شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

متخصص رياضي لـ«ميدل إيست آي»: مهما قدّمت من خدمات للنظام فالنجاح خارج مصر.. العبرة بـ«أبو تريكة ومحمد صلاح»

في هذا الأسبوع، وُضِع الزميل السابق لمحمد صلاح «أبو تريكة (39 عامًا)» على قائمة «الإرهابيين»، بحكمٍ من محكمة جنايات القاهرة، ويُتّهم بتمويل جماعة الإخوان المسلمين، المُدرجة «منظّمة إرهابية» منذ 2013. ووضع لأولى مرة على قوائم الإرهاب في يناير 2017، والحكم الصادر هذا الأسبوع يعني أنّه سيظلّ على القائمة لخمس سنوات قادمة، بجانب تجميد أصوله، والقبض عليه إذا جاء القاهرة، ويقيم في قطر منذ ثلاث سنوات.

ولقَّبَ الصحفيُّ الرياضيُّ الإيطاليُّ المحترفُ «جابرييل ماركوتي» أبو تريكة بأنّه «أعظم لاعب كرة قدم في التاريخ»، بالرغم من أنه لم يسبق له اللعب في أوروبا أو أميركا.

وفي الوقت الذي يُتداول فيه اسم محمد صلاح بجميع أنحاء العالم، وهذا ملائم لقدراته الكروية الأخيرة وأعماله الخيرية؛ يخشى أبو تريكة من العودة إلى وطنه خوفًا من الاضطهاد.

ويمتلك أبو تريكة قائمة كاملة من الإنجازات التي تُحسب له، بالرغم من سعي النظام لشطبها من الوعي الوطني، وتقديم مثال لما يصيب من يقف على الجانب الآخر للنظام؛ فبغضّ النظر عما حققته أو أنجزته، إذا رفضتَّ التحالف مع النظام فالعار والسقوط سيلاحقانك.

هذا ما يراه المتخصص الرياضي «مصطفى محمد» في مقاله بصحيفة «ميدل إيست آي» وترجمته «شبكة رصد». مضيفًا أنّ هناك رسالة أخرى أكثر ضمنية مما سبق، وهي للشباب المصري عمومًا الذين يشكلون 40% من تعداد سكان مصر؛ مفادها أنّهم لن يستطيعوا تحقيق طموحاتهم أو حتى الحفاظ على حياة مستقرة إلا بمغادرة مصر.

حبّ الناس

وإلى جانب مشاركته في كأس العالم مع المنتخب الوطني، أنجز أبو تريكة كل شيء لكرة القدم الإفريقية وهو لاعب بالنادي الأهلي، وكان جزءًا لا يتجزّأ من فريقه القاهر، وفاز بين عامي 2004 و2011 بسبعة ألقاب للدوري المصري الممتاز، وكأسين محليين وثلاثة من الاتحاد الإفريقي لكرة القدم ودوري أبطال إفريقيا.

وكان أبو تريكة لاعبًا هامًا في المنتخب المصري، وفاز معه بكأس الأمم الإفريقية ثلاث مرات متتالة في أعوام 2006 و2008 و2010، وسجّل الأهداف الحاسمة في اثنين من ثلاث نهائيات، وحصل بشكل فردي على جائزة «أفضل لاعب في إفريقيا» أربع مرات، وفي 2008 فاز بجائزة «بي بي سي لأفضل لاعب إفريقي» في العام.

ومثّلت إنجازات أبو تريكة حينها فوائد لمصر متعددة، واُعتُرف بها في مصر وعالميًا، وكان أحد أسباب هذا الإعجاب تجنّبه الاحتراف في أوروبا؛ خاصة وأنّ قدرته وشهرته تتيحان له ذلك، لكنه فضّل تحقيق إنجازاته الكروية في مصر.

ويرى محللون ونقاد رياضيون أنّ الإنجازات التي حققها وشعبيته الجارفة ما حققها له الاحتراف في أوروبا.

ويقول الكاتب الصحفي «حسن المستكاوي»، بجريدة الأهرام اليومية، إنّ أبو تريكة فاز بجائزة لا يمكن لأيّ شخص أن يفوز بها؛ وهي حب الناس.

كما قال «بوب برادلي»، المدرب السابق للمنتخب المصري، إنّ الناس يخبرونه في أيّ مكان يذهب إليه أن يختار أبو تريكة، مضيفًا أنّ «شعبيته لا تُصدق؛ فالناس هنا يحبونه، وهو ليس لاعبًا وحسب، ولم يكتسب شهرته بمهاراته فقط؛ بل لأخلاقه العليا أيضًا؛ فقد فعل كل ما هو صحيح للحفاظ على مستواه عاليًا، وبلا شك يعتبر أبو تريكة قائدًا لنا، ويتمتع بخبرة وذكاء ليس لهما حدود».

غياب الحصانة

وما يثير الصدمة أنّه بالرغم من كل ما سبق، وبالرغم ما حقّقه من إنجازات كروية للعالم العربي ولمصر؛ يضطرّ حاليًا للعيش في المنفى بعيدًا عن أهله ووطنه، موضوعًا على قائمة الإرهاب. وبحسب الادّعاءات التي أثيرت في 2015، كان أبو تريكة يمتلك شركة سياحية مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين.

كما اُتُّهم شريكه «أنس عمر القاضي» بارتكاب أعمال عدائية ضد الدولة، ويُزعم أنّ أموال الشركة تُستخدم لتمويل الأعمال الإرهابية.

وقال أبو تريكة إنّ عمر القاضي لم يعد جزءًا من الشركة منذ 2013. وعلى كل حال، هذه المزاعم ليست سوى غطاء لاستهداف أبو تريكة بسبب تصرحاته العنلية بتأييد الدكتور محمد مرسي في انتخابات 2012.

واعتقد الجميع أنّ شعبية أبو تريكة ستعطيه حصانة من هذه المزاعم. وقال حاتم ماهر، أحد كبار المحررين في موقع الأهرام، إنّ شعبية أبو تريكة أكبر بكثير من شعبية الرئيس، وهو ليس الشخصية الأكثر شعبية رياضيًا فحسب؛ بل الأكثر شعبية بشكل عام.

ولسوء الحظ، لم يشفع له حب الناس أو شعبيته لحمايته من النظام، سواء قانونيًا أو ماديًا؛ واستطاعت السلطات استهدافه ومعاقبته على علاقته المزعومة بجماعة الإخوان المسلمين، عبر تجميد أصوله؛ وربما النتيجة الأكثر مأساة وفاة والده دون أن يتمكّن من حضور جنازته.

محمد صلاح

في هذه الأثناء، يواصل نجم محمد صلاح الارتفاع محليًا وعالميًا. لكنه أيضًا، وكما حدث مع أبو تريكة، لم يستطع النجاة من مزالق النظام والسياسية في مصر. وبالرغم من أنه لم يحصل على الجوائز التي حصل عليها أبو تريكة؛ فصيته ذاع وانتشر عبر العالم أجمع.

محمد صلاح

وتمكّن محمد صلاح من عقد صفقات مربحة مع شركات عالمية، أمثال بيبسي وفودافون وأوبر، إضافة إلى تلقيه 185 ألف يورو أسبوعيًا من ناديه ليفربول.

وقال برادلي، الذي أشرف على محمد صلاح أثناء توليه منصب مدرب المنتخب المصري، إنّ محمد صلاح كان يتخذ محمد أبو تريكة مثالًا له، وتعلّم منه بالطريقة الصحيحة.

وأبرز ما تعلّمه محمد صلاح حاليًا من أبو تريكة: الحذر ثم الحذر؛ فالحفاظ على نهجٍ تصالحيّ مع النظام أمر بالغ الأهمية للبقاء على قيد الحياة. على سبيل المثال: شرع محمد صلاح في التبرّع لصندوق تحيا مصر الذي أسسه عبدالفتاح السيسي.

والدرس الأصعب والأكثر مرارة أنّ تحقيق أيّ طموح أو تنمية أيّ موهبة لا يتم إلا خارج مصر، بغض النظر عما تقدّمه للنظام من أموال أو خدمات.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023