شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

ياسر الزعاترة: هل يسير «الإخوان» على الماء ويطيرون في الهواء؟

هل يسير «الإخوان» على الماء ويطيرون في الهواء؟، عنوان أو سؤال يبدو غريبا للوهلة الأولى، مع أن غرائب هذه المرحلة البائسة لم تعد تحصى على كثير من الأصعدة.

إذا كلف مراقب غريب نفس عناء متابعة «العربية» وشريكاتها؛ بجانب أبواق «الثورة المضادة» في مواقع التواصل، فلا شك أن إجابته على السؤال ستكون (نعم).

نعم، لا شك أنهم يسيرون على الماء، ويطيرون في الهواء، وإلا فكيف يتأتى لهم أن يحرّكوا أعضاء في الكونجرس الأميركي، وبرلمانات دول أخرى كبيرة، ويتحكّموا بوسائل إعلام عالمية، ويمارسوا «الإرهاب» في طول العالم وعرضه، ويتحكّموا بالمناهج؟!!

لو تتبعت التهم التي تم إلصاقها بهم منذ انطلاقة الربيع العربي لأدركت أنهم لا يسيرون على الماء ويطيرون في الهواء وحسب، بل يملكون «طاقية الإخفاء» أيضا، بحيث يمكنهم التسلل إلى أي موقع والتحكم به.

دعك أيضا من حكاية عشرات المليارات التي يُشاع أنهم يتحكّمون بها، رغم أن كثيرا منهم مشرّدون يطاردون لقمة العيش، ورغم أن أموال عناصرهم الشخصية قد تمت مصادرتها في بلد «التأسيس»، وفي بلاد أخرى.

لهذه الظاهرة العبثية أوجه شتى يمكن الحديث عنها، وكلها تعكس حالة «الهستيريا» التي تتلبس من يطاردون «الإخوان»، لعل أولها ذلك التناقض السافر في الخطاب.

ففي حين يمكن متابعة خطاب سياسي وإعلامي يتحدث عن «الإخوان»، كأنهم كما ذكرنا في العنوان وما بعده، فإن الوجه الآخر للخطاب هو ذلك الذي يسخّفهم على نحو يجعلهم أناسا سطحيين وبائسين لا يدرون من أمر دينهم ولا دنياهم شيئا، ولا مصداقية لهم، ولا جماهيرية أيضا.

الوجه الآخر المهم الذي يمكن الحديث عنه في هذا السياق هو أن هذه الهستيريا التي تتلبس مطاردي الإخوان، لا صلة لها البتة بالأيديولوجيا، بل بمتلازمة الخوف من دعوات الإصلاح السياسي، والتعددية والمشاركة السياسية.

ولو حدث أن كان من يتصدرون المشهد منذ ربيع العرب من لون أيديولوجي آخر، لما كان مصيرهم مختلفا عن الإخوان، بدليل أن كثيرا ممن وقفوا ضد «الجماعة» في مصر، وشاركوا في الانقلاب، لم يكن مصيرهم مختلفا من حيث الملاحقة، باستثناء من صمت منهم بعد ذلك صمت القبور، بل إن دولا أخرى، لم تعد تحاسب على الكلام وحسب، بل على الصمت أيضا، وصار كل عالِم يتحدث في السياسة محسوبا على الإخوان، حتى لو كان ممن يكرهونهم، والأمثلة كثيرة.

ثمة وجه ثالث يمكن الحديث عنه في السياق يتعلق بحجم الدعاية التي يوفّرها مطاردو الإخوان للجماعة. ولك أن تتابع مواقع التواصل الاجتماعي حتى تعثر على جحافل من الناس لم يعرفوا الإخوان إلا من خلال الهجوم اليومي عليهم، وتراهم يعلنون التأييد لهم ردا على تلك الهجمة، ولسان حالهم يقول: إذا كان هؤلاء الذي يكرهون حرية شعوبنا تحررها، ويتواطؤون مع العدو الصهيوني، هم أعداء الإخوان، فهذا يعني أن الإخوان على حق، لا سيما أنهم لا يقتلون أحدا، بل يُقتلون ويُعتقلون بلا حساب، في عدد لا يحصى من الدول.

لك أن تتابع مواقع التواصل الاجتماعي حتى تعثر على جحافل من الناس لم يعرفوا الإخوان إلا من خلال الهجوم اليومي عليهم.

صحيح أن أخطاء «الإخوان» كثيرة، كما يراها عدد لا بأس به من الناس، بجانب ما كتبت عنه شخصيا فيما يتعلق بالبضاعة المزجاة في المضمار السياسي، ولكن لسان حال أولئك يقول أيضا إن «من طلب الحق فأخطأه، ليس كمن طلب الباطل فأدركه».

النتيجة التي يمكن الحديث عنها في هذا السياق هو أن الهجمة الراهنة لا توفر دعاية مجانية للإخوان وحسب، بل تؤكد أيضا أنهم سيظلون تيارا مهما لا يمكن لسياسات السحق أن تحذفه من الساحة السياسية، وذلك هو السبب الذي يدفع مطارديهم إلى استهداف التدين، بل الدين من حيث أتى؛ قناعة بأنه هو من يوفر الحاضنة الشعبية التي تسمح لهم بالحضور والتمدد، لكنهم لا يدركون أيضا أن هذا اللون من الاستهداف يعزز كراهية المطاردين (بكسر الراء) في الوعي الشعبي، لأنه يجعل حربهم ضد الإسلام، وليس ضد الإخوان وحسب؛ من دون أن يعني ذلك أن ينام “الإخوان”، وسائر الإسلاميين في العسل، إذ عليهم أن يفعلوا المستحيل للمحافظة على “منجز” الصحوة التي جاءت نتاج عقود من الجهد والجهاد، وجوهرها استعادة الأمة لحريتها وحضورها ودورها على كل صعيد.جاءت نتاج عقود من الجهد والجهاد، وجوهرها استعادة الأمة لحريتها وحضورها ودورها على كل صعيد.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023