يبدو أن الرئيس السوداني، عمر البشير، الأطول حكما في قارة أفريقيا عن 28 عاما، بعد الرئيس الزيمبابوي موجابي الذي أطيح به هذا الشهر، بعد 37 عاما في الحكم، أنه يخطط لخوض عقد رابع في منصبه كرئيس للسودان.
فما هي الفرص أمامه والتحديات التي تقف بطريقه، وموقف الأحزاب والفصائل المتناحرة، وسبب رغبته في خوضه الانتخابات مرة أخرى.
قالت صحيفة «ميدل إيست آي»، إن هناك مقتراحت حالية لتغيير الدستور، ليسمح للبشير بالترشح للإنتخابات مرة أخرى، بعد 28 عاما قضاها في الحكم، وبموجب دستور السودان الذى تم تبنيه كجزء من جهود الغرب لإنهاء الحرب الأهلية فى البلاد في عام 2005، من المتوقع أن يتنحى البشير فى نهاية فترة ولايته الثانية فى عام 2020.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد»، حكم البشير البالغ من العمر 73 عاما، السودان بعد انقلاب عسكري قاده في عام 1989، وأعطته اتفاقية السلام الشامل لعام 2005، التي توسطت فيها الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج، خمس سنوات في السلطة قبل إجراء انتخابات مؤقتة، وفقا للدستور.
ثم بعد ذلك، فاز البشير في انتخابات عامي 2010 و 2015، لكن تلك الانتخابات شابها الإقبال الضعيف، وقاطعتها معظم الأحزاب المعارضة وحازت انتقادات المراقبين الدوليين، وتم وصفها بأنها انتخابات «الرجل الأوحد».
وقال المحلل السياسي السوداني «أشرف عبدالعزيز»، إنه على الرغم من مقاطعة الأحزاب السياسية وانخفاض نسبة الإقبال، إلا أن البشير أصر على المضي قدما في الانتخابات في عامي 2010 و2015، لذلك أعتقد أنه مستعد لخوض التجرب مرة أخرى.
وفي عام 2015، قال البشير، إنه لن يترشح لفترة انتخابية أخرى، إلا أنها تراجع عن هذا العهد، بعد ترشحه مرة أخرى من قبل حزب المؤتمر الوطني الحاكم، وفي الـ12 شهرا الماضية، أشار البشير مرة أخرى إلى أنه يعتزم التنحي، لكن هناك أصوات من داخل حزبه واتحادات طلابية ورجال دين وبعض المسؤولين المحليين، بما في ذلك حكام ولاية جنوب دارفور والجزيرة، تناديه بالترشح ثانية.
وقال حاكم ولاية الجزيرة «محمد طاهر عيلا»، إنه يعتقد أن الرئيس البشير لا يزال هو المرشح الأول للمواطنين السودانيين، ومضيفا «نحن في ولاية الجزيرة ندعم إعادة ترشيحه في عام 2020».
وبينما تتهم المحكمة الجنائية الدولية، البشير بارتكاب جرائم حرب في عام 2009، إلا أن الإنزعاج الدولي تجاه حكومته يبدو أنه قد انخفض منذ انفصال جنوب السودان في 2011، حيث رفعت الولايات المتحدة العقوبات المفروضة على الخرطوم هذا العام، والتي فرضت عليها من منتصف التسعينيات.
الاتجاه القاري
يذكر أن البشير، وهو أطول زعيم سوداني، منذ استقلال البلاد عن بريطانيا عام 1956، لكنه ليس يكون أول زعيم أفريقي يسعى إلى تغيير الدستور ليبقى في السلطة، فالرئيس الرواندي «بول كاجامي»، غير دستور بلاده عام 2015 ليسمح لنفسه بالترشح لولاية ثالثة، وكذلك فعل «بيور نكورونزيزا» الرئيس البوروندي نفس الشيء في نفس العام، كما ورفض الرئيس الكونغولي «جوزيف كابيلا» التنحي عن منصبه بعد انتهاء ولايته الثانية في ديسمبر الماضي.
وفي أوغندا، يسعى حاليا «يويري موسيفيني»، 73 عاما، لإلغاء الحد الدستوري الذي يحول دون خدمته إلى ما بعد الـ75 عاما.
على الجانب الآخر، يرفض المعارضون السودانيون والحركات المسلحة التي تقاتل الحكومة بدرفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، استمراره في الحكم.
ويضيف «بكري يوسف» الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل والأمين العام السياسي لحزب المؤتمر السوداني، «مثل الطغاة الآخرون، البشير لن يتنحى وسيناضل لمدى الحياة على السلطة».
وبينما تشير تصريحاته إلى أنه يعتزم التنحي، إلا أن خطته الحقيقية هي تمهيد الطريق لولاية أخرى.
وترى المعارضة أيضا، والتي تشمل
معارضو البشير، الذي يشمل أيضا رئيس الوزراء الأسبق الصادق المهدي، يقرون بأن البشير سيناضل فعلا للمنافسة في الانتخابات المقبلة، إذا كان قادرا على الوقوف مرة أخرى، وسيتم التلاعب بنتائج الانتخابات لصالحه.
ويشير يوسف، إلى أن المعارضة كانت تخطط لما يسمى «المقاطعة الإيجابية»، والتي تشكل تحديا لإعادة ترشيح البشير في انتخابات 2020.
المعارضة من الداخل
وتأتي معارضة أخرى، من داخل الأحزاب الإسلامية التي انشقت عن الحزب الحاكم، كـ«المؤتمر الشعبي السوداني وحزب الإصلاح»، وهما حزبان اعترضا على انتخابات 2015، وقالوا إنهم سيعارضون انتخابات 2020، إذا فكر في الترشح مرة أخرى.
وقال أسامة توفيق المتحدث باسم الحزب الوطني، إنه يتوقع أن يرشح البشير نفسه في انتخابات 2020، مضيفا أنه لن يستقيل ما دام مرصود من قبل المحكمة الجنائية الدولية، مضيفا أن جميع المؤشرات، تشير إلى أنه لن يتخلى عن السلطة، وسيترشح مرة أخرى، البشير يريد حماية نفسه بالسلطة.
وأضاف توفيق، «كنا جزءا من الحزب الحاكم ونعرف كيف يفكر حاليا تجاه الانقسامات التي مر بها، لذا نعتقد أن ليس لديهم خيار لتجنب مزيدا من الانقسامات، مالم يعيدوا ترشيح البشير»، موضحا أن إعادة ترشحه يخالف الدستور، ويخالف توصيات «الحوار الوطني» برعاية البشير نفسه.
وتستند حكومة الوحدة الوطنية الحالية، التي تضم بعض أحزاب المعارضة، إلى نتائج الحوار الوطني، وهي عملية سياسية اقترحها البشير في عام 2014 لكنها قاطعتها أغلبية المعارضة.
وقال كمال إسماعيل، ضابط العلاقات الخارجية في حزب المؤتمر الوطني الحاكم، أن الحزب لم يقرر بعد مرشحا للانتخابات عام 2020، لكنه سيفعل قريبا، فيما قال المحلل «أشرف عبد العزيز» رئيس تحرير صحيفة «جريدة» اليومية، إن كل الدلائل تشير إلى أن البشير يعتزم الاستمرار في الرئاسة.
وأضاف عبدالعزيز، أن هناك سببان رئيسيان وراء ترشيح البشير، أولا: الحماية من المحكمة الجنائية الدولية، ثانيا: البشير هو الزعيم الوحيد الذي يمكن أن ينسق العلاقات بين العناصر المتصارعة داخل النظام، بما في ذلك الجيش والحزب الحاكم، موضحا أن بعض المسؤولين في الحزب الحاكم، بدأوا يشيرون إلى أن تعيين البشير هو الضمان الوحيد لاستقرار البلاد.