في الوقت الذي يواصل المئات من العرب والبريطانيين، التظاهر أمام مقرّ رئاسة الوزراء البريطانية، وسط لندن، احتجاجًا على زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، رافعين شعارات مندّدة بالسياسة السعودية والإماراتية في المنطقة، منها الحصار الذي تفرضانه على دولة قطر منذ أشهر، والحرب اليمنية، استطاع شراء صمت الحكومة البريطانية مقابل توقيع صفقات تجارية معه بقيمة 65 مليار جنيه استرليني.
وتظاهرت منظمات بريطانية في لندن، احتجاجًا وتنديدا بزيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بعد ساعات من وصوله للقاء رئيسة الوزراء تيريزا ماي، ورفع المتظاهرون لافتات تطالب المملكة المتحدة بوقف تصدير السلاح إلى السعودية والإمارات، وأخرى تقول «ارفعوا أيديكم عن اليمن».
وتأتي هذه الاحتجاجات على الرغم من أن الأمير السعودي استبق زيارته إلى لندن بحملة علاقات عامة ضخمة عبر قيامه بمقابلات استباقية مع صحف بريطانية، بالإضافة إلى نشر مئات الإعلانات في الشوارع والميادين العامة وعلى الباصات وسيارات النقل الضخمة، والتي تصوره كـ«قائد للتغيير في السعودية» ورجل الإصلاح الذي لا يتكرر، بالإضافة إلى دوره «التاريخي» في تخليص المرأة السعودية ومحاربة الإرهاب، وصديق مخلص لبريطانيا، ورجل أعمال سيعقد عشرات الصفقات التي ستؤمن الوظائف للعمال البريطانيين.
شوارع لندن حاليا .. بعد وصول #محمد_بن_سلمان_في_بريطانيا pic.twitter.com/23Bit6QWE2
— نحو الحرية (@hureyaksa) March 7, 2018
في لندن
ترحيب لائق لقاتل اطفال اليمن. مجرم الحرب محمد بن سلمان
In London
Ein anständiger Empfang für den jemenitischen Kindermörder. Kriegsverbrecher Mohammed bin SalmanIn London
Special welcome to Yemen's children killer,War criminal Mohammed bin Salman pic.twitter.com/6VEVYMq0VY— سلامي وتحياتي لوطني (@akalfarran) March 7, 2018
صفقات بالمليارات
وبعد لقاء محاط بالغضب، أعلن مكتب رئيسة وزراء البريطانية، تيريزا ماي، مساء الأربعاء، أنها اتفقت مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، على الحل السياسي إنهاء النزاع في اليمن، مضيفًا اتفقا أيضا على صفقات تجارية مع المملكة العربية السعودية بقيمة 65 مليار جنيه استرليني، على مدار الأعوام المقبلة.
وفي وقت سابق، دافعت ماي عن علاقات حكومتها مع السعودية، وحاولت في الوقت نفسه طمأنة المعارضين من زيارة ابن سلمان بأنها ستثير خلال محادثاتها معه المخاوف بشأن حقوق الإنسان.
وقالت ماي ردا على سؤال من كوربن إن «الصلة التي تربطنا بالسعودية تاريخية، إنها مهمة وأنقذت أرواح مئات الأشخاص على الأرجح في هذه الدولة»، وذكرت «ماي» أيضا أنها ترى إصلاحات في السعودية وتشجع ذلك.
وأشارت الحكومة البريطانية إلى إن رئيسة الوزراء سوف تدعو السعودية إلى تسهيل وصول المواد الإنسانية والتجارية بشكل كامل وغير مقيد إلى اليمن عبر الموانئ التي أغلقها التحالف العربي.
إدراج أسهم أرامكو
وقالت وكالة «رويترز» للأنباء إن الحكومة البريطانية حريصة على تحويل علاقاتها العسكرية التاريخية مع السعودية إلى تجارة واستثمار متبادلين.
ولفتت الوكالة إلى أن بريطانيا نظمت استقبالا حافلا لولي العهد السعودي وأن مأدبة الغداء التي أقامتها له الملكة إليزابيث هي تكريم نادر لا يحظى به إلا رؤساء الدول.
وقال وزير الدولة البريطاني أليستر بيرت في البرلمان اليوم إن بريطانيا ستواصل تقديم المسوغات حتى تنفذ شركة النفط السعودية أرامكو الإدراج الجزئي لأسهمها في بورصة لندن، وأضاف«نرغب أن يكون طرح أسهم أرامكو في المملكة المتحدة وسنواصل تقديم لندن باعتبارها المكان الأفضل لهذا الطرح».
سجل جرائم
وعلى عكس التوجه الرسمي، لا تلقى هذه الزيارة صدىً حسناً لدى الإعلام البريطاني والحقوقيين والناشطين هناك، إذ وجهوا سهام الانتقاد إلى الحكومة البريطانية، على خلفية ما وصفوه «فرش البساط الأحمر لولي العهد السعودي»، واتهموها بالتركيز على المحاور الاقتصادية بين البلدين على حساب القيم البريطانية وحقوق الإنسان والمأساة اليمنية.
ونقلت قناة «الجزيرة»، عن زعيم حزب الديمقراطيين الأحرار البريطاني فنس كيبل قوله إنه قدم سؤالا مستعجلا للحكومة بشأن زيارة ابن سلمان، وقال إن «دكتاتورا» مثل ولي العهد السعودي «يدير مملكة بمنطق القرون الوسطى ويزور بريطانيا، ينبغي أن نكون صريحين معه وأن نطالبه بوقف الحرب في اليمن».
وصرحت مسؤولة السياسة الخارجية في حزب العمال إميلي ثورنبيري أن ابن سلمان هو «مهندس حصار اليمن وإن سكوت الحكومة البريطانية عنه يعتبر عارا».
وكتبت إميلي ثورنبري، في صحيفة «جارديان»: «مثلما جرت العادة كثيرا يتعلق الأمر بربح قذر ومحاولة هذه الحكومة المستميتة لسد الفجوة التي سيخلفها رفض ماي البقاء في اتحاد جمركي مع الاتحاد الأوروبي بعد الخروج منه في التجارة وفرص النمو في بريطانيا».
وكان 17 نائبًا من مختلف الأحزاب في مجلس العموم البريطاني قد وقّعوا عريضة نيابية الشهر الماضي، طالبوا فيها رئيسة الوزراء تيريزا ماي برفض زيارة بن سلمان لبلادهم بسبب «الجرائم الخطيرة التي يرتكبها في بلاده وخارجها»، فيما قال زعيم حزب «العمال» البريطاني جيرمي كوربين إن على تيريزا ماي وقف إمداد السعودية بالسلاح، وإعلان معارضة بريطانيا انتهاك حقوق الإنسان الواسع في السعودية على هامش الزيارة.
وقد وصل ابن سلمان إلى لندن في وقت متأخر من مساء أمس الثلاثاء وكان في استقباله وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون. وسيلتقي ولي العهد السعودي بعدد من المسؤولين خلال الزيارة التي تستمر ثلاثة أيام.
ويجري بن سلمان جولة عالمية، بدأها بمصر، ثم بريطانيا وصولا بالولايات المتحدة الأميركية، حيث يرتقب أن يلتقي الرئيس الأميركي دونالد ترامب.