بعد الهجوم المباغت للثوار على العاصمة السورية دمشق، في خطوه اعتبرها العديد من السياسيين أنها نقلة نوعية للمعارك من الأطراق للعمق، واصلت فصائل الثوار اليوم الأربعاء تقدمها على قوات النظام في ريف حماة الجنوبي، بحيث تمكنوا من تحرير حاجز “المداجن” قرب قرية ديرالفرديس بعد عدة مواجهات.
وسيطرت قوات الجيش السوري الحر، أمس الأربعاء على مواقع جديدة في ريف حماة الشمالي في الحملة الثالثة على التوالي ضد قوات الأسد والميليشيات الأجنبية الموالية له، وتمكن الثوار من تحرير كل من قرية المجدل ومعرزاف ومنطقة ضهر بيجو واغتنام دبابة بها وحاجز المداجن في محيط جسر محردة.
وصباح اليوم، أعلن الثوار تمكنهم من السيطرة على قرية تسوربين وعلى رحبة خطاب العسكرية والسيطرة الكاملة على قرية خطاب الواقعة بريف حماة الشمالي، كما تم السيطرة على النقطة 50 ومداجن السباهي في ريف حماة الشمالي وتدمير دبابة T72 وقتل وجرح عدد من قوات الأسد وموالين له.
وتهجم المعارضة من أكثر من محور على قوات النظام، وتحاول التقدم باتجاه مطار حماة العسكري ومركز محافظة حماة، وهما مركزان حساسان للنظام وما زالا بعيدين عن نقاط تمركز المعارضة، ولا تبعد حماة ومطارها العسكري سوى ثمانية كيلومترات عن جبهة الاشتباكات.
رد النظام
مع انطلاق معركة تحرير حماة، والتقدم السريع الذي حققه الثوار والانهيار السريع في خطوط الدفاع الأولى للنظام عن مناطق الريف الشمالي، شن طيران النظام والطيران الروسي غارات عدة على مناطق مدنية بعيدة عن الاشتباكات.
وتعرضت مدن وقرى كفرزيتا واللطامنة وحلفايا ومورك وطيبة الإمام والأربعين ولطمين ولحايا لعشرات الغارات الجوية، ما تسبب باستشهاد مدني في مدينة حلفايا وإصابة عدد من المدنيين بجروح.
وقصف طيران النظام والطيران الروسي المناطق المحررة حديثًا بالصواريخ العنقودية والفراغية والبراميل المتفجرة، فضلًا عن مئات القذائف المدفعية وصواريخ أرض -أرض التي أطلقت من المطار العسكري وجبل زين العابدين.
الأهمية العسكرية
قال الخبير العسكري والاستراتيجي، العميد خليل الحلو، إن التعزيزات التي يدفع بها الجيش السوري إلى منطقة حماة تأتي مع تقدم قوات المعارضة للمدينة، خاصة أنها أصبحت على بُعد 8 كم من المطار العسكري، وهو ما يعني استحالة استخدامه في تقديم الدعم الجوي لحلب واللاذقية حالة وقوعه في مرمى نيران المعارضة.
وأضاف “الحلو”، المقيم في بيروت، خلال لقاء له على فضائية “الغد” الاخبارية، أن هذا المطار يحتوي أيضا على مصنع لصنع الذخائر الجوية، وهو يعد من الأماكن الحيوية للنظام السوري، لذا قام الجيش السوري بدفع قوات عسكرية لتأمين المنطقة وصد الهجوم عليها، لافتا إلى أن ما يحدث من هجمات متزامنة لقوات المعارضة السورية جاء بعد تمدد الجيش السوري في العديد من المناطق ولم يُعد يركز جهده على منطقة معينة.
وأوضح “الحلو” أن المعارضة تحاول أن تستغل هذا التمدد لشن هجمات وتحسين موقفها السياسي وتحقيق مكاسب على الأرض، مؤكدا أن ميزان القوة لا يزال في صالح قوات الجيش السوري نتيجة الدعم الروسي اللا محدود، بالإضافة إلى الاعتماد على الكثافة النيرانية من الطيران والمدفعية.
مدينة حماة
– قاعدة عسكرية لتمركز حزب الله منذ عام 2012.
-يحوي مراصد لحزب الله وراجمات صواريخ ومدافع بعيدة المدى.
-يعتبر النقطة الرئيسية التي تحمي مواقع النظام في مطار حماة العسكري.
-يطل على منطقة “قمحانة” التي تعتبر خزان بشري للنظام.
-فيه قواعد صواريخ متوسطة وقصيرة المدى، يتم إطلاقها على الشمال السوري.
-السيطرة على جبل زين العابدين يعني السيطرة على الأوتستراد الدولي، وإمطار مطار حماة العسكري بالصواريخ بعد رصده بشكل دقيق، إضافةً لإشرافه على مدينة حماة.
-السيطرة على جبل زين العابدين يعني، من حيث المصلحة، منع حزب الله من كشف مساحات واسعة من الريف الشمالي لحماة، حيث تحركات قوات المعارضة السورية، والسيطرة على الموقع يمنح المعارضة القدرة على التحرك بأريحية كبيرة.
-ضرب النظام في أهم نقاط قوته التي تعتمد على السيطرة على المرتفعات لزيادة عمليات الرصد والتغطية المدفعية لمناطق واسعة، حيث يحوي الموقع عشرات الصواريخ والاف الذخائر.
ومدينة حماة، تحتل المرتبة الرابعة من حيث السكان بعد دمشق وحلب وحمص، تقع في وسط سوريا، وهي مركز محافظة حماة، تقع على نهر العاصي، وترتفع عن سطح البحر حوالي مائتين وسبعين مترا.
تعتبر حماة حسب ما يقول معارضو حزب البعث الحاكم في سوريا “شوكة في الحلق” بالنسبة للبعث، فقد ثارت حماة ثلاث مرات على البعثيين الأولى عام 1964 والثانية مع حلب وجسر الشغور بين أعوام 1979-1982 التي انتهت عام 1982 بدخول الجيش إلى حماة وقتل 30 الف من سكان المدينة.
والمرة الثالثة هي عام 2011 أثناء ثورة 15 مارس في ظل موجة التغيير العربية مع عدة مدن أخرى مثل درعا وحمص ودير الزور وقسم من اللاذقية ودوما وغيرها, وكانت احتجاجات حماة هي الأكبر في سوريا شارك فيها مئات الآلاف من المتظاهرين الذين احتشدوا في ساحة الشهداء وسط المدينة.
مفاوضات جنيف 5
والجمعة، تنطلق الجولة الخامسة من مفاوضات جنيف للسلام السورية برعاية الأمم المتحدة، في ظل انتهاكات يقوم بها النظام السوري لاتفاق وقف إطلاق النار، ومحاولات المعارضة التصدّي لها.
وفي 3 مارس الجاري، اختتمت مباحثات “جنيف ٤”، بعد ثمانية أيام اتفقت فيها الأطراف المجتمعة على 4 سلال تشكل جدولاً واضحاً للعملية التفاوضية بشأن التوصل إلى حل للأزمة السورية.
ووصل رئيس الوفد نصر الحريري مع عدد من أعضاء الفريق التفاوضي إلى جنيف قادمين من إسطنبول، فيما وصل بقية الوفد من السعودية، حيث من المقرر إجراء لقاء مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، ظهر الخميس.
وقال سالم المسلط، المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات التابعة للمعارضة، في تصريحات للصحفيين من أمام مقر إقامة الوفد بجنيف، إن “لقاء سيعقد الخميس، في الفندق(مقر إقامة وفد المعارضة) مع دي ميستورا”.
وأضاف المسلط: “هناك نقاط كثيرة نود طرحها، كما نريد معرفة موقف الأمم المتحدة من التطورات التي ينفذها النظام السوري والمليشيات الداعمة له وتنظيم حزب الله اللبناني، على الأرض”.
وذكر أن وفد المعارضة “يريد تحقيق شيء في محادثات جنيف، وجاء للانخراط في المفاوضات بكل جدية، ويريد رؤية الطرف الآخر(النظام) جديا أيضا”.
وعن المواضيع التي ستناقشها الجولة الحالية من المفاوضات، أفاد أن “دي ميستورا في زيارته الأخيرة قبل أيام إلى الرياض، تحدث عن البدء بمناقشة الانتقال السياسي”.
وأشار إلى أن وفد المعارضة وافق على مناقشة القرار الأممي رقم 2254 بـ”التراتب، وليس بالتوازي”. وقال: إن “الأهم والأولوية هو الانتقال السياسي، وأيضا لا يمكن مناقشة كتابة الدستور، بل إعلان دستوري”.
ويطالب القرار 2254، جميع الأطراف بالتوقف الفوري عن شن أي هجمات ضد أهداف مدنية، ويحث جميع الدول الأعضاء (في مجلس الأمن) على دعم الجهود المبذولة لتحقيق وقف إطلاق النار.