شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مبادرة واشنطن..محاولة جديدة لتعويم الانقلاب وعلمنة الإخوان – أحمد نصار

مبادرة واشنطن..محاولة جديدة لتعويم الانقلاب وعلمنة الإخوان – أحمد نصار
(السياسة هي المقدرة على التفريق بين العدو والصديق) الفيلسوف الألماني كارل شميت

(السياسة هي المقدرة على التفريق بين العدو والصديق) الفيلسوف الألماني كارل شميت
***
1- الفارق بين انقلاب السيسي وانقلاب عبد الناصر 
قبل أن نتحدث عن المبادرات التي تطرح كل شهر تقريبا على الإخوان، وآخرها مبادرة واشنطن، والتي تعتبر إحياء لوثيقة العشرة، التي ولدت ميتة هي الأخرى منذ فترة، أريد أن أتحدث قليلا عن الفارق بين السيسي وعبد الناصر حتى يفهم البعض لماذا لن يكون السيسي عبد الناصر آخر، ولن يستمر حكم العسكر – إن شاء الله- ستين عاما أخرى؟؟

انقلاب السيسي يختلف تماما عن انقلاب 54. عبد الناصر كان متمكنا مهيمنا مسيطرا على الأمن والاقتصاد والاعلام. ورث عبد الناصر دولة غنية، الجنيه فيها أغلى من الجنيه الذهب، ومات والجنيه أقوى من الدولار. أخذ ناصر من الإقطاعيين وأعطى بعض الفقراء، فسجدوا له وصنعوا له أصناما!

تخلص عبد الناصر من كل خصومه، وتخلص كذلك حتى من شركائه في ثورة يوليو، الرافضين للحكم العسكري، وغير الواعين بعلاقته الخفية بالأمريكان (هذا غير الخصوم السياسيين مثل الإخوان والوفد والشيوعيين)

حكم عبد الناصر وماسبيرو هو المصدر الوحيد للمعلومة. ولم ينكشف كذبه إلا بعد 15 عاما من حكمه، حين قال إعلامه أننا دخلنا تل أبيب وأسقطنا 400 طائرة للعدو، ورقص أعضاء مجلس الشعب في قلب مجلس الشعب (الأمة) فرحا ببيانات أحمد سعيد الكاذبة (أحمد موسى بتاع عبد الناصر) بينما العلم الإسرائيلي مرفوع على الضفة الشرقية للقناة!

كل العوامل السابقة لا تتوافر للسيسي؛ فلقد ورث اقتصادا مأزوما، وعملة منهارة فزادها انهيارا. وأتى على خلفية انقلاب عسكري مفضوح، وليس على خلفية ثورة رفعت شعار محاربة الاستعمار وأعوانه وخدعت غالبية الشعب لسنوات.

والسيسي يواجه نوعا من الإعلام الجديد لم يكن معروفا من قبل، تمكن من كسر احتكار النظام للمعلومة، وجعل أكاذيب النظام مفضوحة على كل هاتف محمول، وفتح مساحة للسخرية من النظام ورموزه، لم تكن متاحة من قبل.

وفوق كل هذا فلقد فشل الانقلاب في التحول من انقلاب عسكري إلى انقلاب دستوري. ورغم التغاضي الغربي عن أخطائه والتواطؤ في خطاياه، فلقد انهارت شعبية السيسي سريعا، وظهرت حقيقته كقائد عسكري خائن منقلب، لمن يهتم بالسياسة أولا، وكمتسبب في أصعب أيام مرت على المصريين، لمن يهتم بالاقتصاد أولا.

***

2- متى يرضى الغرب عن الإخوان؟

ولقد فهم الغرب تماما أن استمرار السيسي على هذا النحو، وخاصة مع تراجع المساعدات الخليجة، يعني إما انهيار أو انفجار، وهذا أمر في غاية الخطورة بالنسبة إليهم لأسباب كثيرة، ولا يستفيد منه إلى الإخوان المسلمين بشكل رئيسي.

لكن في المقابل الغرب يعي تماما أنه لا يوجد بديل للسيسي إلا الإخوان! وعودة الشرعية وكسر الانقلاب يعني خسارة كبيرة لهم!

التوجه الغربي – والذي رشح في تقرير الايكونوميست – يقضي بإعلان السيسي عدم ترشحه في الانتخابات القالدمة في 2018، وأن يأتي رئيس من المرضي عنهم أميركيا، يفتح صفحة جديدة مع الإخوان، على غرار ما فعل السادات معهم في 1974. ويكون وقتها قد مضى على الانقلاب 5 سنوات، ومر على حكم مصر 3 رؤساء (عدلي والسيسي والجديد) ، وتفرقت قضية الشرعية بين القبائل!

وحتى يتحقق ذلك تأتي المباردات إلى الإخوان، المبادرة تلو المبادرة، مرة من سعد الدين إبراهيم، ومرة وثيقة العشرة، ومرة من العجاتي وزير السيسي للشؤون القانونية، وأخيرا مبادرة واشنطن، وكلها من نفس العينة، أو كما يقول المثل الأمريكي More of the same، كلها تعرض على الإخوان المشاركة في الحياة السياسية ضمن الخطوط الحمراء والحدود الأميركية الموضوعة، مقابل التخلي ليس فقط عن قضية الشرعية ، بل وعن فكرة شمولية الإسلام (الإسلام دين ودولة)، – وهوة درة الأطروحة الفكرية لحسن البنا – والاختيار بين التحول إما إلى حزب سياسي أو إلى جمعية خيرية لا علاقة لها بالسياسة، وهو ما يعني احتواء الإخوان، وعلمنتهم!

ولقد عرض الغرب الأمر على إخوان تونس ونجحوا، وعلى إخوان اليمن ونجحوا، مما شجعهم على تكرار عرض الأمر على إخوان مصر، مستغلين حالة الانقسام التي يعيشونها، وحالة “الزهق” التي بدأت تصيب قطاع من أنصار الشرعية، واقتناع فريق من الإخوان بالفعل بفكرة الفصل عن الدعوي والسياسي، أو ما يصفهم البعض بالليبرو-إسلامية!

***

3- مبادرة واشنطن: محاولة لتعويم الانقلاب وعلمنة الإخوان:

ولا أدري بأي صفة جلس “أنصار الشرعية” مع شركاء الانقلاب في واشنطن؟؟ لم اجتمعوا معهم وكأنهم أعضاء لجنة تأسيسية لوضع الدستور ستعرض مسودتها على الشعب؟؟

ما قيمة ما يتفق عليه هؤلاء – إذا اتفقوا؟؟ وهل سيلزم ذلك الجيش أو السيسي على التحرك لمجرد أن المجتمعين هناك قد اتفقوا؟؟ أم أن أميركا ضمنت لهم إحداث تغيير في المشهد، إذا دفعوا الثمن المناسب، وهو القبول بفصل الدعوي عن السياسي، والتنازل تماما عن قضية عودة الشرعية.

ليس الاعتراض فقط على بند في المبادرة أو بندين، بل هو اعتراض من حيث المبدأ على الجلوس مع هؤلاء الانمقلابيين، الذين ترغب أميركا بشتى الطرق في غسل أيديهم من انقلاب السيسي، وإعادة انتاجهم من جديد في ثوب ثوار، وبكل أسف فإن جلوسنا معهم للتحاور – قبل اعتذارهم عن المشاركة في الانقلاب، وإعلان تمسكهم بعودة الشرعية التي خانوها – هو تنفيذ لهذا المخطط الأميركي!

ومع ذلك؛ فقد خرجت تصريحات العلمانيين الانقلابيين بعد اللقاء في غاية التعالي والصفاقة، مدعين أن ممثلي حزب الحرية والعدالة قالوا مرارا وتكرارا أنهم لا يمكنهم تسويق فكرة فصل الدين عن الدولة لأنصارهم.

وأنا اقول لهؤلاء جميعا – إذا صحت هذه التصريحات – أنهم ليسوا بحاجة إلى تسويق العلمانية للإخوان، لأنهم لن يقبلوا بذلك مهما حدث. فعليهم أن يستريحوا ويريحوا، وأن يكونوا بشجاعة حركة النهضة في تونس أو حزب الإصلاح في اليمن، ويعلنوا عن أفكارهم العلمانية صراحة، وأن يخرجوا بكرامتهم من الإخوان، كما قطعت حركة النهضة علاقتها بالإخوان، فهذا أفضل لهم ألف مرة من تمثيل جماعة غير مقتنعين بأهم مبادئها الفكرية، وهو أن الإسلام نظام شامل يشمل كل مظاهر الحياة.

أقصى ما يستطيع الإخوان فعله، رغم كل ما تعرضوا له، أن يعلنوا التزامهم التام بمبدأهم الأصيل بعدم فرض رأيهم على الشعب بالقوة، وأنهم يختارون التدرج السلمي لإقناع غالبية المصريين بأفكارهم. لكن التخلي عن أفكارهم ليرضى الغرب عنهم، فلا يملك أحد من الإخوان ذلك!

لقد تعلم الإخوان من درس مظاهرة عابدين 1954، ورفضوا الانسحاب من المواجهة، لمنع تحول الانقلاب العسكري إلى انقلاب دستوري، ودفعوا ثمن ذلك قتلا وتهجيرا واعتقالا.

السيسي يدمر نفسه الآن، ومن الغباء أن تقاطع عدوك وهو يدمر نفسه، أو أن تقدم لهم بديلا من السماء، سيعجحز عن إيجاده دون موافقتك أو شرعنتك للأمر! فلم نقدم تنازلات مجانية، في الأصول لا في الفروع، مقابل بعض العلمانيين المشاركين في الانقلاب؟؟

***

(ملاحظة: لسنا مدمني رفض المبادرات التي يعرضها العلمانيون، وهذا تصور لشكل الدولة بعد سقوط الانقلاب بعنون الجمهورية الرابعة) 
https://goo.gl/3AdJCo
وهناك تصورات غيره كثير. لكن العلمانيون مصرون على علمنة الإخوان وعلمنة الدولة والتخلي عن الشرعية وهو ما رفضناه سابقا وسنرفضه دائما..



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023