شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

روسيا لأمريكا… العين بالعين وحلب بدير الزور – سامية أنور دنون

روسيا لأمريكا… العين بالعين وحلب بدير الزور – سامية أنور دنون
بدأت آخر حلقات المسلسل الروسي الأمريكي لفرض السيطرة عندما خدع الأخير الأول بكل دهاء، وأستدرجه لتوقيع هدنة وقف اطلاق النار في سوريا، ولأن الهدنة ما هي إلا "أمر دبر في ليل" على الذوق والهوى الروسي!

بدأت آخر حلقات المسلسل الروسي الأمريكي لفرض السيطرة عندما خدع الأخير الأول بكل دهاء، وأستدرجه لتوقيع هدنة وقف اطلاق النار في سوريا، ولأن الهدنة ما هي إلا “أمر دبر في ليل” على الذوق والهوى الروسي! أصرت أمريكا أن تظل تفاصيل الهدنة في طي الكتمان بينها وبين الروس لا ثالث لهما، ولأن روسيا “كعادتها” لا تترك سبيلا لإحراج امريكا والتقليل من قدرها إلا وتسلكه، طالبت واشنطن بكشف بنود الاتفاقية السرية بينهما علنا أمام العالم (سعيا منها لكشف حجم التخاذل والتآمر الأمريكي المخزي لصالح النظام)، لكن أمريكا بقيت مصرة على موقفها ورفضت إخراج تفاصيل الاتفاقية للعلن مما وضعها في موقف مخزي أمام العالم، إضافة إلى أن واشنطن وجدت نفسها أمام التزام صعب، وهو مشاركة الروس في تشكيل غرفة تنسيق عسكرية للقضاء على الجماعات الإرهابية “المتشددة” كما يدعون، مما يعني حسم المعركة السورية نهائيا لصالح النظام، وهو الشيء الذي سعت إليه موسكو مذ أول يوم أعلنت فيه دخولها الحرب السورية، وهذا ما استفاقت عليه أمريكا متأخرا!

أمريكا التي تسعى إلى ابقاء نار الحرب السورية متأججة بلا نصر ولا هزيمة، أصبحت مجبرة وفق شروط الهدنة أن تسير نجبرة نحو إنهاء الأزمة السورية كما يشاء الروس والنظام السوري، فلم تجد لها مخرجا سوى أن تنهي الهدنة التي أبرمتها بيدها بأي شكل من الأشكال حتى تحفظ ما بقي في وجهها من ماء، لذى لجأت إلى خديعة ملتوية لإجبار الروس والسوريين على خرق الهدنة بأنفسهم، وتحقيقا لهذا الهدف انطلقت 4 طائرات “اف17” في غارة جوية يوم السبت الماضي، ادعت أمريكا أنها تستهدف مقرا للجماعة الإرهابية “داعش” قرب مطار دير الزور، وعن طريق “الخطأ”! أعيد وأكرر عن طريق ” الخطأ”! قتلت 80 جندي سوري وجرحت مئات آخرين، ليتبين فيما بعد أن ما تم قصفه من قبل الطائرات الأمريكية ما هو إلا موقعا للجيش السوري وليس للجماعات الارهابية!

أمريكا التي طالما أعلنت بأن أقمارها التجسسيه المنتشرة في كل مكان في هذا العالم، تستطيع معرفة كل ما يجري في بيوتنا، وداخل غرف نومنا، ولون ستائرنا، تدعي اليوم جهلها بمعرفة أماكن الجيش السوري التي قصفها صقور دفاعها الجوي! وهو الأمر الذي يستحيل تصديقه!

ظل المجتمع الدولي يترقب الرد الروسي السوري المشترك على هذه المسرحية الأمريكية التي تشبه مسلسلات “الكابوي”، لكن الروس استطاعوا ضبط أنفسهم وعدم الانزلاق إلى المبتغى الأمريكي، الذي كان يهدف إلى استدراج الروس لفك الهدنة بأنفسهم، بالقيام بأي رد عسكري انتقامي، لكن الأخير ظل متمسكا بالهدنة حتى يومها الأخير.

لم يتمكن الدهاء الأمريكي أن يتغلب على الدهاء الروسي، الذي انتظر حتى تمام الساعة السابعة من مساء يوم الاثنين الموافق 19-9-2016 وهو اليوم المحدد لنهاية الهدنة لشن أكثر من خمسين غارة جوية، بطائرات ومروحيات روسية سورية مشتركة على البلدات الخاضعة لسيطرة المعارضة في مدينة حلب وريفها، ألقت خلالها البراميل المتفجرة، والقنابل الفسفورية، وصواريخ الأرض أرض، مما أدى إلى قصف مقر للهلال الأحمر وقتل أكثر من 32 شخص في غضون ساعتين فقط، من بينهم 22 متطوع من الهلال وحرق 20 شاحنة اغاثة تابعة لمنظمات دولية كانت محملة بالمواد الغذائية واللوازم الطبية وغيرها، في بلدة اورم الكبرى في ريف حلب الغربي.

إن الرد الروسي العسكري على الاعتداء الأمريكي لم يأتي مباشرة  لكنه أتى عنيفا جدا، حيث وجه بوتين رساله الى العالم من خلال امريكا مفادها ” الجيش السوري خط أحمر “، وأظن بأن العالم وفي مقدمته أمريكا قد فهم هذه الرسالة جيدا، ولهذا اضمحلت الأصوات الدولية المنددة للاعتداء الروسي على قوافل الإغاثة المشتركة من الغاضبة جدا إلى المستنكرة فقط، الى حد أن أهم الصحف الأمريكية التي نقلت الحدث منذ بدايته، غيرت عناوين أخبارها من ” قصف المساعدات الدولية” إلى ” مهاجمة المساعدات الدولية” في نفس اليوم أو اليوم التالي!

إذن لقد باتت سورية ساحة لتصفية حسابات الدول العظمى فيما بينها، بالإضافة إلى كونها ساحة لتصفية حسابات الدول الإقليمية والمحلية أيضا، أمريكا تغدر وروسيا تعاقب والشعب السوري يتلظى بين نيران هذه وتلك، حيث صرح متحدث باسم الأمم المتحدة بوقف قوافل المساعدات الإغاثية التي كان يفترض أن تصل إلى سكان المناطق القابعة تحت سيطرة النظام السوري، مما زاد من مآسي هذا الشعب مآسي اضافية.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023