أكد مركز «موشي ديان لدراسات الشرق الأوسط»، أن تنظيم الدولة حقق نجاحات إعلامية في سيناء، عن طريق فرعه هناك «ولاية سيناء» أحد أكثر الفروع الداعشية فتكا في العالم، مضيفا أن الحملات العسكرية السابقة ساعدته على رفع درجة وعيه الإعلامي بطريقة غير متوقعة، رغم هزيمة التنظيم في سوريا والعراق، بجانب تطوير آلياته الدعائية.
ووفق ما ترجمت «شبكة رصد» أعلنت القوات المسلحة المصرية، في 9 فبراير الجاري، عما أسمته «العملية العسكرية الشاملة سيناء 2018»، وهي أكبر عملية لمكافحة الإرهاب في مصر حتى الآن، وفي بدايتها، قال عبدالفتاح السيسي، إنني أتابع بفخر الأعمال البطولية لأبنائي في القوات المسلحة والشرطة؛ لتطهير أرض مصر الغالية من العناصر الإرهابية، أعداء الحياة.
وفي الوقت نفسه، بدأ الجيش المصري حملة إعلامية ضخمة لدعم العملية، ونشر لقطات لمقاتلات مصرية ومروحيات هجومية تلق من مطاراتها، وصورا وفيديوهات لعناصر القوات الخاصة المنتشرة في سيناء، في استعراض واضح للقوة والعزم في مواجهة التمرد المستمر منذ سنوات في سيناء، كما أظهرت صورا نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» استعدادات للقوات الخاصة والمركبات المسلحة وهي تستعد للمشاركة في العملية العسكرية في سيناء.
أشار المركز، إلى أن الهدف الأساسي من العملية حتى الآن هو تنظيم «ولاية سيناء»، وهو أحد الفروع التابعة لتنظيم داعش، وهو وأيضا واحدا من أكثر فروعها فتكا ونشاطا في العالم.
وكانت ولاية سيناء، تمكنت في أكتوبر 2015 من إسقاط طاشرة روسية قتلت جميع ركابها فوق سيناء، كما قتلت مئات الجنود المصريين في سيناء، وشنت هجوما دمويا على مسجد بلال في قرية الروضة بمنطقة بئر العبد بشمال سيناء، في نوفمبر 2017، وهو الهجوم الأكثر دموية في تاريخ مصر، وراح ضحيته أكثر من 300 مصل، كما حاول التنظيم اغتيال وزير الدفاع صدقي صالح ووزير الداخلية مجدي عبدالغفار، باستهداف طائرتهما في مطار العريش، بصاروخ كورنيت المضاد للدبابات.
ومن غير المفاجئ، بحسب المركز، أن يقوم التنظيم بالتزامن مع بدء العملية، باستخدام القوة الدعائية له في مواجهة الدعاية المصرية عن العملية العسكرية، حيث نشر التنظيم فيديو جديد بعد عدة ساعات من بدء عملية سيناء، وفيه جمع مجموعة من الحوادث والهجمات التي شنها التنظيم ضد الشرطة والجيش فيه شبه جزيرة سيناء، وسلط الضوء على ما قاولا إنها جرائم السيسي المرتد ضد السنة لخدمة مصالح اليهود والصليبيين.
كما أظهر الفيديو، بعض هجمات «ولاية سيناء» في 2017، استخدم فيها عبوات ناسفة ضد قوافل الجيش، ولقطات مقربة لجثث الجنود المصريين القتلى، ولقطات من انفجار مروحية عسكرية تابعة لوزير الدفاع صدقي صبحي، والتي اعتبرها الكثير من المحللين، أكبر نجاح تكتيكي حققه ولاية سيناء في الفترة الأخيرة.
ومن المثير للاهتمام أن الفيديو لم يعرض لقطات لهجمات «ولاية سيناء» ضد الأقباط أو مذبحة مسجد الروضة، وبدلا من ذلك ركزوا على الأهداف العسكرية، وقدموا أنفسهم كمدافعين عن السنة في مصر.
وما جاء في دعاية داعش، بحسب المركز، يتفق تماما مع الخط الذي يتخذه التنظيم في العراق وسوريا في السنوات الأخيرة، حيث سعى تنظيم الدولة إلى تقديم نفسه كمدافع عن السنة من الحكومات الشيعية المرتدة.
وشدد مركز الدراسات، على أن العملية العسكرية الأخيرة، ي أولا وقبل كل شئ، تمثل استمرارا للمعركة بين تصورات السيسي والجهاديين، فالهجمات الإرهابية الأخيرة التي طالت مدنيين بمن فيهم المسلمون الذين يصلون والمسيحيون داخل كنائسهم، كشفت عن استمرار تعرض مصر للإرهاب، وفشل محاولات الجيش المصري في ردع الجهاديين بسيناء.
وأكد المركز أيضا، على أنه تم تقديم العملية العسكرية الحالية، كأكبر عملية لمكافحة الإرهاب في مصر على الإطلاق، إلا أنه أكد على أنه ليست الحملة الأولى ضد الجهاديين في سيناء، مضيفا أن الحملات العسكرية السابقة، ساعدة «ولاية سيناء» على رفع الوعي الإعلامي لديهم، من خلالت إنشاء المزيد من الدعاية في مواجهة الداعية الرسمية للدولة، ومن المفترض أن تكشف الأيام المقبلة عن نتائج الحملة الحالية، سواء في الإعلام أو على الأرض الواقع.
وعلى الرغم من تراجع الدعاية الخاصة بداعش في الشهور الأخيرة، خاصة بعد فقدانه لمعظم الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق، إلا أنها مازالت متقدمة في مصر عن غير من المناطق المنتشر فيها، وأرجعت صحيفة «ديلي ميل» البريطانية السبب في ذلك إلى مقتل عدد من أبرز قيادات داعش المسؤولين عن الدعاية للتنظيم في الغارات الجوية الغربية الأخيرة. علاوة على أن جودة إنتاج أفلام داعش المرعبة تأثرت كثيرا بالهزائم المتلاحقة التي يتعرض لها التنظيم في أراضيه.
وكانت صحيفة «نيويورك تايمز»، قالت إن داعش استطاعت إرسال رسائل يومية إلى العالم، على نحو فعال، بطريقة أكثر فاعلية من الجهود المبذولة من قبل أغنى وأكثر دول العالم تقدما وتقنية، وأشارت إلى أن الفيديوهات التي يبثها التنظيم لعملياته العسكرية في مصر أو سوريا أو العراق أثناء قتل الضحايا، ليس من أعمال هواة، بل يقوم بها محترفون، بسبب التقنيات العالية والجودة وطرق التصوير السينمائي.