شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لماذا نرفض الانقلابات العسكرية ؟

لماذا نرفض الانقلابات العسكرية ؟
نرفض الانقلابات العسكرية كإسلوب لتغيير النظم وإدارة وحكم البلاد، رفضًا مبدئيًا مطلقًا، وليس رفضًا نفعيًا انتهازيًا متغيرًا وفقا لمصالحنا وتحالفاتنا في كل حالة على حدا

 

1)   نرفضها لأنها تحتكر السلطة وتستأثر بإدارة البلاد، ولا تقبل أي مشاركة سياسية أو شعبية، وتحكم بقوة السلاح وتنتهج سياسة فاشية وبوليسية، وتستقوي بالخارج الذى يمدها بالسلاح ويمنحها شرعيتها في مواجهة الشرعية الشعبية والديمقراطية، وتتحول إلى نظم تابعة لا محالة. ويعيش الناس تحت حكمها في خوف شديد، لا يأمنوا على حياتها او حرياتهم أو ممتلكاتهم.

2)   ولأن الدولة ليست جيشا أو مؤسسة عسكرية، لكي يحتكر العسكريون شئون الحكم فيها، وليس من المعقول أو المقبول أن يمر الطريق الوحيد لحكم البلاد عبر بوابات الكليات العسكرية.

3)   ولأن قيام الجيوش بالدفاع عن أرض الوطن لا يعطيها الحق في احتكار حكم البلاد.

4)   ولأن الشعوب والدساتير اختصت الجيوش بالحق في التسليح دونا عن غيرها من المواطنين، من أجل الدفاع عن  أراضي الوطن، وليس من أجل الاستيلاء على السلطة.

5) ولأن تجاربنا مع الحكم العسكري في الوطن العربى بائسة، قادت الأمة، خاصة بعد 1973، إلى الهزيمة والاستسلام للعدو الصهيوني ومزيد من الاحتلال والتبعية ومزيد من الفقر والتخلف، ومزيد من الفرقة والتقسيم التي انتهت بالحروب الأهلية والاقتتال العربي.

6)  ولأنه ليس صحيحا أن العسكريين هم أكثر فئات الشعب وطنية، فالوطنية صفة عامة لا تقتصر على فئة دون أخرى، وتاريخنا ملئ بالمفكرين والسياسيين والمناضلين الوطنيين من المدنيين، كما أنه لا يخلو من عسكريين انتهكوا الثوابت الوطنية كما فعل السادات ومبارك في كامب ديفيد والتبعية للأمريكان.

7)   ولأنها تستبدل إرادة الشعب صاحب السيادة على الأرض والدولة، بإرادة حفنة من الضباط، ولأنها تستبدل قدسية الوطن بقدسية الجنرال.

8) ولأنها تعصف بحقوق وحريات وكرامة المواطنين، ولأنها تسقط آلاف الضحايا من القتلى والمعتقلين والمطاردين.

9)   ولأنها تخضع كل مؤسسات الدولة لمؤسسة واحدة فقط.

10)   ولأنها تعطى السلطة لمن يحمل السلاح، وليس لمن تختاره الشعوب في انتخابات حرة ونزيهة.

11)   ولأنها تخلق نظاما عنصريا يسود العسكريين فيه على المدنيين.

12)   ولأن من يأتى بقوة السلاح لا يمكن إزاحته إلا بقوة السلاح مما يعرض الدول لمخاطرالحروب الأهلية

13) ولأن الدولة المستبدة التي يحتكر حكمها فئة واحدة، تضعف مناعتها، وتكون عرضة للكسر والهزيمة أو الاستسلام والخضوع أمام الضغوط الدولية، ودائما ما كانت الشعوب هي الأكثر قدرة على الصمود وهزيمة الاحتلال، فيما لو اختلت موازين القوى العسكرية.

14)  ولأن القوى الكبرى والمنتجة للسلاح، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، هى الأقدر على تدبير ودعم الانقلابات العسكرية فى العالم الثالث.

15)  ولأنه بعد أن فجرت الشعوب ثوراتها، وقدمت الضحايا والشهداء ثمنا لحريتها، لا يمكن حبسها وإعادتها إلى القمقم مرة أخرى، وإدارتها كثكنة عسكرية.

16)  ولأن المجتمعات البشرية قد استقرت اليوم على رفض وإدانة الانقلابات العسكرية، ولذا لا يجرؤ نظام أو حاكم واحد في العالم اليوم أن يعترف بانقلابه، بل يتبارى الجميع بما فيهم قادة الانقلابات العسكرية على نفى هذه التهمة والوصمة عنهم، والادعاء بأنهم جاءوا بإرادة شعبية.

17)  ولأن قادة الانقلابات العسكرية، لا يشغلون مراكزهم ويكسبون صلاحياتهم وهيمنتهم وفقا لأفكارهم ومواقفهم وانحيازاتهم الوطنية والشعبية والديمقراطية، وإنما وفقا لمواقعهم القيادية ورتبهم العسكرية.

18)  ولأن قبول مبدأ تغيير الأنظمة عن طريق الانقلاب العسكري ولو مرة واحدة، سيفتح أبواب جهنم للمزيد منها في المستقبل.

19)  لأنه لا ندية أو مساواة أو حوار أو نقد أو معارضة أو تعقيب أو مفاوضات أو حلول وسط مع قادة الانقلابات، فغير مسموح إلا بالخضوع والإذعان التام، ولذلك فهي تطرد أفضل العناصر في كل المجالات وتأتي بأردئهم.

20)   ولأن تجارب الشعوب ودروس التاريخ أثبتت أن هناك طريقين لا ثالث لهم للوصول إلى الحكم أو لإسقاط النظم الفاسدة، إما الطريق الديمقراطي لمن استطاع اليه سبيلا، وإما الثورة إذا أغلقت أمام الشعب كل منافذ وقنوات الديمقراطية.

***

لذلك نرفض الانقلابات العسكرية كإسلوب لتغيير النظم وإدارة وحكم البلاد، رفضًا مبدئيًا مطلقًا، وليس رفضًا نفعيًا انتهازيًا متغيرًا وفقا لمصالحنا وتحالفاتنا في كل حالة على حدا.

نرفضه حتى لو أسقط نظاما معاديًا في إحدى الدول المجاورة، لأننا ببساطة لا نقبل أن تتدخل دول كبرى أو إقليمية لدعم انقلابات عسكرية تابعة وصديقة لها في بلادنا؟

ونرفضه في دولنا حتى لو جاء لإسقاط نظاما حاكما نعارضه، فكيف تستقر المجتمعات وتستقيم الحياة السياسية فيها، إذا قرر كل منا أن يستدعى الجيش، في أي وقت، لمواجهة خصومه السياسيين، وكيف نأمن ونضمن أن الانقلاب التالي لن يسقطنا نحن ويعيد خصومنا؟

***

ليست المسألة هي تركيا أو أردوغان، وإنما هي الموقف المبدئي من الانقلابات العسكرية كأسلوب لتغيير النظم وإدارة وحكم البلاد، في أى مكان وفي كل الظروف.

مع أهمية التأكيد بطبيعة الحال على أن مدنية الحكم ليست هي الشرط الوحيد لرشده، فالاستقلال والوطنية والديمقراطية والعدل والنزاهة والعدالة الاجتماعية، هي شروط لا تقل اهمية عن مدنيته.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023