أثارت استضافة قناة الجزيرة القطرية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأسبوع الماضي، حفيظة العديد من الدوائر العربية، فعلى مستوى مصر وفي أعقاب إذاعة الجزيرة لفيلم وثائقي يهاجم نظام التجنيد الإجباري في مصر، صرح النائب بالبرلمان يحيى الكدواني وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان، بأن استضافة قناة الجزيرة القطرية كلاً من بنيامين نتنياهو رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، والمتحدث العسكري الإسرائيلى أفيخاى أدرعي، يؤكد حجم العمالة – على حد قوله- من جانب قناة الجزيرة ودولة قطر ضد المنطقة.
وأضاف الكدواني في تصريح له لموقع “اليوم السابع”، أن ما تفعله الجزيرة هو أمر شاذ لا يتقبله عقل أو منطق، موضحًا أن استضافة الجزيرة قيادات اسرائيلية يؤكد حجم التعاون المشترك بين الدوحة وتل ابيب ضد المنطقة.
وقد فتح الحدث الباب واسعًا أمام كثير من المهتمين بالشأنين الإعلامي والسياسي في العالم العربي خاصة في مصر، وهو الأمر الذي زاد من وتيرته طبيعة الخلاف السياسي بين النظام في مصر ودولة قطر، وعلي إثر ذلك تم إطلاق الاتهام بالعمالة والخيانة لقطر والجزيرة.
ويقول الإعلامي المصري حمزة زوبع، إن الذين يهاجمون الجزيرة لهذا الأمر يجب أن ينظروا إلى أنفسهم أولاً، وإلى النظام الذي يأتمرون بأمره، فلم تفرح دولة بوصول السيسي للرئاسة في مصر كما فرحت “إسرائيل”، وألمح زوبع إلى التصريح الشهير لرئيس جهاز الموساد الذي قال على العالم الحر أن يدعم السيسي لأن دعمنا نحن في “إسرائيل” له بشكل مباشر يسبب له إحراجًا شديدًا، مؤكدًا على أن مشاركة نتنياهو في مؤتمر حول مكافحة الإرهاب ونقل الجزيرة للمؤتمر لا يدين الجزيرة مهنيًا ولا أخلاقيًا.
تلفيق مقصود
ويرى خبراء أن وكيل لجنة الدفاع في برلمان مصر وكل من هاجم الجزيرة على هذا الموقف يعلمون جيدًا أن الجزيرة لم تستضف أحدًا من المسئولين الإسرائيليين؛ فالجزيرة نقلت وقائع مؤتمر شارك فيه نينياهو بكلمة ولم تقم باستضافته.
ومن هؤلاء الدكتور محمد عبد الله هلال أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية بالكويت الذي قال إن الأجواء المشحونة بين قطر ومصر على أثر الفيلم الوثائقي “العساكر”، الذي بثته الحزيرة مؤخرًا أفقد البرلمانيين المصريين صوابهم، فالوسط السياسي لم يعرف مستوى من التعاون والتطبيع الذي قد يصل لحد العمالة، كما يرى هلال، مثلما عرف في فترة حكم النظام الحالي في مصر.
وأكد على أن الجزيرة عندما تستضيف مسئولين إسرائيليين تستضيف متحدثين رسميين باسم الحكومة عندما يكون الأمر متعلقًا بشكل مباشر بقضايا تخص “إسرائيل” والقضية الفلسطينية.
وعلى المستوى المهني يرى الإعلامي المصري مسعود حامد، أن قناة الجزيرة دأبت على استضافة عدد من المسؤولين الإسرائيليين وغيرهم، وقد كان ذلك جديدًا وصادمًا منذ عقد ونصف، لكنه الآن صار جزءًا من شخصيتها المهنية تطبيقًا لشعارها الرأي والرأي الآخر، وقد أظهرت كل تفاعلاتها من خلال التقرير والتحقيق والخبر والحوار التليفزيوني تحيزها للمشروع العربي، فلا مزايدة على شبكة الجزيرة الناجحة كما يرى حامد.
ويتساءل حامد: لماذا لم ينتفض هؤلاء البرلمانيون عندما حضر نتنياهو حفل السفارة المصرية بتل أبيب بثورة الثالث والعشرين من يوليو الماضي؟ ولماذا لم يعلقوا عندما قالت هآرتس الإسرائيلية إن التعاون مع مصر لم يسبق له مثيل منذ توقيع كامب ديفيد؟!
من جانبه يرى عبد العزيز محمد ( ناشط مصري مهتم بالقضية الفلسطينية) أن البرلمانيين في مصر يتناولون المسألة غير مفرقين بين مواقف الدول ومواقف المؤسسات الإعلامية التي تعمل وفق منهجية مهنية لا علاقة لها بالسياسة، خاصة أن الجزيرة قدمت العديد من الأدلة على انحيازها للقضية الفلسطينية، بل وهاجمت بشكل معلن السياسات الاستيطانية للمحتل الإسرائيلي، ضاربًا المثل بذلك في أكثر من حلقة لبرنامج ” تحت المجهر” وغيره من البرامج التوثيقية التي ناصرت الفلسطينيين.
وعلى أثر السلام الدافئ بين مصر و”إسرائيل” الذي أشار له رئيس مصر منذ قرابة الأربعة أشهر كان السفير الإسرائيلي السابق لدى مصر تسيفي مزال قد صرح في مقال له على موقع ” المعهد الأورشليمي لشؤون الدولة” أن الآونة الأخيرة شهدت تطورات سياسية متلاحقة بين الجانبين المصري والإسرائيلي، مثل إعادة السفير المصري لإسرائيل، وافتتاح السفارة الإسرائيلية بالقاهرة، وزيارة وزير الخارجية المصري سامح شكري لتل أبيب، وحديثه أمام طلاب المرحلة الثانوية عن عدم وصف الهجمات الإسرائيلية بأنها عمليات إرهابية واعتبارها دفاعا عن النفس، بل إن مصر أرسلت أخيرًا مروحيتين لمساعدة “إسرائيل” في إطفاء الحرائق.