استقبل اهالي سيناء اول ايام عيد الفطر المبارك ، بفرحة غير مكتملة ، تُلاحقها ذكريات ما فقدوه خلال الحرب التي تخوضها القوات المسلحة ضد تنظيم ولاية سيناء ويتحمل المدنيون تبعاتها، يتذكروا قتلاهم ومعتقليهم وأرضهم المهجورة ومنازلهم المقصوفة من قبل الجيش،فتخونهم عبرات تتساقط رغما عنهم لتمتزج بإبتسامة رضا يتمسكوا خلالها بفرحة العيد من وسط ركام الحرب .
بدأت “حياة ” ذات الخمسة عشر عاما الساعات الاولي للعيد مستبشرة ، لكن سرعان ما تلاشت فرحتها بعد أن توافد الاقارب لزيارتهم ، تتأملهم يصافح بعضهم الآخر ،وتعجز هي عن مصافحتهم، فكيف تُصافحهم وذراعها دُفن وسط حطام منزلهم في مدينة الشيخ زويد بعد قصفه في يوليو من العام الماضي واصيبت ببتر في ذراعها جراء القصف
عشرات الأطفال في سيناء حالهم كحال حياة ، سيقضون عيد الفطر بجسد مبتور احد اطرافه ، فقد وثق المرصد السيناوي لحقوق الإنسان 15 حالة لأطفال أصيبوا جراء القصف العشوائي ونتج عن اصابتهم فقدان احد اطرافهم وتشوه جسدهم ، في حين اكدت مصادر من الاهالي ان العدد اكبر من ذلك بكثير ولكن الحظر الاعلامي المفروض علي المنطقة يحول دون توثيقهم .
وفي اول ايام العيد حاولت إحدى الأسر ان تستشعر شئ من فرحة العيد خلال توافد أقاربهم وجيرانهم، لزيارتهم بمنزلهم الجديد في مدينة بئر العبد بعد نزوحهم من قريتهم جنوب مدينة رفح عقب تعرض منزلهم للقصف في أكتوبر الماضي ، فقدت خلاله ابنتيها ، يقول رب الأسرة :
هذا اول عيد لنا بدون بناتنا ، بكت امهم اليوم كثيرا عليهن ، كأنها فقدتهم اليوم ، فهذا اول عيد يمر علينا دون بناتنا ، اول عيد لا اجد من يقبل يدي ويبارك قدوم العيد ، اول عيد لم تجد زوجتي من يستقبل معها الضيوف ويُقدم لهم المشروبات والحلويات .
داخل حجرة من الطوب مساحتها امتار، معدودة علي اطراف، شوارع مدينة العريش ، تسكن عائلة “حسين السويركي ” بعد أن نزحوا من قرية الضهير جنوب الشيخ زويد هربا من القصف العشوائي ، ورغم سوء وضعهم المعيشي ، غير أن زوجته تمكنت من خلال مساعدات أهل الخير من جلب ملابس والعاب لأطفالهم السبعة ، ورغم ان الملابس قديمة مستعملة والالعاب لم تكن تعمل غير انها جلبت للأطفال شيء من فرحة العيد
يقول عم حسين : عندما كنا في الضهير كنا نقضي العيد مع اخواتي واقاربي في ارضنا حيث الهواء النقي وسط الاشجار ، الآن أقضيه في غرفة اشبه بعشش الدواب سيئة التهوية يخنقنا الحر الشديد ويحاصرنا الذباب والبعوض .
وفي قرية الماسورة جنوب رفح يصف خالد الأرميلي استقبالهم العيد: اثنان من اشقائي تم اعتقالهم من قبل الجيش ولا ندري اين هم وخالي قامت ولاية سيناء بتصفيته ، وزوج اختي قام الجيش بتصفيته ، وعلي الرغم من كل هذه المعاناة ومن سوء وضعنا المادي غير ان امي اصرت ان اشتري ملابس العيد كاملة لابناء اخواتي وخالي ، ورغم قتلانا ومعتقلانا وتهجيرنا ، متمسكون بفرحة العيد كتمسكنا بديارنا وارضنا .