شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

زعيم ليبرالي لـ«ذا نيشن»: استراتيجية أميركا الجديدة: ملايين الأرواح ومليارات الدولارات وحروب لا تنتهي في العالم!

طائرات من دون طيار - أرشيفية

قال الزعيم الليبرالي الأميركي «روبرت بوروساج»، مدير حملة «مستقبل أميركا»، إنّ قوات بلاده تنتشر بالفعل في ثلاثة أرباع العالم. وبجانب ذلك، تخلق الاستراتيجية الجديدة مشكلات لا قِبل لها مع دولٍ كروسيا والصين وكوريا الشمالية وإيران، ولن تستطيع الفوز بها في النهاية؛ وهو ما يؤثر بالسلب على حياة المواطنين الأميركيين، التي بدأت في التدهور بالفعل.

وأضاف، في مقاله بصحيفة «ذا نيشن» الأميركية وترجمته «شبكة رصد»، أنّ أميركا بدأت بالفعل إشعال حرب باردة مع روسيا والصين، في الوقت الذي تلتزم فيه بحروب لا تنتهي في مناطق أخرى من العالم؛ وهذه الرسالة هي ما خرج بها من مطالعة الاستراتيجية الجديدة للدفاع الوطني، التي أطلقتها إدارة ترامب مؤخرًا؛ مؤكدا أنها لا تقدم استراتيجية أو سياسة دفاعية، بل عبارة عن وثيقة تؤصّل لصفقة عسكرية أميركية جديدة ضخمة ومكلفة للغاية.

تقول الاستراتيجية: «نهدف إلى مواجهة زيادة الاضطراب العالمي الذي خلق بيئة أمنية أكثر تعقيدًا وتقلبًا أكثر من أيذ اضطراب آخر شهدته الذاكرة الحديثة».

قد يكون الأمر صحيحًا؛ لكنّ البنتاجون لم يتحدث عن كارثة تغير المناخ أو انعدام المساوة أو تدفقات الملايين من اللاجئين وبؤسهم المزعزع للاستقرار، بل ركّز على إطلاق التهديدات لخصوم الحرب الباردة: الصين وروسيا.

محور التركيز 

وقال وزير الدفاع الأميركي «جيمس ماتيس» أثناء عرضه الاستراتيجية إنّ أميركا مستمرة في حملتها الرامية للقضاء على الإرهاب والتزمت بها؛ لكنّ منافسة القوى الكبرى على السلطة العالمية هي محور التركيز الرئيس للأمن القومي الأميركي.

وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس

ووُصفت الصين وروسيا في الاستراتيجية بأنها «قوى رجعية أو مارقة» تشكلان تهديدًا حقيقيًا للعالم، وتريدان تشكيل عالم جديد يتفق مع نموذجهما الاستبدادي، بجانب اكتساب حق الفيتو على القرارات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية المتعلقة بالدول الأخرى.

وتعاني روسيا بالفعل من أمراض شيخوخة، ولا تصلح نموذجًا لأيّ شخص أو دولة أخرى. لكنّ الصين، على النقيض من ذلك، بالفعل قوة اقتصادية عالمية؛ لكنها تقدم نموذجًا جديدًا من رأسمالية الدولة السلطوية. وكان للشركات الأميركية والسياسات التجارية للولايات المتحدة دور في ذلك، وساعدتها في أن تصبح مركز صناعة عالميًا، ونفوذها المالي آخذ في الاتساع.

وبالرغم من ذلك، الحلول العسكرية غير مجدية مع الدولتين، وتؤكد الاستراتيجية الوطنية أنّ هذين القطبين، بجانب كوريا الشمالية وإيران؛ سيسعون إلى تخريب أميركا، عبر استخدام «الفساد والممارسات الاقتصادية غير المتكافئة والدعاية الكاذبة والتخريب السياسي ووكلائهم»، أو حتى استخدام التهديدات العسكرية على أرض الواقع، مؤكدة أيضا أن بعضهم بارع في استغلال علاقتهم الاقتصادية مع شركاء أميركيين في المجال الأمني.

مهمة بعيدة المنال

وتتحدث الاستراتيجية كما لو أنّ التعامل مع اثنتين من القوى العظمى ليس كافيًا؛ إذ شرعت أيضًا في التخطيط لمواجهة ما وصفتها بالأنظمة المارقة، وهزيمة التهديدات الإرهابية الموجهة للولايات المتحدة، وتوطيد المكاسب الأميركية في العراق وأفغانستان، مع الانتقال إلى نهج أكثر استدامة في إهدار الموارد؛ عن طريق إعلان نية أميركا في الحفاظ على موازين القوى الإقليمية والسلطة في منطقة المحيط الهادئ وأوروبا والشرق الأوسط ونصف الكرة الغربي، بجانب معالجة التهديدات الإرهابية الكبرى في إفريقيا.

القوات الأميركية في سوريا – أرشيفية

وما تقوله أميركا -باختصار- هو أنها متعهدة بالدفاع عن النظام والاستقرار في جميع أنحاء العالم، وهي مهمة بعيدة عن متناول أيّ أمة في العالم؛ حتى أغناها وأعلاها شأنًا. وتحدثت الاستراتيجية أيضًا عن الحاجة إلى خوض اختيارات صعبة، وإعطاء الأولوية لهذه الخطط؛ و«هذا بالضبط ما تتحدث عنه الوثيقة».

وبجانب ذلك، تستمر القوة العسكرية الأميركية المنتشرة بالفعل في الهند والمحيط الهادئ والشرق الأوسط في مهامها العسكرية اليومية العادية، وهي بدورها مكلفة أيضًا، ورامية إلى «القضاء على التهديدات الإرهابية، وأسلحة الدمار الشامل والدفاع عن مصالح الولايات المتحدة».

تورّط في الصناعة

كما تحدّثت الاستراتيجية أيضًا عن نيتها في الحفاظ على ما أسمتها «الميزة التكنولوجية» للبنتاجون؛ بدءًا من نظم الحوسبة المتقدمة، تحليل البيانات الضخمة، الذكاء الاصطناعي، الاستقلالية، الروبوتات، الطاقة المواجهة، استخدامات الموجات فوق الصوتية والتكنولوجيا الحيوية؛ وهي أمور ستحتاج إلى إجراء تغييرات جذرية في البنية الاستثمارية ومصادرها وتأصيل لقاعدة ابتكار في الأمن القومي، أو بمعنى آخر: «البنتاجون عازم على التورط في السياسة الصناعية الأميركية».

وهذه الاستراتيجية ستحتاج إلى ميزانية ضخمة للغاية، أكثر من المخصصة للبنتاجون حاليًا. وأثناء عرضها، هدد البنتاجون بأنّ نقص الأموال اللازمة للوزارة سيقلّص من النفوذ الأميركي وسيتآكل الحلفاء، إضافة إلى انخفاض فرص الوصول إلى الأسواق المختلفة؛ ما يساهم بدوره في تراجع الازدهار الأميركي وتدني مستويات المعيشة للمواطنين الأميركيين، كما زعمت به الاستراتيجية.

خطر يزداد

وتغافلت الاستراتيجية عن ذكر أسباب فشل نظيرتها الحالية، ومدى تأثيرها على مستوى الازدهار ومعيشة المواطنين، الذي انخفض بالفعل لمعظم الأميركيين؛ لدرجة أنّ العمر المتوقع لهم بدأ في التراجع، كما اندلعت كوارث مناخية لا قبل لأميركا بها؛ وكلها عوامل خطر حاضر حاليًا وآخذ في الازدياد.

أيضًا، دمّرت الحرب الأميركية على العراق الشرق الأوسط بالكامل وليس العراق وحده. وتعد أفغانستان أطول الحروب الأميركية، التي دخلت عامها الـ17، ولا نهاية لها ولا هدف.

وخاضت القوات الأميركية حروبًا في المنطقة أكثر من أي مكان آخر في تاريخ البلد على مدار القرن الماضي؛ وأنفقت فيها تريليونات الدولارات، بجانب مقتل آلاف الأشخاص الأبرياء، وأعداهم آخذة في الازدياد، وأرسلت قواتها الخاصة إلى ما يقرب من ثلاثة أرباع بلدان العالم، البالغ عددها 149 بلدًا، وكما جادلت الاستراتيجية «فإننا نواجه عالمًا أكثر تهديدًا وخطورة الآن».

تجدر الإشارة إلى أنّ حملة ترامب تعهدت بإنهاء ما وصفتها «الحروب الغبية» وتغيير السياسات التجارية الفاشلة، والدفع بعلاقات أفضل مع روسيا؛ وكلّ هذه الوعود تبخرت بشكل أسرع مما يتخيله أي شخص.

وفي النهاية، ما تتحدث عنه الاستراتيجية سيكلف الولايات المتحدة بعثات عسكرية لا تستطيع الوفاء بها، وبالفعل سيتمكن البنتاجون من الحصول على مزيد من الأموال؛ لكنها لن تكون كافية لما أعلن عنه من خطط، وستضيع مليارات الدولارات على حروب لا طائل منها، وسيحيا سباق التسليح النووي، وستجد أميركا نفسها في النهاية رغم ذلك «أقل أمانًا» مما سبق.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023