أثار قرار الكنيسة المصرية الأرثوذكسية – أكبر الطوائف المسيحية بمصر- بالموافقة على مشروع قانون بناء الكنائس موجة غضب لدى كافة أقباط مصر في الداخل والخارج، حيث إنهم يرون أن مشروع القانون يتعامل مع الأقباط في مصر على أنهم رعايا.
الكنيسة تتجاهل
أعلنت الكنيسة المصرية الأرثوذكسية، امس الخميس، “التوصل إلى صيغة توافقية مع الحكومة حول مشروع قانون بناء الكنائس”، الذي ثار حوله جدلا وتحذيرات مسيحية رسمية في الآونة الأخيرة.
وفي بيان صادر عن المجمع المقدس (أعلي هيئة كنسية)، نشره “بولس حليم” المتحدث باسم الكنيسة المصرية عبر صفحته بـ”فيسبوك”، بعد ساعات من انتهاء اجتماع المجمع مساء الأربعاءالماضي.
أوضح بيان المجمع المقدس، أنه عقد جلسة بحضور 105 مطرانا وأسقف من بين أعضائه البالغين 126 عضوًا، لمناقشة قانون بناء وترميم الكنائس، دون تفسير لغياب 21 رجل دين عن الاجتماع.
وتابع البيان أنه “بعد المناقشات والتعديلات التي تمت مؤخرا، والتوافق مع ممثلي الكنائس المسيحية (لم يحددهم)، يعلن المجمع المقدس وبنية خالصة، التوصل إلى صيغة توافقية مع ممثلي الحكومة، وتقديمه لمجلس النواب (البرلمان)”، لافتا إلى أن مشروع القانون “مزمع تقديمه إلى مجلس النواب خلال أيام “.
الكنيسة تبرر
يقول الكاتب الصحفي جرجس ابراهيم ، “المتخصص بالشأن القبطي”، إن موافقة المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية برئاسة البابا تواضروس الثاني، على قانون بناء الكنائس المقدم من الحكومة والتوافق على القانون تمهيدا لإقراره بعدعرضة على البرلمان هو انتصار من الكنيسة الوطنية المصرية للوطن.
وأضاف إبراهيم، في تصريحات صحفية له، أن القانون الخاص ببناء الكنائس عليه بعض الاعتراضات ولكن الكنيسة فضلت إقرار القانون بكل ما عليه من اعتراضات لتفويت الفرصة على أعداء الوطن وغلق باب الفتنة الطائفية من نشطاء السبوبة والمتاجرين بقضايا الأقباط.
وشدد على أن موافقة الكنيسة الوطنية المصرية على القانون بالرغم من وجود اعترضات على بعض المواد جاء بسب الظروف التي تمر بها البلاد والمخاطر التي تتعرض لها، لافتا إلى أن البابا تواضروس الثاني هو شخصية وطنية من طراز فريد من نوعه يعي جيدا للمخاطر التي تتعرض لها البلاد، كما أن قداستة يفضل بناء الوطن المصري الحديث الديمقراطي الدولة القوية التي تتسع لجميع ابنائها علي المطالح الطائفية الضيقة.
حملة جمع توقيعات لرفض القانون
وأطلق عدد من شباب الأقباط حملة لجمع التوقيعات تحت شعار “رفض” لرفض قانون بناء وترميم الكنائس المطروح من الدولة.
وحملت ورقة جمع التوقيعات عددا من البنود المتحفظ عليها من قبل الأقباط، أبرزها تحديد سور حول الكنيسة في ظل عدم توافر المساحات في القرى الصغيرة.
وأرجع الشباب رفض القانون لأنه حدد ملحقات الكنيسة بأن جميعها داخل سور الكنيسة في ظل الاحتياج لبيوت خدمة خارج الكنيسة لصغر مساحتها.
وأضافت الحملة، أنها ترفض القانون تحت مظلة القانون 119 لسنة 2008 الخاص بتنظيم البناء في حين أغلب مناطق القاهرة عشوائية وكل القري والمدن بالأقاليم مبنية خارج القانون المشار إليه، متسائلًا: “فكيف يطبق على الكنائس حصرا”.
وأكدوا رفضهم لقانون الذي يضع عدد الأقباط معيارا للحاجة في بناء كنيسة وكان الأقباط رعايا دولة أجنبية وليسوا مواطنين.
شباب ماسبيرو
رفض اتحاد شباب ماسبيرو القانون المقترح لأنه يتعامل مع الأقباط كرعايا وليس مواطنين،على حد وصفهم، وقام عدد كبير من الشباب القبطى وأعضاء الاتحاد بتغيير صورتهم الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى “فيس بوك” على شكل صليب، فى إشارة منهم إلى “أن القانون الجديد سيمنع وضع صلبان على الكنائس”.
واقترح هانى صبرى، الناشط الحقوقى، جمع أكثر من مليون توقيع لرفض مقترح القانون، مشيرا إلى أنه معيب وطائفى وفيه انتقاص من الحقوق الدستورية المشروعة وضد المواطنة والمساواة بين المصريين، ويجعل المسيحيين مواطنين من الدرجة الثانية.
تهديدات برفع قضايا دولية
وأعلنت الهيئة القبطية الهولندية رفضها قانون بناء الكنائس الجديد، حيث يشترط موافقة المحافظين والمحليات على بناء الكنائس، إضافة إلى موافقة الجهات الأمنية من عدمها دون إبداء أسباب، وتؤكد الهيئة أنها تريد قانونا للمصريين جميعًا، وليس لدور العبادة يقسم الشعب لطوائف.
واستنكرت، فى بيان، طرح الدولة لقانون يقف ضد المواطنة ويميز بين أبناء الشعب، لأنه لطائفة دينية، رغم أن القانون الذى كان حبيس الأدراج عبر سنوات ماضية كان يحمل (مشروع قانون دور العبادة الموحد) ويشمل كل الأديان.
وقالت إنه حال استمرار الدولة بإصدار قانون يهدد الوحدة الوطنية ستتجه الهيئة للشكل القانونى برفع دعوى قضائية أمام المحكمة الدستورية لوقف هذا القانون، مثلما فعلت فى وقف انتخابات البرلمان عام 2014، بسبب عدم أحقية المصريين بالخارج فى الترشح لمجلس النواب.
وأدان اتحاد المنظمات القبطية في أوروبا مسودة قانون بناء الكنائس وقال الاتحاد إن مواد القانون تضع مصر قيادة وحكومة وشعبًا على المستوى الدولي في موقف الدولة التي يمارس فيها التمييز العنصري والديني مما يؤدى إلى آثار سلبية على مختلف أنشطة التعاون الدولي مع دول العالم على كل الأصعدة سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا وسياحيًا وعلميًا.
وأضاف الاتحاد أن مشروع القانون يهدم أسس المواطنة والمساواة، ويعد قانون عنصري يتعارض مع الدستور الذي يحمي حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية، والمساواة بين المصريين.
وتابع: “إننا ننبه الحكومة المصرية بأن ملف حقوق الإنسان في مصر ملتهب وسلوك الحكومة مشين ويعمل على صب المزيد من النار على الزيت”.
وأعلن الاتحاد رفض مشروع قانون الحكومة لبناء وترميم الكنائس، وقال إنه يكرس للعنصرية بكل شدة، وأضاف أن الاتحاد يرفض القانون رغم موافقة القيادات الكنسية عليه، وقال إنه “من صميم عملنا كاتحاد منظمات حقوقية الدفاع عن الحريات بما في ذلك حرية العقيدة”.
ولوح باتخاذ كل الإجراءات والخطوات المتاحة قانونيا ودوليا تجاه هذا القانون العنصري بحسب وصفهم، وطالب بنقل الملف القبطى من قبضة الأجهزة الأمنية إلى رئاسة الجمهورية.
حجي: ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
انتقد عصام حجي، عالم الفضاء المصري بوكالة “ناسا” ، مشروع قانون بناء الكنائس، الذي يعطي المحافظين أحقية منع وضع الصليب على الكنائس.
وقال حجي، خلال تدونية له بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”: “مشروع قانون منع الكنائس من وضع الصليب فوقها هو إهانة لكل مسلم ومصري قبل أن يكون أي شيء آخر”.
وتساءل: “كيف لنا كمسلمين أن نطلب الرحمة والمحبة، ونحن نمنعها عن أخوتنا المسيحيين؟ كيف لنا أن نكون بهذه القسوة في تغييب ضمائرنا؟ ولا نذكر أن تحت صليب كاتدرائية العباسية عقدت صلاة الجمعة للمسلمين حينما أغلق الأزهر الشريف من مختلف المستعمرين على مر العصور؟ كيف نشعر بالكرامة والعزة وأخوتنا المسيحيين تسلب حقوقهم في إيجاد مكان أدمي للعبادة، ويهزأ بألآمهم لهذا الحد؟”.
وتابع حجي: “أن صمت كل مسيحي في مصر صرخة تنادي ضمير كل مسلم صحيح العقيدة”، مختتمًا: “الصليب فوق كل كنيسة حق لكل مسيحي وشرف لكل مسلم، ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا”.