شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ميدل إيست آي»: شعور بالإحباط ينتاب السنة اللبنانيين في مواجهة حزب الله

«أشرف ريفي» رئيس الأمن السابق ووزير العدل اللبناني - أرشيفية

تولّى سعد الدين الحريري رئاسة وزراء الحكومة اللبنانية بعد مدة من مغادرتها، وصعد ميشيل عون إلى الرئاسة في أكتوبر الماضي، لكن ذلك كله لم يكن بموافقة حزب الله، بعدما أطيح بالحكومة الشيعية الأولى في عام 2011، أي بمدة زمنية قصيرة قبل اشتعال الصراع السوري، عندما انسحب حزب الله وحلفاؤه ووزراؤهم من الحكومة، حسبما نشر موقع «ميدل إيست آي» البريطاني.

وأضاف، وفق ما ترجمته «شبكة رصد»، أنّ رئيس الوزراء سعد الحريري فاز بفضل الكتلة التصويتة السنية في الانتخابات البرلمانية الأخيرة عام 2009؛ بينما يرى المراقبون وأعضاء حزبه أنه لن يدوم له -على الأرجح- احتكاره تقريبًا لغالبية الكتلة التصويتية السنية في انتخابات العام القادم؛ إذ لم يعد الذي اضطلع برئاسة حزب المستقبل بعد اغتيال والده رفيق الحريري عام 2005، ولا شك أنه كان زعيم السنيين في لبنان، ودخل «سعد» منطقة غامضة؛ إذ يقول المتشددون إنه يقدّم تنازلات كثيرة، بينما يراه حزب الله ذراع الرياض في الداخل اللبناني، الذي يعد من أشد أعداء إيران.

وضع متشرذم

تتضح ملامحه في لبنان بعدما غادر أشرف ريفي، رئيس الأمن السابق ووزير العدل، معسكر الحريري؛ لما أسماه «الانحناء إلى إرادة حزب الله». ويقول إنّ مستقبل حركة المستقبل هزيمة محضة. ويعد أشرف واحدًا من الشخصيات الناشئة في المجتمع السني التي قد تشكل خطرًا على بقاء «سعد»؛ ويتجلى ذلك في انتخابات مجلس مدينة طرابلس عام 2016، التي هزم المرشحون المدعومون منه قائمة «سعد»، التي حظيت بدعم من قادة محليين آخرين؛ بمن فيهم رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي.

من جانبه، يؤكد حزب الله أنه لا يسعى إلى السيطرة على لبنان، وأنه أرسل مقاتليه إلى سوريا لحماية الشعب اللبناني من الخطر الماثل في الإرهاب.

ويلقي «أشرف ريفي» اللوم على حركة المستقبل، ويحملها مسؤولية ما أسماه «الوضع غير الطبيعي» الراهن؛ إذ لا يجد السنّة اللبنانييون أنفسهم. وقال أشرف، من منزله في حي الأشرفية في بيروت، إنهم «يشعرون أنّ القيادة تخلت عنهم»، وأضاف أنّ «القيادة التي أعطوها كل ثقتهم وأصواتهم لم ترقَ إلى المستوى المطلوب من المسؤولية، وباتت تتصرف على نحو منهزم وتتخذ اختيارات تتنافى مع اختيارات المجتمع الذي تمثله».

وقال «أشرف» إنه بالإضافة إلى الطرق المخيبة للآمال في تعامل الحركة مع حزب الله، فشل حزب الحريري أيضًا في التجاوب مع الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية للشعب، وأضاف أنّ حركة المستقبل لا تعمل إلا للوفاء باحتياجاتها الخاصة المحدودة؛ عبر إعطاء حزب الله الرئاسة والأغلبية في مجلس الوزراء.

اختيارات «الحريري»

بينما قال عامر حلواني، عضو المكتب السياسي لحركة المستقبل، إنّ سعد الحريري وافق على تعيين ميشيل عون رئيسًا لأنّ الطريق مسدود، والطريق الآخر انهيار الدولة اللبنانية بعد أكثر من عامين من فراغ منصب الرئاسة من رئيس، وقال إنه «في السياسة، أنت لا تختار بين الصواب والخطأ؛ بينما يكون الخيار الذي هو أقل خطورة وأقل خطأ».

وكما أنّ الحريري الزعيم الرئيس لحركة 14 مارس، التي تلقى الدعم من الغرب والسعودية وتشكّلت بعد اغتيال والده في عام 2005 للمطالبة بانسحاب سوريا من لبنان؛ أسرعت القوات السورية إلى الخروج من لبنان بعد انتفاضة شعبية أعقبت وفاة رفيق الحريري، وسيطرت دمشق على الشؤون اللبنانية منذ نهاية حربها الأهلية عام 1990.

وجاءت كتلة الحريري في الهجوم بعد اجتياح الانتخابات في العام نفسه، ودعا حلفاءه إلى ضرورة نزع سلاح حزب الله، ووصلوا بنجاح إلى محاكمات وتحقيقات دولية في وفاة والده. ومع ذلك، بدأ التحالف في التدهور عندما وجد حزب الله حليفًا قويًا متمثلًا في ميشيل عون، الذي كان سابقًا معارضًا قويًا للحكومة السورية.

«حزب الله» وحرب السنة

نشر الحزب في 7 مايو 2008 مسلّحين في بيروت احتجاجًا على قرار اتخذته الحكومة في 14 مارس بإزالة شبكة هاتف داخلية أنشأها الحزب، وأدى انتشار المسلحين إلى شلل الحياة في العاصمة بيروت وحرق محطة تلفزيون المستقبل التابعة للحريري، وقال الحزب حينها إنّ شبكة الهاتف كانت جزءًا أساسيًا من ترسانته ضد «إسرائيل»، وتوعّد حسن نصر الله بـ«قطع اليد» التي وصلت إلى أسلحة الحزب ومعداته.

غيّرت أحداث 7 مايو ميزان القوى في لبنان. ويقول علوش، زعيم بارز في حركة المستقبل، إنّ حزب الله كان في طريقه إلى إشهار أسلحته أو التلويح باستخدامها ضد المعارضين السياسيين. ويضيف أنّه منذ بدايات الإسلام كانت السلطة في حوزة السنَة، الذين اعتبروا أنفسهم جزءًا لا يتجزأ من الأمة الإسلامية؛ ولكن عندما انهارت الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى صدموا بخسارة مركز سلطتهم في العالم.

أدى اغتيال رفيق الحريري عام 2005 إلى تحوّل حزب الله إلى أقوى قوة في البلاد، وإلى شعور السنَة بأنها أقلية، وغُذّي شعور الضحية. ويقول علوش إنّ الحرب في سوريا عزّزت هذا الاعتقاد، قائلًا إنه «بعد عامين من الثورة، وبعد كل المجازر وتدخل حزب الله، صار استهداف السنَة لا يقتصر على الداخل اللبناني؛ بل بأصبح إقليميًا»، وتابع: «السنَة يشعرون أنّ هناك حربًا عالمية ضدهم يقودها الغرب وروسيا وإيران».

نظريات المؤامرة المتعلقة بطهران والترويج لكونها تعمل سرًا مع واشنطن ضد المسلمين السنة أشعلت مشاعر معادية لإيران ومعادية للشيعة في المنطقة، ولا يُنظر إلى إحباط السنة في لبنان إلا باعتباره جزءًا من شعور أوسع؛ وهو القمع منذ تراجع الربيع العربي.

ازدواجية معايير

لفت علوش إلى ازدواجية معايير الدولة في التعامل مع اللبنانيين الذين قاتلوا في سوريا؛ ففي حين أنّ حزب الله أصبح بشكل صريح طرفًا حاسمًا في الحرب الأهلية في سوريا، فإنه احتجز اللبنانيين السنَة الذين انضموا إلى قوات المعارضة وحاكمهم. ومنذ بداية الصراع السوري شهدت لبنان صعودًا ملحوظًا للجماعات السنية المسلحة، بما في ذلك ظهور الشيخ أحمد الأسير، الذي حُكم عليه بالإعدام في 28 سبتمبر الماضي؛ على إثر اشتباكات دامية مع الجيش اللبناني.

ويرى علوش أنّ «التطرف المسلح» يعزز فقط نظراءه ويشجعهم على تسليح مقابل، مؤكدًا أنّ الحريري لم يشجّع أو يوافق على قيام مثل هذه الجماعات، قائلًا إنّ «موقفنا في حركة المستقبل من التطرف أنه لا يمكن التعامل معه إلا باعتدال أكبر».

كما أعرب أشرف ريفي عن رفضه للحركات والشخصيات السنَية المسلحة، معتبرًا أنها لا تمثل المجتمع «المعتدل»، وقال إنّ «المتطرفين» كانوا ممثلين تمثيلًا كبيرًا بين السنَة؛ لأنهم ملؤوا الساحات العامة، في حين بقي المعتدلون في المنازل، مؤكدًا أنّ «الانحناء ليس اعتدالًا؛ بل هو إبطال ذاتي».

ما الحل؟

حذّر علوش من أنّ حمل السلاح ضد حزب الله لن يكون اختيارًا جيدًا، مشددًا على أنّ الهدف من الصراع مع حزب الله هو البقاء دون استسلام، معترفًا بالقيود المفروضة على حزبه، ويرى أنّ هناك حلين ممكنين لأسلحة حزب الله: إما اتفاق دولي أو هزيمة جانب واحد في هذا الصراع الطائفي الإقليمي الدائر، وأضاف أنه «في كلتي الحالتين لن يكون دورنا في لبنان مؤثرًا ما لم يكن هناك تسليح وتمويل للجماعات السنية في لبنان»، وأضاف: «في هذه الحالة، نتجه إلى حرب أهلية ستدمر البلاد»، وأضاف أنّ خصوم سعد الحريري السنيين رفعوا رايات المعارضة؛ لكنهم فشلوا في تقديم أيّ حلول فعلية.

بينما رفض أشرف ريفي فكرة أنّ الوقوف في مواجهة حزب الله سيؤدي حتمًا إلى حرب أهلية، وقال إنّ «البديل هو الدولة وليس المليشيات، ولا أستطيع الموافقة على الرضوخ فى إطار امتلاك حزب الله للأسلحة».

وقال عبدالغني عماد، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية، إنّ تغييرات توازن القوى، وضعف الدولة، والتوترات الطائفية غير المسبوقة؛ جعل السنة يشعرون أنهم ضحايا للظلم، وتابع: «مثل كل الشعب اللبناني، يريدون العدالة والمساواة. لكن، نظرًا لاشتعال الهويات الطائفية، يشعر السنَة أنّ هناك تمييزًا ضدهم».

ونشر بعضٌ أنّ قطر وقفت وراء تمرد أشرف ريفي السياسي على الحريري؛ لكنه ينفي أنه يتلقى أيّ أموال من الدوحة، وقال إنّ السنَة في لبنان لا يزالون يتطلعون إلى السعودية والإمارات لقيادة المنطقة، مضيفًا: «نأمل أن يعود الانسجام إلى الخليج»، مطالبًا قطر بـ«مراجعة سياساتها» للمساعدة على إنهاء الازمة.

ودعم «سعد الحريري»، الذي وقف بجانب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في حديقة البيت الأبيض في يوليو الماضي، جهود الوساطة الكويتية في أزمة الخليج ودعا إلى الحوار والامتناع عن انتقاد الدوحة. وفي الوقت نفسه، يقول المحللون إنه في ظل صعود حزب الله يبدو أن السعودية تغير سياساتها تجاه لبنان، وفي حين دعمت الرياض في الماضي الحريري ووالده قبله كقطب موازٍ لحزب الله؛ ألغت المملكة العربية السعودية العام الماضي منحة قدرها ثلاثة مليارات دولار للجيش اللبناني وحذرت مواطنيها من زيارة البلاد.

وكان ذلك إشارة إلى أنّ المملكة تنأى عن المشاركة في الشؤون اللبنانية؛ بما يعني أنها باتت تعتبر البلد دولة معادية داخل المدار الإيراني. ومع ذلك، وعلى الرغم من انحسار دور السعودية؛ لم تحصل قطر بعد على موطئ قدم قوي في المشهد السياسي اللبناني.

بينما وصف عبدالغني علاقات الرياض والحريري بالـ«مربكة»، وأضاف أنّ السعودية تؤدي دور المراقب أكثر من المساهم الأساسي في لبنان، مع الأخذ بعين الاعتبار ألا تضع ثقلها خلف الحريري.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023