شدد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الخميس، على رفضه لأن يجلس على طاولة مفاوضات تطرح عليها «صفقة القرن»، مشيرا أن «الدول العربية لم تف بالتزاماتها المالية» مع السلطة.
جاء ذلك في كلمة له خلال اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، المنعقد بمدينة رام الله والعاصمة اللبنانية بيروت بشكل متزامن، لمناقشة تحديات القضية.
وقال عباس: لن أجلس على طاولة فيها صفقة القرن، من يقبل بالضم خائن للوطن وبائع للقضية ولذلك نحن رفضناها.
وأضاف أن «القرار الوطني حق خالص لنا وحدنا (الفلسطينيين)، ولا نقبل أن يتحدث أحد باسمنا، ولم ولن نفوض أحدا بذلك».
وكشف عن ضغوط على السلطة، بعد رفضها «صفقة القرن»، وقال: «زادت الضغوط علينا وعلى الدول العربية منذ بداية هذا العام، حتى هذه الدول (العربية) لم تف بالتزاماتها المالية معنا».
وأشار إلى أن الضغوط الأمريكية على الدول العربية، كانت لمنعها من مساعدة فلسطين، وقال: «نحن لن نسقط مهما بلغ الضغط الأميركي».
وشدد رئيس السلطة الفلسطينية على رفض بلاده لأن تكون واشنطن وسيطا وحيدا في المفاوضات مع الاحتلال.
ولفت أن «الوساطات لا تتوقف للعودة إلى مسار المفاوضات»، وأكد أنهم شددوا لكل الوسطاء (لم يحددهم) على أنهم يريدون «الشرعية الدولية كاملة».
وتابع: «مستعدون لعقد مؤتمر دولي للسلام، تحت مظلة الأمم المتحدة، تنطلق بناء عليه مفاوضات جادة (مع الاحتلال) وفق مبادرة السلام العربية».
ومنذ بداية العام الجاري، يواجه الفلسطينيون تحديات متعددة، تمثلت في «صفقة القرن»، وهي خطة مجحفة للفلسطينيين أعلنتها واشنطن في يناير الماضي، ثم مخطط للاحتلال لضم نحو ثلث أراضي الضفة الغربية المحتلة، وبعده اتفاق الإمارات والاحتلال على تطبيع العلاقات بينهما.
على الصعيد الداخلي، تعهد رئيس السلطة الفلسطينية بـ«العمل لتحقيق الشراكة الوطنية»، ودعا إلى حوار وطني شامل.
كما طالب حركتي «فتح» و«حماس» بـ«الشروع في حوار للاتفاق على آليات لإنهاء الانقسام وفق مبدأ أننا شعب واحد والتوافق على قيادة واحدة».
وقال: «آن الأوان لتكون هناك قيادة لتقود المقاومة الشعبية السلمية (..) نحن باقون هنا، لن نغادر أرضنا ووطنا، لن نكرر مأساة 48 (نكبة عام 1948) حيث أخرجنا من وطننا».
واعتبر أن لقاء قادة الفصائل الفلسطينية «يأتي في مرحلة شديدة الخطورة تواجه فيها قضيتنا مؤامرات ومخاطر شتى من أبرزها ما يسمى بصفقة العصر ومخططات الضم الإسرائيلية التي منعناها حتى اللحظة بصمود شعبنا وثبات موقفنا».
وأكمل: «الاحتلال يستخدم مشاريع التطبيع المنحرفة كخنجر مسموم يطعن به ظهر شعبنا وأمتنا»، فيما وصف اتفاق التطبيع الإماراتي مع الاحتلال بأنه «آخر الخناجر المسمومة التي يريدون أو طعنونا بها».
وفي 13 أغسطس الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، توصل الإمارات والاحتلال إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بينهما.
وذكر عباس أن لقاء قادة الفصائل يأتي «للتحرك بموقف وطني سياسي موحد، يفتح الطريق لإنهاء الانقسام البغيض، وبناء الشراكة من خلال الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية حسب قوانينا المعروفة».
من ناحية أخرى، أعلن رئيس السلطة الفلسطينية عن توجه وفد وزاري إلى قطاع غزة غدا الجمعة، ومعه 20 شاحنة محملة بالأدوية والمعدات اللازمة لمكافحة وباء كورونا.
ومن جهته، دعا رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية، الخميس، إلى استعادة الوحدة الوطنية وبناء برنامج سياسي ينهي العلاقة مع اتفاقية «أوسلو»، الموقعة بين منظمة التحرير الفلسطينية والاحتلال.
وقال هنية: يجب إعادة ترتيب البيت الفلسطيني واستعادة الوحدة الوطنية وبناء برنامج سياسي ينهي العلاقة مع أوسلو.
وتم توقيع اتفاق أوسلو، بين الاحتلال ومنظمة التحرير في 13 سبتمبر 1993، وتمخضت عنه إقامة حكم ذاتي للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتنازل عن معظم فلسطين.
وأضاف هنية: نمر بمرحلة تحمل مخاطر غير مسبوقة وتهديدا استراتيجيا لقضيتنا الفلسطينية والمنطقة.
ولفت إلى أنه «يجب أن ننجح في إنهاء الانقسام وبناء الموقف الفلسطيني الموحد باعتباره الركن الأساسي في مواجهة المشاريع الموجهة ضد شعبنا».
وأكمل: «نريد الاتفاق على استراتيجية نضالية كفاحية».
وشدد هنية على تمسكه بـ«المقاومة بكل أشكالها الشعبية والسياسية والحقوقية والقانونية، وفي مقدمتها المقاومة العسكرية».
وقال: «لا نطرح بديلا عن منظمة التحرير الفلسطينية، لكن نريد ترتيبها وإصلاحها».
ودعا إلى بناء كتلة صلبة في المنطقة «تتصدى للدخول الإسرائيلي فيها».
كما طالب هنية، مؤتمر قادة الفصائل، بتشكيل ثلاث لجان لتطوير المقاومة وأدواتها الكفاحية، وتطوير منظمة التحرير وتفعيلها، ولبحث كيفية إنهاء الانقسام الفلسطيني.
على الصعيد ذاته، قال هنية: «يتحرك تهديد ثلاثي يحاول ضرب التاريخ وتغيير الجغرافيا، وهي صفقة القرن وخطة الضم والتطبيع مع الاحتلال من قبل بعض الدول العربية».
وحذر من أن «صفقة القرن تهدف لبناء تحالف إقليمي يسمح للكيان الصهيوني باختراق الإقليم والمنطقة العربية عبر التطبيع».
واعتبر أن الولايات المتحدة «تحاول إعادة ترتيب مصفوفة الأعداء والأصدقاء، حيث تصبح إسرائيل صديقة لدول المنطقة وجارة، وتصبح بعض دول المنطقة وفصائل المقاومة عدوة للمنطقة».
وشدد رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، على أن «عملية التطبيع هي استخفاف بشعب يقاتل منذ عشرات السنين».