استمرارًا لحالة «الانفتاح» التي تعيشها المرأة الخليجية عمومًا، والسعودية بشكل خاص منذ صعود محمد بن سلمان إلى الحكم، اتخذت المملكة قرارًا بتجنيد الإناث في المؤسسة العسكرية، مستكملة ما بدأته بالسماح لهن بقيادة السيارات ودخول الملاعب وتخصيص أماكن للتدخين؛ ما يعتبره مراقبون خطوة في طريق «علمنة» الخليج.
وأعلنت السعودية فتح باب الترشح أمام النساء للعمل جنديات في إدارة الجوازات بالمطارات والمنافذ البرية، وحدّدت شروطها كالتالي: «يجب أن تكون جنسيتهن ومنشأهن من أصل سعودي، ومن حملة شهادة الثانوية العامة أو ما يعادلها، وألا تقل أعمارهن عن 25 عامًا، ولا تزيد على 35 سنة، وأن تكون حسنة السيرة والسلوك، ولم يسبق أن حُكم عليها بجريمة مخلة بالشرف والأمانة، وألا تكون متزوجة من غير سعودي، وأن تجتاز المقابلة الشخصية وفقًا للشروط المحددة، وأن تكون لائقة طبيا للخدمة العسكرية».
وفي السعودية، البلد الخليجي الأكثر محافظة، كان الحديث عن عمل النساء في الجيش من الكبائر؛ خصوصًا عند المؤسسات الدينية التابعة للحكومة، وعلى رأسها هيئة كبار العلماء (كبرى جهة دينية رسمية في البلاد)، كما أنّ خروج المرأة للعمل في الوظائف المدنية كان من الأشياء التي لا تستساغ لأعضاء المؤسسة الدينية أصلًا.
وأول من طرح فكرة التجنيد النسائي وزير الحرس الوطني السابق الأمير متعب بن عبدالله آل سعود عام 2012؛ إذ قال إنّ هناك دراسات مقدمة من لجان في الحرس الوطني لضم النساء إلى السلك العسكري.
وطرحت مسألة تجنيد النساء مؤخرًا بعد شائعات في الأوساط المقربة من ولي العهد الحالي والحاكم الفعلي للبلاد محمد بن سلمان للسماح للمرأة بالدخول إلى التجنيد العسكري اختياريًا.
علمنة المملكة والخليج
يقول الدكتور محمد مختار الشنقيطي، المحلل السياسي الموريتاني، إنّ «الأحداث المتواترة التي تأتي من الخليج، بالأخص السعودية، توضحّ أنّ هناك خطوة كبرى نحو قطع صلة الدولة بالمشروع الديني السلفي؛ والاتجاه نحو خطوات علمنة قسرية للمجتمع ضمن (رؤية 2030) التي يرعاها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان».
وأضاف، في تصريح لـ«رصد»، أنّ «هذه الخطوات (الليبرالية) تأتي ضمن ما يمكن تسميته أسوأ موجة اعتقال في تاريخ المملكة منذ حادثة الحرم المكي 1980م التي تورطت فيها مجموعة وهابية متطرفة بقيادة الجندي في الحرس الوطني جهيمان العتيبي وتخطط لقلب نظام الحكم السعودي وتنصيب شخص خليفة وإلزام الناس ببيعته بين الركن والمقام».
المرأة الكويتية
وهناك توجه لتجنيد النساء في الكويت؛ خاصة بعد تصريحات النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد بأنّ هناك دراسات جادة للسماح للمرأة الكويتية بالمشاركة في الخدمة الوطنية العسكرية جنبًا إلى جنب مع الرجل؛ تطبيقًا لرؤية 2035 التنموية التي تعمل الكويت على تطبيقها.
وقال إنّ التعديلات الممكن تقديمها على قانون تجنيد الذكور الصادر عام 2015 سترفع إلى القيادة العليا حال جهوزيتها.
إقبال نسائي في الإمارات
شهد الإقبال النسائي على التجنيد في الإمارات تشجيعًا من الجهات العليا؛ إذ اشتركت ابنة ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد «حصة» في دورة تدريبية عسكرية للجيش الإماراتي لتقديم صورة مغايرة لا تعكس الواقع أمام المنظمات الدولية وحقوق الإنسان بشأن مساواة المرأة بالرجل.
وروجت الدعاية (المبالغ فيها) كذلك للطيارة مريم المنصوري، التي شاركت في طلعات جوية للتحالف الدولي لمحاربة «تنظيم الدولة»، وشاركت في الحرب على اليمن «عاصفة الحزم». وقالت الصحف الإماراتية آنذاك إنّ وجود امرأة إماراتية يوضح مقدار التطور الذي تعيشه الدولة مقارنة بجيرانها، متجاهلة السجل السيئ للبلاد في حقوق الإنسان.