«أود أن أؤكد مرة أخرى أن هذه مقالات أكتبها لمن يريدون الفهم أما الذين يريدون أن يعيشوا في الوهم والغشاوة فهؤلاء لا يهمني أمرهم ولا أكتب لهم وليقولوا ما يشاؤون عني فأنا لا أبغي إلا وجه الله والنصح للأمة فإن أصبت فمن الله وإن أخطأت فمن نفسي وهنا لا أتناول النوايا والضمائر فكلٌّ حسابه على الله ولكني أتناول أحداثا ووقائع جرت على أيدي أناس غير أكفاء تصدوا لمسؤولية ليسوا أهلا لها فأوصلوا مصر وشعبها وثورتها والأمة كلها إلى ما وصلت إليه ويؤسفني أن هذه أحداث يهرب كثيرون من تناولها أو دراستها أو محاسبة المسؤولين عنها إما جهلا أو نفاقا أو نتاج تربية تنظيمية فاسدة»
في شهر ديسمبر من العام 2012 وبعد الانقلاب الفعلي الذي قام به السيسي على الرئيس محمد مرسي حينما دعا القوى السياسية للاجتماع في وزارة الدفاع دون علم مرسي، شك بعض المحيطين بمرسي أن هناك أجهزة تنصت في مكتبه في القصر الجمهوري، فاقترح أحدهم أن يتم استدعاء شركة خاصة لفحص المكتب وكانت المفاجأة اكتشاف وجود أجهزة تنصت في كل ركن من أركان المكتب وهذا يعني أن كل ما يجري في مكتب مرسي ينقل إلى الجهة التي زرعت أجهزة التنصت وهم الذين قاموا بالانقلاب على الثورة ومرسي بعد أكثر من ستة أشهر من هذه الحادثة.
ما هو توقعكم لرد فعل مرسي إزاء هذه الجريمة التي لو وقعت مع أي رئيس يدرك أنه جاء بخيار شعبي وأنه ممثل لشعب قام بثورة لأقام الدنيا ولم يقعدها ولخرج إلى شعبه الذي انتخبه ليخبره بما يجري ويحتمي فيه ويبدأ في اتخاذ قرارات تنظيف وتصفية ومحاكمات لمن انتهكوا حرمة الحاكم الذي اختاره الشعب وارجعوا إلى الخطوات التي قام بها أردوغان حينما اكتشف وجود أجهزة تنصت في منزله في العام 2013 وماذا فعل، لكن مرسي اتخذ قرارا سبب به صدمة لكل من حوله إذ قال لهم: لا تخبروا أحدا واطلبوا من الشركة الخاصة أن تنظف المكتب من كل أجهزة التنصت، ورتبوا معهم أن يأتوا كل عدة أسابيع لفحص المكتب ونزع أجهزة التنصت إن زرعت مرة أخرى، رفض مرسي أن يفتح أي تحقيق في الأمر أو يحيل أيا من موظفي القصر أو ضباط الحرس الجمهوري المسؤولين عن تأمينه للتحقيق أو المحاكمة أو الإيقاف أو حتى فتح الأمر معهم ولم يتخذ أي إجراء يحفظ به هيبة الدولة التي يمثلها والشعب الذي اختاره والثورة التي قامت للقضاء على هؤلاء الفاسدين الذين تركهم حوله كما هم لم يغير منهم أحدا معتقدا أن الثورة يمكن أن تتعايش مع من قامت ضدهم أو أنها قامت حتى تأتي به فقط ليجلس على كرسي لم يعرف له قيمة، ومنصب لم يحلم به يوما ولم يعد نفسه ساعة ليتبوأه، وظل يعيش وهو رئيس للجمهورية داخل صندوق التنظيم والجماعة ولم يخرج إلى فضاء الوطن والشعب والأمة.