توقع عدد من الخبراء الاقتصاديين -في تصريحات لـ”رصد”- ارتفاع سعر الدولار بنهاية 2016 ليصل إلى سعر 10 جنيهات، مؤكدين أن الأسعار الحقيقة للسوق تفوق السعر المعلن في البنك المركزي بأكثر من جنيه.
وتحدى الانخفاض المتوالي لسعر الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي، خلال عام 2015، تدخلات البنك المركزي عبر آليات السوق، لضبط سعر صرف العملات الأجنبية، دون تحديد مباشر، وعمد البنك المركزي في ذلك، إلى ضخ العملات أو شرائها من السوق، بُغية رفع أو خفض أسعار النقد الأجنبي، لكنها لم تفلح.
وقال أحمد آدم، الخبير المصرفي، إن أسعار الدولار ترتبط بالوارادت والصادرات، فكلما زادت الصادرات قل توافر الدولار والعكس صحيح، لافتًا إلى أن محاولات الحكومة لضخ ملايين الدولارت لن تستطيع أن توازن العملية التجارية، ولذلك فإن سعر الدولار سيظل في زيادة حتى تصل إلى 10 جنيهات بنهاية العام الجاري.
وأكد “آدم” -في تصريح لـ”رصد”- أن هناك العديد من كبار المستوردين يفتعلون أزمة الدولار بسبب تخوفهم الشديد من استنزاف ما لديهم من عملة صعبة.
وأشار “آدم” إلى أن هناك فجوة كبيرة بين الأسعار المعلنة من البنك المركزي الخاصة بتسعير الدولار، وبين التعامل السوقي سواءً في البنوك أو شركات الصرافة، ومن بينها البنوك الحكومية التي تخضع لرقابة وإدارة البنك المركزي نفسه، ما يعني أن الدولة تناقض نفسها.
ويقول الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي، إن من بين أهم المحددات لسعر الجنيه المصري مُقابل الدولار، هي نسبة تخلّي العاملين في الخارج عن دولاراتهم للقطاع المصرفي.
وأشار “الفقي” -في تصريح لـ”رصد”- إلى أنه خلال الفترة ما بين 2003 إلى 2010، بلغت النسبة الإجمالية لتخلي العاملين في الخارج عن دولاراتهم للقطاع المصرفي نحو 75%، ما انعكس على سعر الدولار الذي ظلت قيمته ثابتة عند 6.20 جنيه لمدة 7 سنوات، سواءً في السوق الرسمية، أو السوق الموازية (مكاتب الصرافات).
وأضاف “إلا أن نسبة التحويلات هذه لم تستمر، ما أدى بالضرورة إلى حدوث قفزات كُبرى في قيمة الدولار، بخاصة الفترة الأخيرة، بعد أن وصلت تحويلات العاملين في الخارج لنسبة ضئيلة لا تتجاوز 5%”.
وكانت مذكرة بحثية صادرة عن بنك فاروس للاستثمار، خلال شهر ديسمبر 2015، كشفت أن غالبية الشركات الكبرى العاملة في مصر، حددت سعر الدولار في ميزانيتها للعام الجديد (2016)، بما يتراوح ما بين 9 و9.5 جنيه مصري.
وأوضحت المذكرة أن بعض الشركات، زادت بالفعل من أسعار منتجاتها وخدماتها للعام المقبل، بناءً على توقعاتها هذه لسعر الدولار، ما يُنذر بـ”صدمة تضخمية” مع بداية 2016، وفقًا لمذكرة فاروس.
وأكد ممدوح الولي، نقيب الصحفيين الأسبق والخبير الاقتصادي، أن تراجع المصادر الأساسية المسؤولة عن توفير الودائع الدولارية بشكل مُستمر، مع ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملات الأجنبية الأخرى، بالإضافة إلى حرص الشركات على استمراريتها في الأسواق العالمية والتنافسية، فضلًا عن تطبيق سياسات الصندوق والبنك الدوليين، كل هذه مثّلت محددات بالنسبة للشركات عند تحديدها هذه القيمة للدولار مقابل الجنيه.
وقال “الولي” -في تصريح لـ”رصد”- إن البنك المركزي، سيكون مُضطرًا لرفع قيمة الدولار مقابل الجنيه، بُغية تشجيع كل من التصدير والسياحة، في مُقابل تقليص حجم الاستيراد، مُستشهدًا في ذلك بتخفيض البنك المركزي سعر الجنيه، قُبيل مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي، بدافع تشجيع الاستثمارات الأجنبية، ولإدارة سعر الصرف وفقًا للظروف الدولية الراهنة، ومن ثم فإن وصول سعر الدولار لـ10 جنيهات ليس بعيدًا حدوثه هذا العام.
وتراجعت حصيلة صادرات البترول، رغم زيادة الكميات المصدرة من خامه، والتي تمثل 71.3% من حصيلة الصادرات البترولية الإجمالية، و24.2% من إجمالي حصيلة الصادرات السلعية. كما أن بيانات هيئة قناة السويس المصرية، المنشورة على موقع الهيئة، أظهرت أن إيرادات البلاد من القناة تراجعت إلى 408.4 مليون دولار في نوفمبر، بعد أن كانت 449.2 مليون دولار في أكتوبر 2015، لتسجل بذلك أدنى مستوياتها منذ فبراير الماضي، حين بلغت 382 مليون دولار، وهو ما يُفقد البلاد نحو 40.8 مليون دولار.
ويُشار إلى أن هذا التراجع في إيرادات القناة، جاء على خلفية تراجع عدد السفن المارة إلى 1401 سفينة في نوفمبر، بعد أن كان عددها 1500 سفينة في أكتوبر من العام نفسه (2015).
وبحسب تقديرات البنك الدولي، فإن مصر تنفق 24% من إجمالي الناتج المحلي على السلع والخدمات المستوردة، وبهذا فإن جزءًا كبيرًا من السلع الاستهلاكية الموجودة داخل مصر، مستوردة، وبهذا سيؤدي انخفاض سعر الجنيه، إلى زيادة تكلفة الواردات بصورة كبيرة.
وتعد السوق السوداء أحد الفاعلين في تحديد سعر الدولار. وقد انتعشت تعاملاتها مُؤخرًا على خلفية ندرة “العملة الصعبة”.
كما تُعد السوق السوداء الكيان الموازي للبنك المركزي والبنوك الخاضعة له، في استبدال العملات بأسعار مُرتفعة.
وفي الفترة الأخيرة، أظهرت سياسات البنك المركزي رغبةً قوية في تحجيم السوق السوداء، وتكبيد المتعاملين فيها خسائر كبيرة.
ولكن هذه السياسات لم تنجح على ما يبدو في القضاء على السوق السوداء، خاصة أن تحقيق هدف هكذا، يستلزم توافر احتياطي نقدي أجنبي كبير، وهو ما تفتقر إليه الدولة.