شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تحليل بـ«ميدل إيست مونيتور»: صفقة الغاز تكشف الروابط القوية بين الديكتاتورية المصرية والفصل العنصري «الإسرائيلي»

رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو قبل لقاء مع مسؤولين مصريين

ختامًا لملحمة من التعاون الطويل الأمد بين الديكتاتورية المصرية ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وقّعت شركة «ديليك للحفر» الإسرائيلية اتفاقًا هذا الأسبوع مع شركة «دولفينوس» المصرية لتوريد 64 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي إلى مصر على مدار عشر سنوات، بقيمة 15 مليار دولار؛ وفقًا لما أكّدته «فايننشيال تايمز».

وفي المقام الأوّل، الصفقة لصالح الجانب الإسرائيلي؛ كما كشف تعليق رئيس وزراء الاحتلال «بنيامين نتنياهو». وقالت وكالة «بلومبرج» إنّ الغاز سيأتي من حقلي «ليفيثيان وتمار» الإسرائيليين في البحر الأبيض المتوسط. وردًا على خبر الصفقة؛ ارتفعت أسهم الغاز الإسرائيلية كثيرًا.

وهذا نتاج تورّط النظام المصري ورجال أعماله المليونيرات منذ سنوات في صفقات فاسدة للغاز الطبيعي مع النخب الإسرائيلية؛ وفقًا لما يراه الكاتب البريطاني «آسا وينستانلي» في تحليله بصحيفة «ميدل إيست مونيتور» وترجمته «رصد».

بنود ظالمة

وكما أوضح السفير الأميركي السابق لدى مصر «إدوارد والكر» في فيلم وثائقي لقناة «الجزيرة» عام 2014، فهذه الصفقات كانت وسيلة تعزيز اتفاقية كامب ديفيد «الظالمة» بين تل أبيب والقاهرة وبموجبها انسحبت قوات الاحتلال ومستوطناتها من شبه جزيرة سيناء؛ بالرغم من اقتراب الرئيس الأسبق محمد أنور السادات من تحقيق نصر كامل حينها كان سيسمح له باستعادة أراضيه المحتلة دون الحاجة لإبرام معاهدة سلام مع «إسرائيل».

وتتضمنّ «كامب ديفيد» بنودًا ظالمة؛ تنص على نزع الأسلحة من سيناء، وتطبيق الشرط على مصر فقط دون وجود مثيل له على الجانب الاحتلالي، كما لم تقدم الاتفاقية شيئًا ملموسًا للشعب الفلسطيني الذي لا يزال يرزح تحت وطأة الاستعمار الصهيوني في قطاع غزة والضفة الغربية، وواجه النظام المصري أثناء توقيع الاتفاقية انتقادات في العالم العربي لبيعه القضية الفلسطينية.

لذلك؛ هذه الاتفاقية لا تحظى بشعبية داخل المجتمع المصري. ومثل مصر، وقّع الأردن اتفاق «سلام» مع «إسرائيل»؛ لكنّ مصر ديكتاتورية عسكرية قمعية ووحشية، ولا تهتم مطلقًا بإرادة مواطنيها.

الفساد مقابل إمبراطورية أميركا

وقال السفير الأميركي، في الفيلم الوثائقي نفسه، إنّ اتفاقيات الغاز السابقة بين الجانبين، إضافة إلى أميركا؛ تغاضوا عن شبهات الفساد فيها، واعتبروها محسنة ومعززة لاتفاقية السلام.

ويتغاضى الجانب الأميركي عن أي فساد عندما يتعلق الأمر بفرض هيمنة إمبراطوريته في المنطقة.

وشملت الصفقة في 2010 تخفيضًا كبيرًا ومتعمّدًا في أسعار بيع الغاز المصري لـ«إسرائيل»، كما اعترف وزير الطاقة الاحتلالي السابق، بعد توقيع الاتفاقية بمدة، أنّ «الأسعار كانت تافهة ومضحكة»؛ بينما أكّد الخبراء حينها أنّ البنوك المصرية خسرت بسببها 11 مليار دولار، وأهمل ذلك مقابل المكاسب الضخمة التي حققها رجال الأعمال من الطرفين.

واعتقل سامح فهمي، وزير البترول الأسبق، بعد ثورة 2011 التي أطاحت بالديكتاتور مبارك؛ لدوره في هذه الصفقة المشبوهة. وفي يونيو 2012 حكم عليه بالسجن 15 عاما؛ لكنه ألغي مثل باقي الأحكام الصادرة ضد الفاسدين أثناء عهد مبارك عقب انقلاب السيسي العسكري في 2013 وإطاحته بأول رئيس مدني منتخب.

سيطرة الدولة العميقة

وأحد أهم أسباب اندلاع ثورة يناير بيع الغاز المصري إلى «إسرائيل» بأثمان بخسة، وهي الدولة التي يعتبرها المصريون بشكل واضح وصريح «الكيان المعادي الأول» بالرغم من اتفاقية السلام.

وكان حسين سالم، رجال الأعمال والعميل الاستخباراتي السابق، مهندس هذه الصفقة، وهرب من مصر أثناء ثورة يناير واعتقل في إسبانيا بعد وحكم عليه غيابيًا بالسجن 15 عامًا في قضية سامح فهمي نفسها؛ لكنّ الحكم ألغي أيضًا، ويعيش حسين في إسبانيا، وكان الشريك الرئيس له في الصفقة من الجانب الإسرائيلي الوكيل الاستخباراتي السابق «يوسي ميمان».

وفي أعقاب ثورة يناير 2011، أدى الاضطراب الأمني في سيناء إلى تفجير خط أنابيب الغاز لـ«إسرائيل» مرات؛ ما دفع «ميمان» إلى مقاضاة الجانب المصري بسبب فقدان عائداته، وحكم له بـ1.3 مليار دولار بسبب الخسائر التي لحقت به إثر توقف إمدادات الغاز؛ وهو ما يشير إلى مدى تأثير الدولة العميقة في الجانبين ومدى سيطرة أجهزة المخابرات فيهما على هذه الصفقات.

ويبدو أيضًا أنّ الجانبين المصري والإسرائيلي تركا الخلافات الخاصة بصفقة 2010 وراء ظهورهما، لكنّ عودتهما جاءت معاكسة لما سبق؛ إذ أصبح الجانب الإسرائيلي «المُصدّر» والمصري «المستورد»، وبدلًا من إنفاق مصر أموالها في إدخال تحسينات على البنية التحتية وتحسين رفاهية الشعب المصري؛ شرعت في إنفاقها على صفقة غاز فاسدة.

والطريقة التي رد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على الصفقة، التي ستدر لدولته مليارات الدولارات، بأنها «يوم عيد»؛ تخبرنا بكل ما نريد معرفته عن هذه الصفقة.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023