تساءلت الكاتبة روث مايكلصن، في تقرير نشرته صحيفة “إندبندنت أون صنداي”، عن أهمية فتح الفرع الجديد لقناة السويس، وقالت: “هل مصر فعلًا تحتاج لمشروع كهذا؟ مشيرة إلى أن القناة ظلت مصدر فخر للمصريين، بعيدًا عن جدواها الاقتصادية.
وقالت: المشروع الجديد قام بإزالة مئات الملايين من الأمتار المكعبة من التراب؛ لفتح معبر ثانٍ طوله 35 كيلو مترًا، ما يفتح خطًا موازيًا لقناة السويس الأصلية تعبر منه السفن التجارية، وترى الحكومة المصرية أن القناة الجديدة ستزيد من حركة النقل عبر القناة، التي تربط البحر الأحمر بالبحر الأبيض المتوسط، وهي جزء من عدة مشاريع طموحة تهدف إلى إعادة إنعاش الاقتصاد المصري.
وتضيف، الحكومة المصرية أجبرت في النهاية على السماح لمجموعة من الشركات الأجنبية من هولندا والكويت ولوكسمبرج، حتى تسهم في الانتهاء من التجريف حسب الموعد، واستثارت الحكومة المشاعر القومية، ومولت الحفر من المال العام بقيمة سبعة مليارات دولار؛ حيث تم بيع قسائم الاستثمار في ثمانية أيام، وقيل للسكان إنهم سيحصلون على أموالهم التي استثمروها من خلال أقساط تدفع على مدار أربعة أعوام.
وتلفت “مايكلصن” إلى أن قناة السويس تظل مصدرًا للفخر القومي، بعيدًا عن منافعها الاقتصادية؛ حيث تم افتتاحها في عهد الخديوي إسماعيل عام 1869 في احتفال باذخ، كان يشمل أداء عرض سيمفوني كتبه لهذه المناسبة الموسيقار الإيطالي فيردي “عايدة”.
وينوه التقرير إلى أن تأميم القناة الذي أعلنه جمال عبدالناصر عام 1956؛ حيث حوّل إدارة القناة من إدارة بريطانية إلى مصرية، هو ما أدى لاحقًا إلى عدوان ثلاثي على مصر شنته بريطانيا وفرنسا وإسرائيل، في محاولة للإطاحة به، وخرج عبدالناصر من العدوان منتصرًا (نتيجة للموقف الأميركي)، ومنذ ذلك الوقت نُظر إلى القناة على أنها رمز للوطنية المصرية.
وتنقل الصحيفة عن تيموتي إل كالداس من معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط، قوله: “تعد القناة رمزًا لأهمية مصر الإستراتيجية، التي بنى البلد أهميته عليها، والقناة بالنسبة للكثيرين هي السبب الذي يجعل الكثير من الدول تهتم بالبلد، وهي مصدر نفوذ”. ويضيف “في الكثير من الملامح يحاول السيسي تقليد عبدالناصر في جاذبيته؛ كونه قائدًا قويًا يستطيع تقديم المشاريع الكبيرة للبلد”.
وتعلق الكاتبة بأن هذه الملامح ظهرت في كل مكان أثناء الرحلة، مثل يافطة مكتوب عليها “مرحبًا في مصر”، وإلى جانبها صورة لحمامة تنطلق من يدين، وإلى جانبها جنود مصريون في معركة؛ حيث يمس طرف بندقية أحدهم جناح الحمامة وكأنه يباركها.
ويوضح التقرير، الذي ترجمته “عربي 21“، أنه بالنسبة للمنفعة الاقتصادية للمشروع، فإن الحكومة تقول في تصويرها وتسويقها له إنه سيزيد من حركة الملاحة، وسيسمح بعبور 97 سفينة في اليوم، بدلًا من العدد الحالي وهو 47 سفينة، ما يعني زيادة في عائدات القناة من خمسة مليارات دولار في العام، إلى 12 مليار دولار بحلول عام 2023.
وتستدرك الصحيفة، بأن تصوير الحكومة على ما يبدو طموح أكثر من اللازم وأكثر من المتوقع، مشيرة إلى أن حركة التجارة في القناة تعتمد بشكل كبير على تصدير النفط والغاز المسال؛ حيث تتراجع نسب تصديرهما على المستوى العالمي.
وتبين “مايكلص” أن المسؤولين المصريين قد التزموا بالصمت حول التوقعات الاقتصادية بعد الرحلة التي نظمها مدير هيئة القناة أمير البحر مميش؛ حيث قال إن “اقتصاديين معروفين عالميًا” هم المسؤولون عن هذه الأرقام.
ويورد التقرير أن السكرتير العام لغرفة التجارة العالمية للسفن بيتر هينشتكليف، كان موجودًا في المؤتمر الصحفي، وأكد أن حركة النقل عبر القناة مرتبطة بالتجارة العالمية، ولكنه قال: “لا يمكنك التحدث عن عموميات”، وعندما سألته الصحيفة عن الفرق بين الأرقام المتوقعة والأرقام الحكومية، قال: “سنرى نموًا بنسبة 3% في التجارة العالمية، وسترى قناة السويس نموًا بناءً على ذلك”.
وتنقل الصحيفة عن المحلل في مركز “ميدل إيست إنتليجنس بيزنس” (ميد) حسام أبو جبل، قوله: إن الأرقام التي تتحدث عنها الحكومة هي توقعات طموحة حول قدرات القناة المحتملة، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع حدوث زيادة نسبية في التجارة، ويضيف “فهذه القناة الجديدة صممت لاستيعاب أعداد مضاعفة من السفن، ولكن التوقعات العالمية لا تتوقع تضاعفًا في السفن العابرة من خلالها، والحقيقة أن مستوى التجارة العالمية لم يصل إلى مستوى هذه القدرات، خاصة أن اعتمادها على السوق الأوروبية، التي تراجعت منذ عام 2008”.
وتفيد الكاتبة أن هناك مشكلات وقلقًا أمنيًا حول القناة، فقد حاول مقاتلو تنظيم الدولة السيطرة على بلدة في شمال محافظة سيناء، وزعموا أنهم حاولوا استهداف فرقاطة مصرية في البحر المتوسط، ولكن المسؤولين المصريين سخروا من المزاعم التي تتحدث عن مخاطر أمنية على التجارة عبر القناة.
ويكشف التقرير عن أن التحضيرات لافتتاح الفرع الثاني من القناة قائمة على قدم وساق، وسيكون الافتتاح على مستوى كبير، وسيحضره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي فرانسوا هولاند، لافتًا إلى أن بوتين هو حليف السيسي، أما هولاند فقد باعه ثلاث مقاتلات “رافال”، التي ستحلق فوق رؤوس الحاضرين أثناء الاحتفال.
وتختم “إندبندنت أون صاندي” تقريرها بالقول: إنه “عندما ينفض الحفل، فعلى الحكومة أن تواجه الناس، وتثبت لهم أنها ستعطيهم مقابل استثماراتهم”.
المصدر: عربي 21