شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الكاميرون.. كأس أمم أفريقيا في مواجهة التهديدات الإرهابية

تثير تهديدات جماعات انفصالية كاميرونية بتعطيل كأس الأمم الأفريقية، قلقا من إمكانية تكرار مأساة كابيندا، عندما قتل 3 أشخاص باستهداف متمردين لحافلة منتخب توغو، أثناء توجههم للمشاركة بكأس إفريقيا بأنجولا 2010.

فالكاميرون، التي تحتضين مباريات كأس أفريقيا للأمم ما بين 9 يناير/كانون الثاني الجاري، و6 فبراير/شباط المقبل، تواجه تهديدات أمنية في منطقتين رئيسيتين، الأولى غربي البلاد، والثانية في أقصى الشمال.

ففي غرب البلاد تنتشر جماعات انفصالية تنتمي للأقلية الناطقة بالإنجليزية مقابل الغالبية الناطقة بالفرنسية التي تقطن بالمناطق الجنوبية والشرقية وأقصى الشمال.

** انفصاليو “أمبازونيا”

وتعد المنطقة الغربية الأخطر مقارنة بمنطقة أقصى الشمال بالنظر إلى أنها تحتضن مباريات المجموعة السادسة التي تضم كلا من تونس وموريتانيا ومالي وغامبيا، وذلك بمدينة “ليمبي”.

وتضم هذه المنطقة المطلة على خليج غينيا، المفتوح على المحيط الأطلسي، عدة جماعات انفصالية، تطالب باستقلال “أمبازونيا”، وهو الإقليم الناطق بالإنجليزية.

وأخطر التهديدات جاءت من جماعة بـ”بريغاد أنتي ساردينار” (BAS)، التي هددت علنا باستهداف منتخبات تونس وموريتانيا ومالي وغامبيا، التي تلعب في مدينة ليمبي، ضمن إقليم ما تسميها “أمبازونيا” (نسبة لأحد أنهار الإقليم).

وبررت جماعة “باس” الانفصالية، في رسالتها التي نشترها قيادتها في الولايات المتحدة في ديسمبر/كانون الأول المنصرم”، تهديداتها، بسبب استمرار الأزمة السياسية والاجتماعية في الإقليم، والتي راح ضحيتها 15 ألف قتيل على الأقل.

بينما تقول مصادر مستقلة، بينها مركز فاروس، المختص في الدراسات الإفريقية، إن الحرب الأهلية بين الأنجلوفون والفرانكوفون في الكاميرون خلفت مقتل 3.5 آلاف شخص، وتشريد 700 ألف آخرين، بحسب الأمم المتحدة.

واندلعت الحرب الأهلية في الإقليم الناطق بالإنجليزية في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، ووصلت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول 2017، عندما أعلن الانفصاليون استقلال “أمبازونيا”، ثم تشكيلهم حكومة في المهجر، بعد تدخل الجيش الكاميروني للقضاء على الانفصاليين.

ومازال القتال متواصلا ولكن بأقل حدة، ففي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن الجيش الكاميروني مقتل 15 من جنوده في كمائن للانفصاليين، باستعمال “أسلحة أكثر تطورا”، ما اعتبرته وزارة الدفاع الكاميرونية “تحولا كبيرا” في القتال.

ولا تعتبر جماعة “بريغاد أنتي ساردينار” (BAS)، التي هددت باستهداف المنتخبات في ليمبي، من الجماعات الخطيرة، إذ أنها تضم النخبة الكاميرونية المهاجرة الناطقة بالإنجليزية، والتي تنشط أكثر في الولايات المتحدة وفرنسا، وغالبية أعضائها من النساء.

وبحسب موقع قناة “تي في 5” الفرنسي، فإن جماعة “باس” تشكلت في باريس، نهاية أكتوبر 2021، عقب أول مسيرة منددة بفوز الرئيس بول بيا، بولاية رئاسية جديدة (يحكم الكاميرون منذ 1982).

وتأسست جماعة “باس” من نشطاء في باريس، واختاروا الناشطة الكاميرونية “سالومين تشبتشيت يانكاب”، لتكون ناطقة باسمهم.

“وبريغاد أنتي سردينار”، تعني “اللواء المناهض لسندويتش السردين”، في إشارة لسندويتشات السردين المعلب، التي يوزعها الحزب الحاكم بانتظام على الناس خلال حملاته الانتخابية.

لذلك لا يمكن وصف هذه الجماعة “النخبوية” بالعنيفة، حتى وإن كانت تعبر عن مواقف تتبناها جماعات أمبازونية مسلحة.

تجلى ذلك من خلال الكمين الذي نصبه انفصاليون في المنطقة لشاحنة عسكرية أوقع العديد من الجرحى في صفوف الجنود الكاميرونيين، قبيل 24 ساعة من افتتاح بطولة كأس أفريقيا، بحسب موقع “أكتي كاميرون”.

غير أن الكمين وقع في بلدة “بافوت”، التي تبعد عن ليمبي، بعشرات الكيلومترات إلى الشمال.

ووقع انفجار الأربعاء الماضي، في مطعم وجبات موضّبة بليمبي، ذاتها، ما يجعل تهديدات الانفصاليين بتعطيل البطولة الإفريقية “جدية”.

وتأخذ السلطات الكاميرونية تهديدات الانفصاليين محمل الجد، وعززت تواجد قواتها الأمنية في المدن التي تحتضن البطولة الأفريقية، بحسب تقارير صحفية.

وتستهدف جماعات انفصالية مسلحة، بينها “غراند زيرو”، دوريات للجيش بالقرى والبلدات الصغيرة في الإقليم، وكذلك مدنيين تتهمهم بالتعاون مع حكومة الرئيس بول بيا.

ومنذ 2017، نقلت وسائل إعلام محلية ودولية، أخبارا عن هجمات وتفجيرات واختطافات في ليمبي ومحيطها.

** “داعش” بوكو حرام في الشمال

تخترق خريطة الكاميرون، الحدود بين نيجيريا وتشاد بشكل طولي، يضيق كلما اقتربنا من بحيرة تشاد في الشمال، وفي هذا المثلث الذي يشبه رأس الحربة، تمكنت جماعة بوكو حرام من التوغل في أجزاء واسعة من هذه المنطقة.

فعبر بحيرة تشاد والحدود مع نيجيريا اخترقت جماعة بوكو حرام الكاميرون، وتسببت أعمال العنف التي شنتها ضد سكان بلدات وقرى أقصى شمال البلاد في مقتل أكثر من 27 ألف كاميروني وتشريد نحو مليوني آخرين في الفترة ما بين 2009 و2019.

وتستضيف مدينة غاروا، في شمال الكاميرون، المجموعة الرابعة في بطولة كأس إفريقيا، التي تضم كلا من مصر والسودان ونيجيريا وغينيا بيساو، لكنها مع ذلك تبقى بعيدة جدا عن نطاق نشاط تنظيمي بوكو حرام وداعش غرب إفريقيا، بنحو 300 كلم.

إذ نجح الجيش الكاميروني، بالتحالف مع جيوش المنطقة (نيجيريا وتشاد والنيجر وبنين) في تطهير أجزاء واسعة من أقصى شمال البلاد، من عناصر بوكو حرام، خلال السنوات الستة الأخيرة، وإن لم تتمكن هذه الجيوش من القضاء على التنظيم بالكامل، حيث مازال يشن هجمات من حين للآخر على شمالي البلاد قرب الحدود مع نيجيريا.

أما التهديد الأكبر في أقصى الشمال، فأصبح يتمثل في تنظيم داعش غرب أفريقيا الإرهابي، الذي فرض سطوته على معظم أجزاء بحيرة تشاد، وكذلك في غابة سامبيسا في نيجيريا، معقل بوكو حرام السابق، والتي لها امتداد صغير داخل الأراضي الكاميرونية، ومنه يتوغل عناصر داعش إلى القرى الحدودية.

وتكمن الخطورة في إمكانية لجوء داعش أو بوكو حرام لهجمات انتحارية استعراضية، بهدف إحداث أكبر صدى إعلامي، خاصة أن بُعد المسافة لا يشكل عائقا كبيرا أمام مثل هذه العمليات التي اشتهرت بها التنظيمات الإرهابية في أكثر من بلد.

ورغم بعد غاروا، نسبيا، عن المناطق الساخنة أقصى الشمال، واحتضانها قاعدة جوية أميركية، ساهمت في دعم العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية، إلا أن ذلك لم يمنع السلطات البريطانية من تحذير من السفر لمدينتي غاروا وليمبي، خلال فترة البطولة، ما يؤكد أن التهديد قائم.

وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، أن 80 انفجارا وقع في منطقتي ليمبي وغاروا في 2021.

فتأمين المنتخبات المشاركة في بطولة كأس أفريقيا، من أي هجوم إرهابي، يمثل أكبر تحدي للهيئات المنظمة في الكاميرون، التي واجهت عدة صعوبات وانتقادات منذ فوزها بشرف تنظيم هذه المنافسة القارية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023