شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ميدل إيست مونيتور: بين الدب الروسي والنسر الأميركي.. أين يكمن ولاء مصر؟

الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب

قالت صحيفة «ميدل إيست مونيتور» البريطانية إنّ إعلان مصر في هذا الشهر أنها ستوقّع الاتفاق النهائي على إقامة منطقة صناعية بالقرب من قناة السويس مع روسيا هو الأحدث في سلسلة العناوين التي سلطت الضوء على زيادة التعاون بين البلدين.

وطرحت الصحيفة تساؤلًا مضمونه: «أين تكمن ولاءات مصر الحقيقية في ظل حكم السيسي بين أميركا وروسيا؟».

وتابعت أنّ المدة الأخيرة شهدت تعزيز موسكو والقاهرة العلاقات الدبلوماسية والمعونات الاقتصادية الثنائية واتفاقات الأسلحة، وهي استراتيجية مفيدة للطرفين على مدى السنوات القليلة الماضية.

في المقابل، يبدو أن الأمور تختلف قليلًا عبر المحيط الأطلسي؛ إذ نرى أنّ العلاقات مع أقرب حليف لمصر على مر التاريخ «الولايات المتحدة» هشّة للغاية.

وكان بيان الولايات المتحدة القاضي بخفض المساعدات العسكرية لمصر في أغسطس الماضي، على ما يزعم، بسبب المخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان، مفاجئًا؛ نظرًا لأن القاهرة لم تستبعد من أيّ تخفيضات في المساعدات منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد.

وعلى الرغم من أنّ المبالغ المعلقة كانت طفيفة بالمقارنة مع ما تحصل عليه مصر عادة بالنسبة إلى بقية الدول؛ لكنّ الصحيفة اعتبرت هذه الخطوة مؤشرًا إلى تغيير النهج من قبل الولايات المتحدة في سياستها مع مصر.

وبينما تتصارع مصر مع اقتصادها في الداخل، والصراعات العسكرية والدبلوماسية على جميع حدودها وخارجها؛ لا تزال علاقاتها مع القوى العظمى عبر تاريخها حاسمة.

ولكن، نظرًا لأنّ التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، التي وصفها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأسبوع الماضي بأنها وصلت إلى أدنى مستوى لها، ومن غير المحتمل أن تحلّ قريبًا؛ لذا أين ستكمن ولاءات مصر الحقيقية؟

في هذا الصدد، ألمح التقرير إلى أنّ علاقات مصر مع روسيا تحسّنت بشكل ملحوظ منذ سجن مرسي، وزيارة وزير الدفاع المصري عبدالفتاح السيسي روسيا للتعبير عن أمله في أن تتمتع الدولتان بمستوى مماثل من الصداقة؛ لما تمتعتا به عبر الحقبة السوفيتية.

ومنذ ذلك الحين، التقى السيسي بفلاديمير بوتين في مناسبات، إضافة إلى تحدثهما عبر الهاتف عن المصالح الجيوسياسية المشتركة.

وذكر التقرير أنّه من المتوقع أيضًا أن تسهّل السياحة الروسية إلى مصر مزيدًا من النمو عندما يبدأ استئناف الرحلات الجوية المباشرة بين البلدين.

من الناحية العسكرية، استعادت روسيا أيضًا دورها التاريخي قبل اتفاقات كامب ديفيد عام 1979 كمورّد للأسلحة إلى مصر؛ ووقعت صفقات في العام الماضي تصل إلى قرابة ثلاثة مليارات دولار.

ونوّهت الصحيفة إلى أنّه من المقرر أن تزوّد روسيا مصر بـ15 مروحية قتالية بنهاية هذا العام، مع إعراب القاهرة عن اهتمامها بشراء 50 سيارة مدرعة من طراز تيجر من موسكو.

بالنسبة إلى موسكو، تقدّم العلاقات الأقوى مع مصر مزايا عديدة؛ في المقام الأول فيما يتعلق بحرب روسيا الجارية في سوريا. وبينما يتطلع بوتين إلى توسيع نفوذه في المنطقة وضمان ولاء الرئيس السوري بشار الأسد له، سهّلت مصر المفاوضات بشأن مناطق تخفيف التصعيد؛ عبر التواصل مع جماعات المعارضة المختلفة وموسكو.

إضافة إلى سعي روسيا نحو مزيد من فرض سيطرتها في بقية شمال إفريقيا، بالتعاون مع الفصائل الحكومية المتنافسة؛ كالعسكري خليفة حفتر وحكومة رئيس الوزراء فايز السراج المدعومة من الأمم المتحدة، فضلًا عن اهتمامها بالقتال الدائر ضد مقاتلي تنظيم الدولة.

فى حين تسعى روسيا إلى زيادة وجودها في الشرق الأوسط، ولا يمكن إنكار أنّ الولايات المتحدة لا تزال اللاعب الرئيس وأهم الحلفاء. وفيما يتعلق بمصر على وجه الخصوص، لا تتجاوز علاقتها بين الشركاء الاقتصاديين والأمنيين فحسب؛ بل تحددها ارتباط طويل الأمد يقوم على الأهداف السياسية والأيديولوجية المشتركة، سواء أكان الحفاظ على أمن «إسرائيل» أو إلغاء معارضة الإسلام السياسي.

ومع ذلك، دفعت سنوات من الشك مصر أثناء حكم باراك أوباما إلى التقرّب بعناية، في حين أنها لن تتطلع أبدًا إلى استبدال الولايات المتحدة كحليف رئيس لها؛ فإنه يحوط رهاناتها عبر النظر في تنويع شركائها في التجارة والأمن، وهذا يمكّنها من الحفاظ على نفسها حتى يهدأ التوتر بين روسيا وأميركا.

وروسيا تدرك أيضًا ذلك، وفي فرضية أنها لا تسعى إلى السيطرة على المنطقة ككل؛ فإنها تسعى إلى جني مزاياها من الوضع القائم فحسب، وهي تحرص في المقام الأول على توجيه تأثيرها نحو مكافحة الإرهاب؛ ربما القضية الوحيدة التي سترحّب الولايات المتحدة بتعاونها معها.

واختتمت الصحيفة تقريرها معلّقة أنّ هذا السيناريو حاليًا يبدو مقبولًا للجميع. ولكن، مع الوقت، سنعرف إذا سيبقى الحال بين روسيا والولايات المتحدة كما هو؛ إذ لا تزال الملحمة تلعب على المسرح العالمي.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023