي نعرفها عن المساجين لأن السفاح يقول إنهم سارقون؟ فيما يقول اللواء “مصطفى باز”، مساعد وزير الداخلية، رئيس مصلحة السجون المصرية الأسبق، إن عدد المساجين وصل إلى 80 ألف غير المحجوزين في المديريات والاقسام وغيرها، فإذا كانوا جنائيين فلماذا تضاعفوا بعد الانقلاب؟
هذا عن عدد المعتقلين فماذا عن الشهداء والمصابين .. ولها الله مصر.
(2)
كان إخواننا العراقيون يستنصرون بالجيش العراقي ضد الشيعة فصاروا مؤخراً بعد احتلال تنظيم الدول للفلوجة يستنصرون بالجيش العراقي والشيعة معاً ضد “داعش” المسماة ظلماً بتنظيم الدولة الإسلامية، والأخيرة منها “براء”، ومحاولات تحرير “الفلوجة” تجري على قدم وساق من الشيعة والجيش العراق يخرج “علي السيستاني” المرجع الشيعي بالعراق، الأعلى، ليقول إنه ينبغي على الشيعة أن يراعوا “آداب الجهاد” بعد دخولهم “الفلوجة” إذ إنهم سيبقرون البطون ويستحلون النساء ويقتلون الاطفال والعجائز بل الشباب!
أهذه هي أمة الإسلام على أبواب رمضان؟!
بل إنه الغرب الذين يريد منها أن تهرق دماءها بينها ويصير بأسها شديداً .. كي ينجو بجرائمه ويظل ببهيميته وحيوانيته سيداً وهمياً للعالم!
وهل من “آداب الجهاد” القتال بين المسلمين؟
وهل للجهاد آداب إذا توحش الإنسان؟!
(3)
وكالة “الأناضول” الرسمية التركية السبت الماضي تقول ان “حلب” تتعرض لـ 300 غارة روسية سورية في اليوم الواحد، وأن عدد الشهداء خلال 16 يوماً مضت يقارب 170 شهيداً.
يا الله: أحمرت صفحات “الفيس بوك” منا لفترة وتمت تسمية الصورة الشخصية “حلب تحترق” ثم لم يلبث الأمر كله أن انتهى، ما تزال حلب تباد يا سادة.. الجمعة الماضية فقط سقط عشرات الشهداء، والطيران الروسي والسوري يتعمدان إعادة القصف بعد تدمير المباني وقتل البشر لكي يقتل المسعفين والدفاع المدني، وضمير الغرب مرتاح، والعرب ما يزالون نائمين في سبات لم يحن لهم القيام ضد حكام ظلمة “كبلوهم” بالفقر واجهل على امتدار الوطن.. فيما عدا دول الخليج كبلوها بالمال والسمنة .. اللهم إلا مَنْ رحم ربي!
كان بيت الشعر الأول قبل هذه السطور يقول فيه الشاعر القديم إنه لم ير في الناس مصيبة مثل مصيبته وقومه .. إذ يهانون ويؤمرون بالشكر!