شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«لوفيجارو» الفرنسية تكشف كيف فشلت جهود «بوتفليقة» في إبعاد الجيش عن السلطة

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة

سلطت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية، الأضواء على تاريخ الصراع بين المؤسسة العسكرية الجزائرية، والرئيس بوتفليقة، والذي كانت آخر محطاته مطالبة رئيس الأركان أحمد قايد صالح، بإعلان خلو منصب الرئيس، لعجزه عن مزاولة مهامه.

وأوردت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمه موقع «عربي21»، تصريح عبدالعزيز بوتفليقة، في عام 1999، عندما قال متفاخرا أمام القنوات الأجنبية: «اطلبوا من الجنرالات كرهي إن استطاعوا»، بعدما بذل ما في وسعه على مدار 20 عاما، لإقصاء الجيش من السلطة، لكن جهوده ذهبت، حيث أثبت الجيش أنه مازال صاحب السلطة والقرار.

في ذلك الوقت، اختاره الجنرالات بناء على طلبه رئيسا للجمهورية، ولكن بوتفليقة، الذي كان حينها وزيرا للخارجية في ظل رئاسة هواري بومدين، يدرك جيدا أنه يجب عليه أن يحذر منهم، ولم ينس بوتفليقة أن العساكر والأمن العسكري قد منعاه من السير في طريق الخلافة الرئاسية سنة 1978، بعد وفاة بومدين، مفضلين العقيد الشاذلي بن جديد بدلا منه.

وذكرت الصحيفة أن رئيس المخابرات محمد مدين، المعروف أيضا باسم الجنرال توفيق، وعضو اللجنة العليا للدولة خالد نزار، قاما بعد استقالة الشاذلي بن جديد خلال سنة 1994 بالضغط على عبد العزيز بوتفليقة حتى يقبل بتولي منصب رئيس الدولة ويقود فترة الانتقال، لكنه لم يكلف نفسه عناء إبلاغ رفضه وغادر إلى جنيف، حيث عاش في ذلك الوقت.

وأشارت الصحيفة إلى أن حسين آيت أحمد، القائد التاريخي في جبهة التحرير الوطني الذي نُفي إلى بحيرة ليمان، أخبره قبل أيام قليلة من رحلته إلى الجزائر التي كانت تشهد حربا أهلية ضارية، بأنهم “سيفعلون بك ما فعلوه مع بوضياف، سوف يستخدمونك ثم يتخلصون منك”، لقد غرقت البلاد في حمام دم لم يستثن رئيس الدولة، فقد قُتل محمد بوضياف قبل سنتين في عنابة أمام كاميرات التلفزيون على يد أحد حراسه الشخصيين.

ومنذ وصوله إلى السلطة سنة 1999، وعلى مدى 20 سنة، همّش عبد العزيز بوتفليقة بصبر وبشكل ممنهج الجنرالات، الذين قرروا مقاطعة العملية الانتخابية التي انتهت بانتصار الجبهة الإسلامية للإنقاذ في شهر يناير 1992، وقد عمد بوتفليقة إلى تفكيك البنية العليا لدائرة الاستعلام والأمن، حيث أحال رئيسها محمد مدني إلى التقاعد، وأعفى حوالي 20 مسؤولا من كبار الضباط بمن فيهم قادة المنطقة العسكرية، الذين يعتبرون من بين أهم الشخصيات في البلاد، من مهامهم.

وبينت الصحيفة أنه إلى حدود الأسبوع الماضي، تناسى النظام المتغالي في اعتماده على الرئاسة الذي أنشأه عبد العزيز بوتفليقة حقيقة أن أحمد قايد صالح أصبح رجلا قويا للغاية، كما غطى النظام على تأثير “القوى غير الدستورية” على صنع القرار السياسي، وهي قوى المال وخاصة شبكات دائرة الاستعلام والأمن السابقة، التي تم حلها لكنها ما زالت نشطة في الجيش والإدارة والشرطة.

من خلال دعوة المجلس الدستوري للإعلان عن عجز بوتفليقة عن رئاسة الجزائر، فإن قائد أركان الجيش يكون بذلك قد عرى القوة الحقيقية الوحيدة في البلاد، وقد حلل مسؤول رفيع المستوى في الدولة متقاعد أنه “إذا كان الجيش يتمتع بالقوة الكافية اليوم لإقالة الرئيس، فهذا لأنه محمي بنظامه الداخلي “الإيكولوجي” الذي يعمل بمعزل عن بقية الدولة، فقد أفرغ بوتفليقة جميع المؤسسات المدنية في البلاد من جوهرها، لكنه لم يستطع المس من المؤسسة العسكرية”.

ونقلت الصحيفة عن هذا المسؤول السابق أنه “على عكس نظام المخزن في المملكة المغربية الذي يقوم على الوحشية والولاء، فإن النظام الجزائري مبني على روح الزمالة الثورية، ولأنه رجل سلطة وليس رجل دولة، يتمثل خطأ بوتفليقة في المس من هذه القاعدة المقدسة، المتمحورة حول تشارك عملية أخذ القرار، لقد ذهب بعيدا في سياسته التدميرية”.

حيال هذا الشأن، قال أكرم خريف، المتخصص في الشؤون العسكرية ومنشط مدونة “مينا ديفنس”، إن “قايد صالح لم يدعُ سوى إلى تطبيق المادة 102 من الدستور، وقد يكون من الأسهل بالنسبة له إعلان حالة الطوارئ وتولي السلطة، مما يثبت أن سيطرة الجيش على السلطة السياسية ليست ذات أهمية كبرى، نحن في سنة 2019، وبسبب إراقة الدماء خلال التسعينيات من القرن الماضي، أصبحت المؤسسة العسكرية غير مسيسة”.

وأوردت الصحيفة أنه حسب إطار في أجهزة المخابرات فإن “العلاقة بين بوتفليقة والجيش بنيت على مبدأ تبادل المصالح، وباعتباره رئيسا، تعين على بوتفليقة تبني خياراتهم من أجل الخروج من الحرب الأهلية وتوفير غطاء سياسي لاستراتيجيتهم القائمة على المصالحة الوطنية، مقابل أن يترك له الجيش المجال لكي يحكم بمفرده”.

وفي الختام، أفادت الصحيفة بأنه لطالما تكررت هذه النسخة من التاريخ، التي يتم بمقتضاها البحث داخل انهيار المؤسسات عن سبب لتدخل رئيس الأركان، وقال أحدهم في إشارة منه إلى الانشقاقات المفاجئة والعديدة في صفوف الأطراف الداعمة للرئاسة، “دعونا نتذكر أنه خلال الحرب الأهلية، بعد رحيل الشاذلي بن جديد، لم تنهر الساحة السياسية مثلما يحدث اليوم، لا شيء يسير بشكل طبيعي في الدولة، إذن هذا صحيح، ربما كان الكثيرون منا بانتظار تدخل الجيش سرا”.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023