شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«لوب لوج»: أسباب تعاون فرنسا مع مصر.. أبرزها أنّها أكبر مشترٍ للأسلحة منها في العالم العربي

السيسي ووزير الخارجية سامح شكري أثناء توقيع الاتفاقية الفرنسية بحضور الرئيس ماكرون

سلّطت صحيفة «لوب لوج» الضوء على زيارة السيسي الأخيرة إلى فرنسا، وأرجعت سبب اهتمام فرنسا بمصر إلى أنها أكبر مستورد للأسلحة منها في الشرق الوسط والعالم العربي، كما أنّها سوق لفرنسا باستثمارات قيمتها أربعة مليارات دولار؛ ولذلك تخطّى «ماكرون» قضايا حقوق الإنسان، ولاعتبار مصر «شرطيًا محتملًا» لبلده؛ بسبب الأعمال الإرهابية المتزايدة التي أثّرت على الدول الأوروبية، بما فيها باريس.

وأضافت، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ السيسي يسعى أيضًا إلى التأثير على ترامب، الذي اتخذ إجراءات أقلقت القاهرة بشأن اعتمادها على واشنطن؛ وهو ما ظهر في تشكيل تحالفات جديدة، سواء مع فرنسا أو روسيا وغيرها.

وتعدّ زيارة السيسي إلى فرنسا الأولى منذ فوز «إيمانويل ماكرون» بالرئاسة، ومرجح تلقّي «ماكرون انتقادات» بسبب تعزيز هذه العلاقة، وسط سجل حقوق الإنسان المتدهور لمصر؛ لكنّ فرنسا تنظر إلى مصر باعتبارها حائط صد ضد الإرهاب والمتطرفين، وسط الفوضى والاضطراب اللذين تتمتع بهما المنطقة، ووصول الهجمات إلى الدول الأوروبية بما فيها فرنسا، وتشعر أيضًا ببلاغ القلق إزاء مغادرة الإرهابيين لسوريا والعراق إلى مناطق شمال إفريقيا وخصوصًا سيناء.

مؤتمر السيسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

وقالت الصحيفة إنّ هناك تخوفات من قدرة مصر على حماية البلاد من الإرهاب بطريقة فعالة، وتتركز مساعي السيسي حاليًا على تعزيز العلاقات وزيادة تنويع شبكة التحالفات الأمنية؛ ففي 2015، الوقت الذي كانت الولايات المتحدة فيه حذرة من تقديم المساعدات إلى مصر بسبب سجلها في حقوق الإنسان، سارعت فرنسا إلى توقيع اتفاقيات عسكرية مع مصر، شملت شراء مصر 24 طائرة رفال وفرقاطة بحرية متعددة المهام بقيمة 65.2 مليار يورو، بتمويل فرنسي، وصفقة 12 طائرة أخرى جارٍ مناقشتها بين الحكومتين حاليًا، إضافة إلى عقود أخرى بقيمة ملياري يورو، تتضمن عقدًا للاتصالات بواسطة الأقمار الاصطناعية.

وأكّدت الصحيفة أنه بالرغم من معاناة الاقتصاد الفرنسي من ارتفاع معدلات البطالة والتضخم، حققت صناعة الدفاع أداءً جيدًا نسبيًا، وترى الحكومة الفرنسية أنّ مبيعات الأسلحة طريقة لخلق مزيد من فرص العمل والحصول على عملات أجنبية. وغير ذلك، تعد فرنسا سادس أكبر مستثمر أجنبي في مصر، بقيمة أربعة مليار دولار، وهي السوق الأول لها في الشرق الوسط.

ليبيا وقطر

قالت الصحيفة إنّ الحرب الأهلية الليبية أدّت إلى التقارب المصري الفرنسي، ودفع صعود المعارضين في ليبيا من بعد 2011 وفشل حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا لتأكيد سلطتها. ودعمت فرنسا ومصر والسعودية والإمارات والأردن مجلس نواب طبرق بدرجات متفاوتة منذ 2014.

وأيّدت معظم الحكومات الغربية حتى وقت قريب جيش التحرير الوطني الليبي ورفضت إضفاء شرعية على صعود «خليفة حفتر»، لكن بدلت فرنسا بالاتفاق مع القوى الغربية الأخرى على دعم مجلس النواب الليبي وحفتر؛ بسبب استمرار النزاع والحرب الأهلية، وفي ضوء استمرار هجمات المتطرفين إلى جانب الأزمات الأمنية الأخرى في مصر، والتهديد الجهادي المستمر لأوروبا؛ وهو ما دفع الجانبين إلى زيادة التعاون الأمني بينهما.

وأوضحت «لوب لوج» أنه بالرغم من التوافق بين البلدين في التهديدات الأمنية المشتركة، ثمّة خلاف بينهما يتعلق بالأزمة الخليجية؛ ففرنسا تتوسط حاليًا بجهود دبلوماسية لحل الأزمة، ومصر ضمن الدول المقاطعة لقطر. لكن، بالرغم من ذلك، حافظت فرنسا على علاقتها الوثيقة بين قطر ومصر والسعودية والإمارات على حد سواء.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد أثناء زيارته فرنسا ولقائه بالرئيس إيمانويل ماكرون

وبعد اندلاع النزاع الخليجي، واصلت فرنسا وقطر إجراء تدريبات عسكرية مشتركة، غالبًا على الطائرات المقاتلة التي باعها الفرنسيون للدوحة في السنوات الماضية. وفي الشهر الماضي، أعطى «ماكرون» دفعة كبرى لقطر بدعوته لرفع الحصار عليها، خصوصًا بسبب تأثر المواطنين القطريين بإجراءات الحصار.

وسبق وشجع السفير الفرنسي لدى قطر «اريك شوفالييه» هذا الشهر الاستثمار الفرنسي، قائلًا إنها «كانت شديدة الصمود في مواجهة أزمة الخليج وأظهرت التزامها بزيادة تنمية اقتصادها عبر الترحيب بشركاء أجانب جدد».

وفي الشهر الماضي أيضًا، استضافت فرنسا الشيخ تميم بعد زيارتيه إلى تركيا وألمانيا، وكان في طريقه للقاء ترامب، وساعدت هذه الرحلة على تعزيز صورة قطر دولة عربية تتمتع بعلاقات ودية مع القوى العالمية وليست دولة راعية للإرهاب كما صورتها مصر والدول الأخرى في التحالف.

التحوّلات الاستراتيجية

وأكدت الصحيفة أنّ علاقة فرنسا مع قطر تمثّل إزعاجًا للقاهرة، وتمثًل أكبر من ذلك أيضًا؛ فهي ترى أنّ تنويع الشراكات استراتيجية هامة للسياسة الخارجية، خاصة وأن إدارة أوباما حجبت مبيعات الأسلحة إلى القاهرة بسبب أوضاع حقوق الإنسان، بعد الانقلاب على الرئيس محمد مرسي في 2013، وبالرغم من أنّ الإدارة المصرية كانت متفائلة إلى حد كبير بترامب، فقراره في أغسطس بحجب 295 مليون دولار من المساعدات ترك القاهرة في حيرة من أمرها، وقلقة بشأن اعتمادها على واشنطن؛ ما أعطى السيسي حافزًا قويًا لتشكيل علاقات أوثق مع القوى العالمية الأخرى، مثل فرنسا وروسيا ومؤيديه الإقليميين.

وعلى الرغم من الشك في أنّ فرنسا ستحلّ محل أميركا كأكبر مورّد أسلحة لمصر والحليف الأقرب لها؛ لكنّ وجود علاقة أقوى بين القاهرة وباريس أو موسكو سيعطي السيسي نفوذًا أكبر في علاقته مع ترامب. وفي الوقت نفسه، تقلّص نفوذ الولايات المتحدة في العالم العربي، الذي أكده النزاع الخليجي، عرض على فرنسا فرصة لأداء دور قيادي أكبر؛ كما يتضح من جهود ماكرون للتوسط في الحرب الأهلية الليبية والنزاع الخليجي.

ويتعين على «ماكرون» أن يعالج تعرّض بلاده للهجمات الإرهابية من الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط والمجتمعات المحلية الأخرى، وينظر إلى مصر باعتبارها مرتكزًا للعلمانية والاستقرار في الشرق الأوسط؛، وبالتالي حليف حيوي في الكفاح ضد التطرف.

وفي محاولة للتوصل إلى توازن بين المصالح الوطنية والقيم المتبادلة، قال «ماكرون» أثناء زيارة «السيسي» إنه على الرغم من أن فرنسا تهتم بأوضاع حقوق الإنسان، فإنه يرفض «إعطاء دروس» لمصر بشأن هذه القضايا؛ ومن المرجح أن يتلقي الرئيس الفرنسي انتقادات من الحقوقيين والمنظمات الحقوقية التي ترى أن العنف في مصر لن يؤدي إلا إلى مزيد من العنف.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023