كان الملف الاقتصادي أحد أبرز الملفات التي لعب عليها النظام الحالي للإطاحة بالدكتور محمد مرسي؛ حيث روج الإعلام المصري خلال هذه الفترة للانهيار الاقتصادي، الذي حل بالبلاد.
ورغم ما شهدته فترة حكم الدكتور مرسي من حروب على كل الأصعدة الداخلية والخارجية، فإن البلاد شهدت نموًا اقتصاديًا أعلي بكثير مما تشهده الآن، سواء من حيث تدفق الاستثمارات وارتفاع إيرادات قطاع السياحة، والسيطرة على سعر الدولار، بالإضافة إلى ارتفاع الاحتياطي من النقد الأجنبي.
صافي الاحتياطيات الدولية
وفقًا للتقرير الربع سنوي الذي تصدره الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، فقد بلغ صافي حجم الاحتياطيات الدولية في بداية شهر يوليو 2012 مبلغ 14.4 مليار دولار، ووصل بعد عام من حكم الدكتور مرسي إلى 18.9 مليار دولار في بداية شهر يوليو 2013، وانخفض إلى 16.7 مليار دولار في نهاية العام الأول من حكم الانقلاب العسكري، واستمر الانخفاض ليصل حجم الاحتياطيات الدولية إلى 15.88 مليار دولار مع نهاية شهر نوفمبر العام الماضي، يأتي ذلك على الرغم من ورود موارد استثنائية مساندة من دول الخليج في صورة منح وودائع ومواد بترولية بلغت 16.7 مليار دولار حسب تقديرات البنك المركزي.
وتدفقت بعد ذلك الودائع الخليجية خلال المؤتمر الاقتصادي لإنقاذ الاحتياطي النقدي المصري الذي أصبح يعتمد على الودائع الخليجية، وارتفع الاحتياطي ليتخطى 18 مليار دولار مرة أخرى، إلا أنه انخفض سريعًا الأن ليصل إلى أقل من 16 مليار دولار، وسط ارتفاع كبير في سعر الدولار في السوق السوداء ونقص للعملات الأجنبية.
وكان لهذا الانخفاض أثره الكبير على ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري؛ حيث بلغ متوسط سعري الشراء والبيع المعلن من البنك المركزي للدولار الأميركي خلال الفترة من يوليو إلى ديسمبر 2012/2013 مبلغ 6.10 جنيهات، وارتفع إلى مبلغ 6.92 جنيهات خلال نفس الفترة من عام 2013/2014، ووصل إلى 7.19 جنيهات ثم 7.80، ليصل سعر صرف الدولار في السوق السوداء حاليًا إلى 8.20 جنيهات.
وقد نتج عن هذا الارتفاع في سعر صرف الدولار أمام الجنيه العديد من الأزمات، دون وجود بوادر لأي حلول في الأفق لدى الحكومة للخروج منها، فقد ارتفعت أسعار جميع السلع وخصوصًا السلع الغذائية، واختفت كذلك سلع مهمة كبعض أنواع الأدوية.
الدين العام
ارتفاع الدين العام خلال حكم عبدالفتاح السيسي بنسبة كبيرة جدًا يهدد الاقتصاد المصري، في ظل اعتماد الاقتصاد المصري منذ 30 يونيو على الودائع الخليجية، والاقتراض من الخارج.
وأكد عدد من الاقتصاديين أن الدين العام وصل إلى مرحلة الخطر بعد تجاوزه نسبة 95.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وتخطى المعدلات الآمنة لسلامة الهيكل المالي والمقدّرة بنحو 60% فقط.
وقال الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي الدولي: إن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي تتجاوز نسبة 100% (بعد إغفال الدين الخارجي وخدمة الدين عند احتساب الدين العام، مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي).
وأعلن البنك المركزي المصري ارتفاع رصيد الدين الخارجي لمصر إلى 48.1 مليار دولار بنهاية العام المالي (2014 – 2015) ليصل إلى أعلى مستوى في نحو 24 سنة منذ أن أسقطت دول نادي باريس نصف مديونية مصر الخارجية والتي تجاوزت 50 مليار دولار في مايو من عام 1991 بعد حرب الخليج الثانية.
وأظهرت بيانات التقرير الشهري للبنك المركزي الصادر الإثنين الماضي -نشره على موقعه الإلكتروني- أن رصيد الدين الخارجي ارتفع خلال الربع الأخير من عام (2014 – 2015) بنحو 8.2 مليارات دولار؛ حيث بلغ رصيد الدين الخارجي بنهاية مارس 2015 نحو 39.9 مليار دولار، وهو أدنى مستوى بلغه في عامين.
وأوضح البنك أن رصيد الدين الخارجي ارتفع عام (2014 – 2015) بنحو ملياري دولار؛ حيث كان في نهاية يونيو 2014 نحو 46.1 مليار دولار.
وأرجع التقرير الارتفاع إلى زيادة صافي المستخدم من القروض والتسهيلات ليتراجع رصيد الدين بما يعادل 4.5 مليارات دولار، ولكن تراجع أسعار صرف معظم العملات المقترض بها أمام الدولار الأميركي أدى إلى انخفض الدين بقيمة 2.5 مليار دولار.
وكانت الإمارات والسعودية والكويت قامت بإيداع نحو 6 مليارات دولار في البنك المركزي المصري خلال الربع الرابع من عام (2014 – 2015)، كما قامت مصر بطرح سندات دولارية خلال نفس الربع في الأسواق العالمية بقيمة 1.5 مليار دولار.
وبلغت أعباء خدمة الدين الخارجي (متوسطة وطويلة الأجل) – والتي تشمل الفوائد المدفوعة والأقساط المسددة 5.6 مليارات دولار في نهاية السنة المالية (2014 – 2015) حيث بلغت الأقساط المسددة نحو 4.9 مليارات دولار، والفوائد المدفوعة نحو 0.7 مليار دولار.
ونوه التقرير بانخفاض نسبة رصيد الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي لتبلغ 15% بنهاية يونيو الماضي مقابل 16.4% بنهاية السنة المالية السابقة 2013-2014.
وذكر المركزي أن إجمالي رصيد الدين العام المحلي بلغ نحو 2.016 تريليون جنيه بنهاية مارس الماضي منها 88.3% مستحقة على الحكومة و0.3% على الهيئات الاقتصادية العامة و11.4% على بنك الاستثمار القومي.
التضخم:
سجل معدل التضخم الشهري بنهاية سبتمبر الماضي أكبر ارتفاع منذ يوليو 2014، بنسبة 2.8% عن شهر اغسطس الماضي.
وأرجع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ارتفاع التضخم الشهري إلى زيادة اسعار بعض السلع من الخضراوات واللحوم والملابس المدرسية والألبان والجبن.
وأضاف المركزي للإحصاء في بيان له، أن الرقم القياسي لشهر سبتمبر الماضي ادي إلى ارتفاع معدل التغير السنوي علي اساس شهري ليصل إلي 9.4% مقارنة بنفس الشهر العام الماضي.
وكان قد سجل معدل التضخم الشهري أغسطس الماضي زيادة قدرها 0.6% .
يعرف التضخم بأنه نسبة التغير في أسعار المستهلكين، أو هو انخفاض في قيمة العملة، ومن أسبابه في مصر ارتفاع قيمة العجز التجاري بنسبة 9.8% لتبلغ نحو 33.7 مليار دولار عام 2013/2014 مقابل 30.7 مليار دولار عام 2012/2013 ، حيث بلغت قيمة واردات مصر 59.8 مليار دولار، وبلغت قيمة الصادرات 26.1 مليار دولار بنهاية العام المالي 2013/2014، مقابل 57.7 مليار دولار للواردات، 27 مليار دولار للصادرات عام 2012/2013.
ومن أسباب التضخم أيضًا زيادة المعروض من النقود وقد قام البنك المركزي بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي بطباعة نقود بدون رصيد بلغت 35 مليار جنيه خلال 14 شهرا، وقد أدت هذه الأسباب إضافة إلى البدء في رفع الدعم عن المنتجات البترولية والكهرباء إلى وصول معدل التضخم لحضر الجمهورية خلال الفترة من مايو-يوليو عام 2013/2014 إلى نحو 10.3%، مقابل نحو 6.7% في نفس الفترة من عام 2012/2013، وكانت النسبة الأكبر من الارتفاع في أسعار السلع الغذائية مما زاد من معاناة المواطنين وأدخل شرائح جديدة من المصريين إلى دائرة الفقر.
الاستثمارات:
قال يحيى حامد وزير الاستثمار السابق إن صافي الاستثمارات زادت 100% في خلال 6 شهور من حكم الرئيس محمد مرسي، مضيفًا إلى أن متوسط عدد الشركات المؤسسة زاد 25% بحجم 850 شركة شهريًا منذ تولي الرئيس منصبه، وزيادة سوق تداول المال بنسبة 60%، وارتفاع معدلات التصدير بنسبة 9%.
وفي المقابل استعرض حامد حجم الكوارث الإقتصادية التي تتعرض لها مصر منذ الإطاحة بمرسي مؤكدًا أنه تم غلق 430 مصنعًا، وزيادة عدد المصانع المتعثرة يوميًا لتصل في هذا الشهر لـ1500 مصنع.
وأكد الخبير الاقتصادي ممدوح الولي في تصريح خاص لـ”رصد” أن حجم تدفق الاستثمارات قد انهار في عصر عبدالفتاح السيسي مقارنة بفترة الرئيس محمد مرسي.
وقال إن الاستثمارات التى دخلت مصر فى سنة حكم مرسي أكثر بكثير من الاستثمارات التي دخلت منذ الانقلاب وحتى الآن.
وأضاف الولي: الهند ضخت استثمارات لمصر في عهد الرئيس محمد مرسي بـ68 مليون دولار، وبعد الانقلاب وحتي الآن أدخلت أقل من 28 مليون دولار، وإيطاليا أدخلت في عهد مرسي استثمارات بأكثر من 75 مليون دولار، وفي عهد السيسي ومنصور أقل من 54 مليون دولار.
وكشف الولي أن هناك الكثير من البلاد سحبت استثمارتها بعد الانقلاب مثل بولندا وسنغافورة والسويد وكرواتيا والنمسا وإيرلندا وقطر وتركيا.
السياحة:
أدى الانقلاب العسكري واستمرار عدم الاستقرار السياسي والانفلات الأمني وأحداث التفجيرات التي تشهدها بعض الأماكن السياحية، وقتل السياح المكسيكيين إلى تراجع أداء النشاط السياحي منذ الانقلاب مقارنة بعام مرسي، حتى وصل إلى درجة الانهيار التام، بحسب وصف وزير السياحة هشام زعزوع.
وتراجع عدد السائحين من 12.21 مليون سائح عام 2012/2013 إلى 7.97 ملايين سائح عام 2013/2014 بنسبة انخفاض بلغت نحو 35%، كما واصلت السياحة التراجع خلال النصف الأول من العام الحالي 2015 لتصل إلي 4.8 ملايين سائح.
وتراجعت الإيرادات السياحية من 9.8 مليارات دولار عام 2012/2013 إلى نحو 5.1 مليارات دولار عام 2013/2014 بنسبة انخفاض بلغت 48%.
كان لهذا الانخفاض آثاره السلبية على الناتج المحلي؛ حيث انخفض النصيب النسبي لقطاع السياحة من إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، كما انخفضت الإيرادات العامة للدولة، وكذلك الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي.