تضاربت الأقوال حول أعداد المصريين المقتولين في ليبيا بين 16 و30 مواطنًا مصريًا قتلوا يوم الأربعاء على أيدي عصابات تهريب البشر في بني وليد غربي البلاد، فيما اكتفت وزارة الخارجية بإعلانها متابعة الأمر مع السلطات المعنية في ليبيا.

روايات متضاربة

وما زالت الروايات متضاربة حول أسباب وتفاصيل الحادث؛ حيث أشارت مصادر في تصريحات صحفية، إلى أن الحادث وقع بسبب مشاجرة بين أحد المواطنين المصريين -الذين دخلوا ليبيا بطريقة غير شرعية بغرض البحث عن فرصة عمل- وبين سائق سيارة أجرة يعمل مع عصابات الهجرة غير الشرعية، أسفرت عن مقتل السائق الليبي على يد المواطن المصري، وبعدها قتل المصريون سائقين آخرين، واستولوا على سيارات المهربين.

وأكد أن عناصر تابعة لعصابات الهجرة غير الشرعية قاموا بملاحقة المواطنين المصريين، وأطلقوا عليهم النار، ما أدى إلى مقتل 30 مصريا في طريق النهر جنوب “بني وليد”، موضحا أن جثث المواطنين المصريين تم نقلها إلى مستشفى بني وليد العام.

وأوضح أن عصابات التهريب تستغل حالة الفوضى الأمنية التي تعاني منها ليبيا، وتقوم بنقل المهاجرين المصريين والأفارقة إلى المدن الليبية أو إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، مشيرا إلى أن هذه العصابات تعمل بتنسيق كامل مع تنظيم الدولة الإسلامية الذي يسيطر على مدينة سرت، كما يتواجد بشكل جزئي في مدينتي صبراتة وطرابلس.

اتصالات لاستعادة الجثامين

وقال المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية إن المعلومات المتوفرة لديهم عن حادث مقتل مصريين بليبيا حتى الآن، من واقع اتصالات الوزارة مع السلطات المحلية في ليبيا والمجلس الرئاسي في طرابلس، تشير إلى أن الضحايا من 12 إلى 16 على الأكثر، موضحًا أنهم متورطين في أعمال تسلل وهجرة غير شرعية، كما أنهم دخلوا في اشتباكات مع مهربين، ما أدى إلى تعرضهم للقتل.

وحول تصريحات السفير محمد صالح، القائم بأعمال السفير الليبي بالقاهرة، عن أن أعداد الضحايا وصلت إلى 30 مصريًا؛ أضاف “أبو زيد”، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية رانيا بدوي ببرنامج “القاهرة اليوم”، عبر قناة “اليوم”، “أنا أتحدث من منطلق المعلومات المتوفردة لدينا من اتصالاتنا، السفارة المصرية في ليبيا متواجدة في القاهرة لكن لديها اتصالات بشيوخ وعواقل القبائل”.

وقال “أبو زيد” إن السفارة المصرية في ليبيا، والتي تمارس عملها من القاهرة نتيجة الأوضاع الأمنية المتردية هناك، تجري اتصالات مكثفة مع السلطات المحلية وزعماء العشائر في منطقة بني وليد التي تبعد عن العاصمة طرابلس نحو 180 كيلو مترا، ومع المجلس الرئاسي في طرابلس لكشف تفاصيل الحادث.

وأكد محمد صالح، القائم بأعمال السفارة الليبية في القاهرة، أن عدد القتلى المصريين في ليبيا وصل إلى 30 شخصا، وليس 16 كما أوردت بعض وسائل الإعلام.

وأوضح “صالح”، في مداخلة هاتفية مع قناة “الحياة”، أن المصريين قتلوا على أيدي مجموعة مسلحة تعمل في تهريب البشر بعد الاختلاف على قيمة الأجرة المتفق عليها لنقلهم إلى إحدى المدن الليبية، داعيا المجتمع الدولي ومجلس الأمن إلى رفع حظر تصدير السلاح للجيش الليبي؛ حتى يتمكن من استعادة الأمن في البلاد.

ظروف قاسية

ويعاني المصريون المقيمون في ليبيا من ظروف إنسانية قاسية، ويواجهون مخاطر كبيرة أثناء تنقلهم داخل المدن الليبية، حيث لقي 21 مصريا مسيحيا مصرعهم ذبحا على أيدي عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا في فبراير من عام 2015، وبعدها بساعات نفذت الطائرات الحربية المصرية ضربات جوية على معاقل التنظيم في مدينة سرت.

كما تعرض 20 مصريا للاختطاف على أيدي مسلحين ليبيين في ديسمبر الماضي، قبل أن يطلق سراحهم لاحقا ويستقبلهم عبدالفتاح السيسي لدى وصولهم إلى مطار ألماظة العسكري بالقاهرة.

إعلام السيسي يهاجم الربيع العربي ويحمل الحكومة المسؤولية

وسلط العديد من وسائل الإعلام المصرية الضوء على الحادث؛ حيث هاجم البعض الربيع العربي، في حين حمل آخرون الحكومة المسؤلية عن سفر المصريين للخارج.

الموت غرقا أفضل من العيش في مصر

وأبدى الإعلامي معتز عبدالفتاح، استياءه من حادثة مقتل المصريين في ليبيا أثناء هجرتهم إلى ليبيا بطريقة غير شرعية، مشيرًا إلى أن هناك فئة من الشباب ترى أن تموت غرقًا في البحر، أفضل من العيش في مصر، معتبرًا أننا كلنا مسئولون عما تعرض له هؤلاء الشباب.

وأضاف “عبدالفتاح”، خلال برنامج “90 دقيقة” المذاع عبر فضائية “المحور”، اليوم الأربعاء، “في ناس في مصر عاملة نفسها من سنغافورة، بتخلف حتى لو ظروفها تعبانة، حتى أبسط قواعد الأخلاق مش بيعملوها، رغم ظروف بلدنا الصعبة”.

الربيع العربي

وأدان مصطفى بكري، عضو مجلس النواب، مقتل عدد من المصريين على أيدي عصابات التهريب في مدينة بني وليد الليبية.

وقال بكري، عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “تويتر”، مساء أمس: “ارتفاع عدد الشهداء المصريين في ليبيا وفقا لتصريح القائم بالأعمال الليبي في مصر، هل رأيتم ربيعكم العبري، هل أعجبتكم الفوضى يا دعاة الفوضى”.

وأضاف “نحن ندفع الفاتورة من دماء أبنائنا، كما يدفع أشقاؤنا العراقيون والليبيون والسوريون واليمينيون الثمن، هل يعرف الخونة والمتآمرون أنه لولا جيش مصر العظيم لانهارت الدولة ومؤسساتها على يد هؤلاء الذين أشاعوا الفوضى في مصر واسقطوا الشرطة وسعوا إلى جر الجيش للصدام، رحم الله شهداءنا وألهمنا الصبر، اللعنة على الإرهابيين ومن يساندهم من الداخل والخارج”.

انعكاس إحباط الشباب وزيادة البطالة

وعلقت الإعلامية رانيا بدوي، على مقتل مجموعة من المصريين في ليبيا، قائلة: “إنه لا توجد أي تاكيدات حول أعداد القتلى، فسواء كانوا 16 أو 30 فالحادث مفزع بكل تأكيد”.

وأضافت “بدوي”، خلال تقديم  برنامج “القاهرة اليوم”، أمس الأربعاء، “وزارة الخارجية المصرية حذرت مرارا كثيرة عن مخاطر الهجرة غير الشرعية وإلى لبيبا تحديدا، ما حدث في ليبيا يعكس أن الناس مش عايزة تسمع تحذيرات الخارجية وبيستغلوا حاجة الناس للأموال وبتستغل حلم الشباب في السفر ولا يعلم ماذا ينتظره وهذا يعني أن لدينا تجار بشر لا رحمة في قلوبهم ولدينا شباب غير واعي بيرمي بنفسه في التهلكة”.

وأضافت “بدوي”، “حادث ليبيا انعكاس لإحباط فئة من الشباب وزيادة معدلات البطالة في مصر وأصبح هناك شابًا مستعدًا أن يرمي بنفسه في التهلكة في سبيل لقمة العيش، ولا أعفي السلطة والحكومة من المسؤولية، فلماذا يذهب الشباب للعمل في ليبيا ومستعد أن يرمي بنفسه في خضن المليشيات هناك ولا يريد أن يعمر سيناء أو وادي النطرون أو أن يعمل في أي مشروع تنموي في مصر؟”.

وأكدت “بدوي” على أهمية دور الأزهر والكنيسة؛ حيث قالت: “أحمل المسؤولية للأزهر والكنيسة لأن عليهم دور كبير في توعية الشباب اللي بترمي نفسها في التهلكة وده حرام شرعا”.

واستطردت: “لدينا محافظات هي الأكثر تصديرا للهجرة غير الشرعية معمول عليها دراسات طلعوا الدرسات من الأدراج، لو وضعت الحكومة على أجندتها الاقتصادية مساعدة هذه المحافظات وتقليل نسبة البطالة فيها سوف تختفي مشكلة الهجرة غير الشرعية”.

وانهار الإعلامي محمد الغيطي بالبكاء على الهواء، بعد إعلان مقتل 16 مواطنا مصريا في ليبيا في مدينة بني وليد الليبية، معلقًا: “تم قتلهم بدم بارد عن طريق وابل من النيران وهم عزل من السلاح”.

وتابع “الغيطي” خلال برنامج “صح النوم” المذاع على قناة “ltc”: “دول ضحايا البحث عن لقمة العيش، وضحية الحكومات المتعاقبة، ليبيا مفيش فيها دولة امنعوهم من السفر تسيبوا لحمنا ليه يروح رخيص، حرام 16 واحد يموتوا بدم بارد، وهم عزل”.