شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«واشنطن بوست»: أسباب بدء التظاهرات الإيرانية في مدن صغرى

مظاهرات إيران ضد روحاني

قالت صحيفة «واشنطن بوست» إنّ بدء الاحتجاجات الإيرانية في مدن وبلدات صغرى ثم انتشارها إلى المدن والمحافظات الأكبر تعد بداية غير تقليدية للأعمال الاحتجاجية، التي تبدأ عادة -كما حدث في ثورات الربيع العربي- من مدن كبرى ومركزية.

وكشفت الصحيفة في مقال للباحث «بيمان أسادزاد» الأسباب وراء هذه البداية، وكيف يمكن أن يساهم الركود الاقتصادي في أن تتخذ الاحتجاجات طابعًا سياسيًا.

وقال، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ الاحتجاجات بدأت بتظاهرة صغرى في مدينة مشهد الإيرانية، وهي معقل للمحافظين، متهمين روحاني بوقوفه وراء ارتفاع الأسعار وضعف الأداء الاقتصادي؛ لكنها سرعان ما امتدت إلى المدن والمحافظات كافة وجذبت الملايين، وتوسّعت رسالتها لتشمل المؤسسة السياسية بأكملها.

والاحتجاجات لأسباب اقتصادية ليست جديدة على إيران؛ إذ شهدت حركة مماثلة في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي، بدأت في المدن الكبرى وخلّفت ما لا يقل عن ثمانية قتلى، بينهم ستة من قوات الأمن، وبعدها أعدمت الحكومة أربعة من المحتجين. والمختلف في الاحتجاجات الحالية توزيعها الجغرافي والشعارات التي خرجت بها، وقدرة المتظاهرين على التحمّل حتى الآن.

وللحصول على تقييم أفضل للوضع في إيران، سعى الباحث السياسي إلى جمع معلومات عن طبيعة الاحتجاجات ونطاقها الفعلي؛ عبر وسائل الإعلام الفارسية، وتقول البيانات إنه منذ 28 ديسمبر وحتى 3 يناير خرجت الاحتجاجات في 72 مدينة في 29 مقاطعة من أصل 31.

أنماط مختلفة

ومن أبرز الأنماط التي أظهرتها البيانات أنّ الاحتجاجات تمركزت بصفة أساسية في المدن الصغرى؛ إذ كانت 73% منها في هذه المدن، بينما 25 في المدن الكبرى. وهذه الأرقام مدهشة للغاية؛ لسببين:

  • أولها: المدن الصغرى في إيران ليست لها ميول سياسية، بل دينية؛ وبالتالي السياسات التقليدية التي تتبعها الجمهورية الإسلامية بشأن القضايا الاجتماعية لا تهم سكان هذه المناطق، لكن تهم السكان من الطبقة الوسطى في المدن المركزية.
  • ثانيًا: السكان في هذه المناطق يعرفون بعضهم بعضًا جيدًا، وعلى بينة بأنشطة بعضهم، وهم معرفون أيضًا لدى الأجهزة الأمنية بشكل أكبر من السكان في المناطق الحضرية. لذا؛ فإن قمعهم واعتقالهم سيكون مكلّفًا للغاية للحكومة الإيرانية، التي ستضطر للقبض عليهم جميعًا؛ لأنّها تعرفهم.

معدلات البطالة والمتظاهرين

حذّر مسؤولون حكوميون مؤخرًا من تزايد معدلات البطالة والتناقضات الاجتماعية والسياسية. وقبل ثلاثة أشهر فقط، قال وزير الداخلية الإيراني إنّ معدل البطالة وصل في مدن إلى 60%؛ ما من شأنه أن يثير «قضايا اجتماعية».

ولفهم كيفية تأثير العمالة على مشاركة المدن الصغرى في الاحتجاجات، جمع الباحث بيانات من 32 مدينة صغرى من أصل 52 تأثير البطالة عليها، واعتمد في بياناته على مقابلات وبيانات قدمها مسؤولون حكوميون، وأوضحت المعطيات أنّ معدل البطالة في المناطق المُشار إليها بلغ 81%، بينما يبلغ في المدن الكبرى 12.7%.

وبالاطلاع على الشعارات التي استخدمها المتظاهرون، كان السخط على الوضع الاقتصادي هو الأبرز، مع حنين إلى الوضع الاقتصادي إبّان مدة رضا شاه، وكذا ركّزت الاحتجاجات على التدخل الإيراني في الدول الأجنبية، واستنزاف موارد الدولة على حروب وتمويل جماعات كحزب الله والجماعات الفلسطينية وغيرها في سوريا والعراق.

مخاوف أخرى

التركيز على العوامل الاقتصادية لا يعني إهمال العوامل الأخرى أو إنكارها؛ فجانب من التظاهرات اندلع في خوزستان وأصفهان، وهما منطقتان تعانيان من ارتفاع معدلات تلوث الهواء والمياه. وبالتالي؛ شملت الاحتجاجات قضايا بيئية أيضًا.

وفي المدن الكبرى، حيث يعيش عدد كبير من الطلاب والنشطاء السياسيين، كانت احتجاجاتهم مدفوعة بشكل أكبر بظروف وعوامل سياسية ومطالبات ديمقراطية، مع وجود بيانات أخرى توضح أنهم يعانون أيضًا من مظالم اقتصادية، غير أنّ الاحتجاجات في المدن والبلدات الصغرى لا تصارع من أجل الديمقراطية أو الحرية أو حقوق المرأة؛ بل هي غضب شعبي جارف بسبب الركود الاقتصادي وتدهور مستويات المعيشة، وترى هذه المناطق أنّ النخب الحاكمة هي السبب وانتشار الفساد وانعدام الكفاءة.

وأوضحت البيانات أيضًا أنّ البطالة ليست مسألة اقتصادية بحتة؛ إذ من الممكن أن تترتب عليها آثار سياسية، والواقع أنّ مشاركة المدن والبلدات الصغرى في الاحتجاجات بسبب البطالة والركود الاقتصادي أظهرت كيف يمكن أن تؤثر هذه العوامل فقط على أن تتخذ الاحتجاجات طابعًا سياسيًا، ويؤدي بها في نهاية المطاف أن تكون ضد النظام السياسي بأكمله.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023